نقلا عن الزميلة هسبريس – الشيخ اليوسي –

تحدث عدد من الفاعلين والباحثين عن مسألة تدبير الاختلاف وبناء الائتلاف، وذلك في الجلسة الافتتاحية للدورة الأولى لجامعة مغارب، المنعقدة في الرباط على مدى ثلاثة أيام، والتي تتناول واقع الدول العربية وسبل خروجها من الوضعية المزرية التي تعيشها.

وقال عبد الله بوصوف، الأمين العام لمجلس الجالية المغربية المقيمة بالخارج، إن مسألة تدبير الاختلاف تعتبر من المواضيع المهمة والأساسية، بالنظر إلى أنه من مواضيع العصر، وحالة التناحر التي يعرفها العالم، ما يدعو إلى النظر بشكل أكبر في هذا الموضوع، خاصة وأن الوضع “مقلق” في عدد من البلدان التي استسلمت للتناحر، يقول بوصوف.

واستحوذ مفهوم “التاريخ” على جزء كبير من النقاش خلال الجلسة الافتتاحية التي حضرها عدد من الباحثين والفاعلين؛ حيث قال الأمين العام لمجلس الجالية المغربية المقيمة بالخارج إن دراسة التاريخ لا تكون من أجل المتعة الفكرية فقط، بل من أجل فهم القوانين التي تحكم الزمن وقواميسه، وذلك من أجل بناء مستقبل تغيب فيه الصراعات.

بوصوف أورد أن ما نعيشه حاليا هو “صدام جهالات”، كما أن عدم التفاهم يعود إلى “عدم فهمنا لبعضنا البعض”، فيما شدد على أن الهجرة تعتبر إحدى العناصر الأساسية لبناء التعارف بين الإنسان، “فعندما نهاجر، نهاجر من أجل الاستكشاف. وهذه الرحلة التي نقوم بها من مكان يحمل خصوصيات إلى مكان آخر يحمل خصوصيات، تعطينا السر من أجل بناء المشترك الإنساني دون أن التنازل عن شيء أو رفض أشياء أخرى”.

 

وتابع المتحدث ذاته أن الهجرة تعتبر عاملا للتعرف على الآخر ونقل المعرفة، وساهمت في التقارب بين الثقافات والأديان والشعوب، والهجرة المعاصرة أعطت فرصة للاحتكاك المباشر، وهذا ما ولد المرحلة الحالية المتسمة بالكثير من التوترات، يضيف بوصوف.

“كنت أتمنى أن تحدث مراكز البحوث لفهم الظاهرة الإسلامية عِوَض أن تخصص المراكز لمحاربة التطرّف”، يقول عبد الله بوصوف الذي أوضح أن الغرب قرأ العالم الإسلامي انطلاقا من تجربته التاريخية مع الكاثوليكية وأسقطها على الإسلام، كما لعبت قضية المركزية دورا كبيرا، مبديا رفضه لهذا الإسقاط بالنظر إلى اختلاف السياقات.

ونهل الباحث المغربي خالد حاجي من المعجم الديني خلال حديثه عن الاختلاف؛ حيث قال إن العالم العربي يتحسر بحكم الأوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية المختلة التي تدعو إلى “الشفقة”، داعيا إلى التأمل في هذه الأوضاع وطرح السؤال حول كيفية تدبير هذا الاختلاف.

وفي الوقت الذي أكد فيه أن للدين دورا كبيرا في تدبير الاختلاف مستشهدا بالآية القرآنية القائلة: “واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا واذكروا نعمة الله عليكم”، قال خالد حاجي إن “الاختلاف في القلوب نعمة ربانية تستحق الشكر والتأمل”.

حاجي أضاف: “في المرحلة التأسيسية له، كان الفضاء العام الإسلامي يقوم على اختلاف حسن العبادة خلال الوقوف للصلاة مثلا، لكن بعد ذلك وقعت مجموعة من المتغيرات وظهرت مصطلحات جديدة مثل الخوارج”، ليتم بعد ذلك الدخول في مرحلة جديدة من مراحل تدبير الاختلاف وإفراز ثنائية الداخل والخارج، وهي ثنائية جغرافية بالأساس، وبعدها تم الدخول إلى مرحلة التدافع وخلق نوع من الإقصاء، “الشيء الذي أنتج فيما بعد منظومة علمية شرعية تعين مواطن الفصل بين المقبول في الاختلاف وبين المرفوض تحت سقف الدين الإسلامي”.