مزايا الموقع الاجتماعي الغني عن التعريف – فايس بوك – كثيرة – في مقدمهتا التواصل الكوني الغير المحدود , ثم الحرية في التعبير والنشر وكذا التعليقات و التعقيبات وتوابعها
بالنسة للتواصل الكوني يمكن حذف الشخص الغير المرغوب فيه في أي وقت , كما يمكن قبول كل من يرغب في الالتحاق بحساب صفحة الشخص أنا كان .
أما حرية التعبير, فرغم أن هذه التقنية الجديدة أتاحت الفرصة لنشر الوعي والثقافة والاخبار المفيدة , اٍلا أنها لم تستغل بالشكل الجيد وذالك لما لحق برواد هذه المواقع من سلوكات مجانبة للصواب ومخالفة لما اعتاد عليه البشر فيما سبق , وهو الامر الذي فتح الباب على مصراعيه للجري وراء الشهرة والسبق والانفراد والتألق والتميز من خلال نشر أخبار غريبة أو ترفيهية ,أو مضحكة , أو غير مألوفة , أو فريدة , أو حساسة , أو صور رقمية لها نفس الاهداف السالفة الذكر, أو مسابقات تنم عن تخلف ثقافي , أو عادات جديدة , أو نمط حياتي من السلف الصالح ,أو صور مأخوذة بالهاتف النقال , أو أخبار تهم الجانب الاجتماعي الشخصي الضيق .
قلائل هم الرواد الذين يهتمون بالثقافة الصرفة في الموقع الاجتماعي – فايس بوك – وذالك لاسباب تقنية تهم بالاساس الجيل الاول الذي أدركته الشبكة العنكبوتية وهو على قيد الحياة , اٍذ لم يترعرع ولم يستوعب أبجديات استعمال الحاسوب والمواقع الاجتماعية بصفة عامة , وهو الامر في حد ذاته الذي قلل من الطرق النمودجية ومنهجية استعمال المواقع بشكل مثمر ومجدي وعقلاني وصحيح , بعيدا عن كل الاغراءات التي تقترحها , بل تفرضها العولمة من خلال الوسائط المتعددة في غياب المستشارين الثقافيين , والفاعلين المهتمين الذين ينصبون أنفسهم كطرف مدني في قضايا اجتماعية .
الارتسامات والتعليقات والردود تبقى رهينة المواضيع , حيث يكون الرد قويا على كل ما هو مضحك ومميع وترفيهي وليس تأملي أو أدبي أو اجتماعي , أو ثقافي او سياسي , أو اقتصادي .
نشر مسابقات وصور وكاريكاتورات و… تدخل ايضا في باب حرية التعبير والنشر , لكنها مع كامل الاسف تبقى محتوياتها ضيقة جدا , حيث تهتم بالجانب الذي يقنن المقاربات , أو بالجانب الذي يحكي نمط عيش لصاحب الحساب , أفراحه ومسراته , ومصائبه , وأطباق أكله ونومه وعطلته , وهذا النمط هو الاكثر شيوعا بين الشباب والشابات بدون حرج او عناء يذكر .
بعدما تناولنا المزايا , نعرج الان على الخطايا والتي هي عديدة أيضا .
في مقدمة الخطايا تأتي سرقة الحسابات والتلاعبات بمحتوياتها , ويعدو الامر شديد الخطورة , حينما يتم نشر غسيل الشخص المعني على حسابه في غفلة منه . وهناك من يلجئ ايضا الى فتح صفحة لنشر صور لفتيات بعد معالجتها ببرامج الصور سعيا لتدمير سمعتهن واٍحراجهن أمام عائلتهن ومحيطهن الاجتماعي .
وهناك حسابات افتراضية ذات بعد سياسي خالص لدعم نظام معين, أو معاكسة جهة معينة , لكنها في غالب الاحيان لا تلقى النجاح الكبيرمقارنة مع حسابات الفنانات والمشاهير .
