بقلم الأستاذة مارية الشرقاوي

قصة سعاد هاته ليست كالقصة التي قرأناها ونحن أطفال صغار،والتي مرت أحداثها في الغابة بين منزل الجدة والأم ،للأسف قصة سعاد وقعت في عالمنا الافتراضي، و الذي من المفروض أن يكون عالما لتبادل المعلومات والأفكار ،والدفع بمجتمعاتنا الإسلامية والعربية إلى السير قدما نحو التقدم والازدهار وتحقيق العدالة الاجتماعية التي نفتقدها .

سعاد شابة بريئة ،تبلغ من العمر28 سنة ،  لم تلطخها الحياة  التي عفنتها أيادي سوداء تبت سما أخلاقيا بشبابنا ،عاشت في كنف أمها ، تربت على الأخلاق والمبادئ ،فكانت تلك الشابة الخلوقة وهبت حياتها للدراسة والبحث ، نبض قلبها مرة واحدة لشاب قدرها وأرادها زوجة له ، فعاشت معه حبا عذريا على أمل الزواج ،لكن تشاء الأقدار أن لا يكون حبيبها من نصيبها ،لرفض أمها هدا الزوج قائلة لها : بنيتي أنت أجمل وأعقل بناتي ،مستقبلك مفتوح على مصراعيه، أريد لك زوجا له قيمة في المجتمع ، أريد أن أراك اسعد نساء العالم ، ولحب سعاد لأمها عدلت عن فكرة الزواج بحبيبها ، فتمر الأيام والسنون ويستجيب المولى عز وجل لحلم أمها فتصبح سعاد سيدة مجتمع مثقفة،تعيش عيشة ميسورة ، طلباتها أوامر.

تحكي سعاد ، أنه في إحدى الليالي المشئومة وهي تنظر في صفحتها على الموقع الاجتماعي ، قرأت رسالة مكتوب فيها : مرحبا بك في الولايات المتحدة الأمريكية ، دخلت نافدة الرسائل فوجدت أن المرسل لم تكن هاته رسالته الأولى بل أرسل قبلا العديد ، فأجابته بكل أدب واحترام شكرا على الدعوة ، ويبدأ الشخص المجهول (لأن سعاد رفضت ذكر اسمه )، يحكي لها عن قصته التي تجعل كل مغربي حر يتعاطف معه ، ويقول في قصته : أنا شاب حاصل على الإجازة في القانون الخاص ، وبلدي لم ينصفني مع أنني اعشقه حتى الموت ، لم أجد عملا فهاجرت إلى أمريكا ، وأعاني هنا من الغربة …………….الخ

استمعت إليه سعاد بكل تعاطف ، ذرفت عيناها متأثرة بقصته ، تقول سعاد لم أتواصل مع شخص قبلا ، لم أعرف كيف حدث لي هدا ، شعرت بشيء اتجاه هدا الشاب ، لكن قلت في قرارة  نفسي انه تعاطف مع شبابنا الضائع في هدا البلد لا أقل ولا أكثر ، وانتهى حوارنا على أساس أنني أخت له بالمغرب مستعدة للاستماع إليه كلما ضاقت به الدنيا بما رحبت. وهكذا استمرت العلاقة بين سعاد والذئب ، دخلت سعاد صفحته لتتعرف عليه أكثر ، فوجدت بأنه شاب متدين صفحته مليئة بالأحاديث النبوية ، وبمنشورات تحث على الأخلاق النبيلة ، مما شجعها على الحديث معه كلما دخل عندها وأراد الحديث إليها ، قالت لي سعاد وعيناها مثل الجمر من شدة احمرارها : في إحدى الليالي باح لي بحبه ، فشعرت كأن قلبي توقف عن النبضان ، كيف يحبني وهو متزوج ؟ كيف يحدثني عن الحب وهو الرجل المتدين؟ تضاربت في رأسي العديد من الأسئلة ، لكن السؤال الأهم و المهم هو: ماهو إحساسي أنا اتجاهه ؟ شاب وسيم ،متدين ،خلوق ، اجتمعت فيه أوصاف شتى تجعل كل امرأة تستجيب له ، تكمل سعاد حديثها وهي تتنهد بعمق وتقول : يا ليثني ما أجبته ، يا ليت الأيام تعود بي إلى الوراء فأنام تلك الليلة نوم الفيلة حتى لا أجيبه ، تعلقت به ، أحببته ، ضرب على أوثار أنوثتي التي وضعتها في مجمد مند أن رفضت أمي تزويجي بحبيب عمري .

فجأة ، احمرت وجنتا سعاد ، وذرفت دموع غزيرة من عينيها وقالت لي بصوت فيه حدة :

تصوري أستاذة مارية ، من يكون هدا الشاب ؟ انه ذئب في صورة إنسان ، عندما تأكد من حبي وشدة ارتباطي به ، طلب مني أن أمارس معه الجنس عبر الهاتف ،وأرسل له صوري لأبرز له مفاتني ، لكني رفضت بشدة ، حينها بعث لي صور نساء عاريات ، الجميلة والقبيحة ، القاصر و البالغ ، لأصادف ضمن هاته الصور صديقات لي من العالم الواقعي ومن العالم الافتراضي ، اكتشفت أن شغله الشاغل اقتناص نساء الفايسبوك ، ليسهر معهن الليالي إشباعا لهوسه الجنسي ، انه أستاذة مارية  ذئب يتربص بالنساء ،هنا وقفت مع نفسي وقررت الابتعاد عنه إلا انه لم ييأس بل سهر الليالي باكيا إياي، وقال بأنني حالة خاصة في حياته ، وأنه تاب على يدي .لكن هيهات أن يصبح الذئب حملا وديعا في يوم من الأيام أستاذتي.

وتنهي سعاد سردها لقصتها والذئب قائلة :

 أردت أن احكي لك قصتي هاته لتنشريها ، كما نشرت سابقا قصة خديجة في بلاد المهجر ،حتى تحذر النساء والفتيات من هدا الذئب ،و الذي ربما منه العشرات يستعملن الفايسبوك وسيلة لمطاردة فرائسهم.

أنهت سعاد قصتها ، لكن شعرت من خلال حديثها أنها شابة محطمة الفؤاد ، تحسرت فعلا واعتصرني حزن عميق ،وتساءلت في أعماقي :

* لمادا أصبحت العواطف والأحاسيس الصادقة سلع رخيصة في زماننا هدا؟

* لمادا لا يختار الذئاب طرا ئدهن  ممن هن من فصيلتهم؟

*لمادا حاد الفايسبوك عن جادة الطريق فأصبح يستعمل لأغراض دنيئة؟