تعتقد اسبانيا أن تعرضها لعمليات إرهابية على شاكلة باريس أو بروكسيل سيكون أهون من  تعرض أمن المغرب الى حالة من اللاستقرار قد يكون وبالا عليها. هذا هو التصور الذي يسود وسط الأجهزة الاستخباراتية والأمنية والسياسية في هذا البلد الأوروبي بل ويسود في عدد من دول أوروبا.

في هذا الصدد، نقلت جريدة آ بي سي المحافظة والمعروفة بمصادرها الأمنية منذ أيام تصريحات عن مسؤول  أمني لم يكشف عن هويته قوله أن “خطر الحركات الجهادية ضد الأمن القومي الإسباني لا يوجد داخل حدود اسبانيا بل يوجد خارج الحدود وبالضبط في المغرب”.

ويتابع موضحا “حسب معطيات الأجهزة الإسبانية المكلفة بمحاربة الإرهاب، فقد عاد من سوريا والعراق الى المغرب قرابة 200 مقاتل متطرف بعدما كانوا تحت أوامر تنظيم داعش، ويشكل هؤلاء المقاتلون مصدر قلق كبير بسبب الروابط التي لهم في سبتة ومليلية والأندلس”.

وفي تقييمه لهذا الخطر، يقول “بالنسبة لإسبانيا، ومن الناحية الإستراتيجية الأمنية، سيكون أسوأ وأكثر ضررا لنا حالة اللاستقرار في المغرب منها من تعرض اسبانيا لعمل إرهابي على شاكلة باريس أو بروكسيل”، في إشارة الى العمليات الإرهابية التي تعرض لها باريس خلال نوفمبر الماضي وبروكسيل منذ شهرين.

ويضع ما يجري في ليبيا من توتر أمني وسياسي وظهور حركات متطرفة مرتبطة بداعش في المركز الثاني بعد المخاطر التي قد تأتي من المغرب.

وتعتبر تصريحات هذا المسؤول الأمني مثيرة للغاية من الناحية الأمنية. وهكذا، رغم الاستقرار الأمني الذي يعيشه المغرب، فهو يستمر بالنسبة لإسبانيا بل ولعدد من الدول الأوروبية مصدرا للخطر بحكم ارتفاع التطرف في صفوف الجالية المغربية ووجود مقاتلين مع العراق وسوريا وليبيا ثم تورط المتطرفين المغاربة في أغلب الاعتداءات التي شهدتها دول أوروبية وعلى رأسها باريس وبروكسيل.

في الوقت ذاته، أغلب الكوماندوهات والمتطرفين المعتقلين في اسبانيا هم من جنسية مغربية وآخرهم تفكيك خلية متطرفة الثلاثاء من الأسبوع الماضي. كما أن المغرب فكك عشرات الخلايا الإرهابية في مجموع خريطة الوطن كانت تستهدف أماكن رئيسية وأخرى ثانوية.

ويبقى التساؤل العريض هو حديث هذا المسؤول الأمني عن تسلل مائتي مقاتل متطرف من سوريا والعراق الى المغرب مؤخرا، الى مستوى تخوف سلطات مدريد الأمنية من تهديدهم الأمني القومي المغربي وما قد يترتب عنه من تأثير سلبي على اسبانيا. وغرابة هذا التصريح أن المغرب اعتاد اعتقال كل من اشتبه فيه، وعليه أيعقل أنه لم يبالي ب 200 متطرف دفعة واحدة.

ورغم خطورة هذه التصريحات، لم يصدر عن المغرب الرسمي أي نفي أو تأكيد، خاصة وأن الخبر منشور في جريدة مقربة من الدوائر الأمنية والعسكرية في اسبانيا. علاوة على هذا يحرص المسؤولون الإسبان على عدم الإدلاء بتصريحات توحي بالقلق الأمني من المغرب لاسميا في ظل التعاون الأمني الوثيق بين البلدين.

ويعتبر هذا التعاون الأعلى والأوثق بين المغرب ودولة أوروبية بل ويتجاوز حتى مستوى التعاون مع شريك كلاسيكي للمغرب الذي هو فرنسا. ومن ضمن مظاهر هذا التعاون أن افراد من الأمن والاستخبارات المغربية يشاركون في عمليات اعتقال لمتطرفين في اسبانيا، كما يشارك اسبان في عمليات أمنية في المغرب