مؤسسة الجسر- وارخم/بلجيكا

 

بحضور المجلس الأوروبي للعلماء المغاربة نظمت مؤسسة الجسر يوم السبت 12 مارس 2016 ندوة علمية تحت عنوان: دور المؤسسات الدينية الإسلامية في مواجهة ظاهرة التطرف، وذلك بتعاون مع مجموعة من المساجد والجمعيات على مستوى مدينة وارخم والنواحي في منطقة الفلاندر الغربية ببلجيكا، كمسجد الأزهر بمدينة وارخم، ومسجد النور بمدينة روسلار، ومؤسسة دار السلام، وجمعية إقرأ، وجمعية الشباب والتعددية. وقد شارك في هذه الندوة العلمية التي تابعها حضور مهم، كل من فضيلة الشيخ الطاهر التجكاني رئيس المجلس الأوروبي للعلماء المغاربة، الخبير خالد حاجي الكاتب العام للمجلس الأوروبي للعلماء المغاربة، الباحث التجاني بولعوالي، والفاعل التربوي محمد المنصوري، وقد أشرف على تأطير هذا اللقاء العلمي الأستاذ محمد علي مختارمنو.

بعد افتتاح أشغال هذه الندوة بآيات من الذكر الحكيم وكلمات المؤسسات المنظمة، انطلق المتحدثون في بسط الحديث حول مختلف جوانب ظاهرة التطرف، كالمصطلح والرؤية والاستراتيجية والبدائل المطروحة لتفكيكها والحد منها.

بدأ فضيلة الشيخ الطاهر التجكاني بالتطرق إلى وسطية الإسلام التي ترفض أي شكل من أشكال الغلو والتطرف، وقد تعرض بشرح الكثير من المباديء الجوهرية التي ينبني عليها الدين الإسلامي في تعامله مع غير المسلمين، وهو تعامل يتسم بالإيخاء والتسامح والحوار بالتي هي أحسن. كما أنه أشار إلى أن التربية المتوازنة هي الأساس الذي يمكن أن ننطلق منه في إعداد أجيال مستقبلية غير مهددة بالتطرف.

بعد ذلك اعتبر الخبير خالد حاجي أننا نعيش اليوم في مرحلة العولمة، حيث تنتفي الحدود بين الدول، فالإنسان يمكن له أن يتحرك بشكل سريع ومواتِ عبر العالم، مما يفسح المجال لانتشار الأفكار والإيديولوجيات التي قد تغزو المسلمين، ولكن في الوقت نفسه نرى أن الكثير من العادات والتقاليد الإسلامية والمغربية بدورها أصبحت اليوم تنتشر في الغرب. ثم إن وجود المسلمين في الغرب أصبح أمرا واقعا، حيث يشكل المسلمون مكونا أساسيا من هذا الواقع، لذلك فإن العيش في الغرب بالجسد فقط، على أن تبقى الروح متعلقة بالأوطان الأصلية، ينتج عنه خلل في واقع المسلمين وطبيعة حضورهم في الغرب. كما أنه اعتبر العلم أهم آلية لتأهيل المجتمع الإسلامي في الغرب، لا سيما عبر الاستفادة من الفرص التي يتيحها الواقع الغربي للمسلمين، خصوصا في مجال التعليم والمعرفة.

في حين اعتبر الباحث التجاني بولعوالي أن المشهد الإعلامي والفكري في الغرب يشهد معركة المصطلحات، حيث يتم الخلط اللا علمي بين مصطلحات متباينة دون التمييز بين معانيها المختلفة، كمصطلحات الأصولية والأرثودوكسية والراديكالية والتطرف والإرهاب. ثم إنه اعتبر الاستراتيجيات سواء الأكاديمية أم الرسمية المعتمدة في الغرب لحل إشكالية التطرف تنطوي على خلل عميق، وذلك لأنها أولا صادرة عن ما يسميه الباحث الخارج الإسلامي، لا الداخل أو الذات الإسلامية، فالمسلمون اليوم في حاجة إلى استراتيجيات تنبثق من واقعهم الخاص وتستوعب مشاكلهم الداخلية والبينية، لا إلى استراتيجيات تملى عليهم من الآخر. ثم إن الاستراتيجيات المعتمدة من الغرب عادة ما تركز على المقاربة الأمنية الوقائية، في حين أن واقع المسلمين يقتضي مقاربة شمولية تأخذ مختلف الأبعاد التربوية والأخلاقية والاجتماعية والسياسية والاقتصادية بعين الاعتبار.

أما الفاعل التربوي محمد المنصوري، فقد انطلق من تجربته كرجل تعليم، وكذلك من تجربة مؤسسة الجسر التي يديرها، وهو يؤكد أن الأجيال الصاعدة أصبحت تشكل اليوم جزءا لا يتجزأ من الغرب، وأنه ينبغي لها أن تنخرط في الواقع الغربي دون الخوف منه، فهو واقعها الحقيقي، كما أنه دعا إلى الاستفادة من الإمكانيات المتنوعة التي يتيحها المجتمع البلجيكي قصد الرقي بواقع المسلمين.

وفي الأخير تم فسح المجال للحضور الكبير الذي أغنى هذه الندوة العلمية بأسئلة عميقة وملاحظات ثاقبة، جعلت من هذا اللقاء مناسبة وازنة بامتياز، لا سيما على مستوى منطقة الفلاندر التي تقطنها شريحة مغربية وإسلامية مهمة.

ندوة1

ندوة3