السلطات الحكومية في العالم تراقب باستمرار كل ما ينشر ويكتب , بل وتحاول في بعض الاحيان تقمص أشخاص افتراضيين – متعارف عليهم في اوساط الموقع الاجتماعي بكلمة فانتوم أي شبح – اٍما للمراقبة , أو لرد الاعتباروالتصدي , أو للتأثير في المنحى العام من خلال التعليقات والاقتراحات , ورغم ذالك فاٍن المسيرة الكبيرة لحمولة الموقع الاجتماعي – فايس بوك – لا تتأثر بهذه المداخلات .
يظل الادمان على استعمال الموقع الاجتماعي – فايس بوك – هو الصفة الغالبة على معظم رواده في جميع الحالات .
هذا الادمان في حد ذاته هو من أكبر الخطايا ومن أغلب العوامل التي أثرت بشكل مباشر في سلوكات كثير من الشباب , وهو الامر الذي لا يمر ممر الكرام , لان سلبياته احدثت قطيعة بين الشباب وذويهم والمجتمع بصفة عامة
في المنازل وخارجها الشباب يركنون الى زاوية معينة ويربطون الاتصال بحساباتهم الشخصية وينسون العائلة والمجتمع وهو الامر الذي احدث قطيعة كبيرة مع العالم الحقيقي
هذا الانزواء والانكماش و العزلة والوحدانية أضحى اٍدمانا بمعنى الكلمة وخلق متاعب اجتماعية للاباء والاولياء الذين بدؤا يفقدون ابنائهم في وسط مساكنهم فما بالك حينما يكونون بعيدا عن اعينهم .
الادمان على الموقع الاجتماعي – فايس بوك – نتجت عنه مشاكل اجتماعية في البيت والعمل والشارع والمواصلات .
الخطير في هذا الادمان هو مغامرة الرواد بحياتهم أثناء السياقة سواء في المدن , أو القرى, أو الطرق السيارة , أو أماكن العمل ,أوأثناء السفر, أو في قاعة المحاضرات والندوات والمطاعم والحدائق والاسواق , على العموم في جميع الاماكن تقريبا .
النتائج المباشرة لهذا الادمان , حوادث سير أثناء السياقة , طرد من العمل , تشويش على الاخرين , علاوة على فقدان التركيز في كثيرمن الامور الرئيسية .
هذه السلوكات مجتمعة خلقت نوعا جديدا من البشر, ضعيف الشخصية ميال الى الانطواء سلبي تجاه الاعمال الاجتماعية والعمل التطوعي¸قليل التصورات فاقد الانتماء قليل الكلام وابداء الراي , سجين التوجه والرغبة اللذان يفرضان عليه تتبع الاخبار التي تنشر بالموقع الاجتماعي فايس بوك في كل وقت وحين , وفي ذات الوقت يدخل الرواد في عالم افتراضي يعدو فيه غريبا ومغتربا يجمع بين التقنية والانطواء .
المواقع الناجحة على الموقع الاجتماعي فايس بوك هي مواقع لمشاهير الفن والغناء والتي يمكن اعتبارها من الخطايا الاجتماعية التي تترجم بقوة التوجه العام الذي يسيطر على رواد الموقع الاجتماعي – فايس بوك – في حين أن مواقع الهيئات الدولية سواء منها الثقافية أو السياسية , أو الانسانية , أو التربوية , لا تحضى بأي نوع من الاهتمام والمتابعة .
بدون شك قلصت هذه التقنيات الجديدة – المواقع الاجتماعية عامة – من درجة الروابط الاجتماعية بين افراد العائلة وبين مختلف شرائح المجتمع, مع العلم أن التواصل الاجتماعي الشفوي الطبيعي يقوي من تلاحم أفراد المجتمع ويقوي الذاكرة الاجتماعية التي تعتبر المرجعية الكبرى واللبنة الاساسية في تكوين الهوية , علاوة على أمتصاص الغضب الاجتماعي وتجاوز المشاكل النفسية والاجتماعية التي تساهم في توسيع دائرة المعارف بشكل طبيعي .

هذا الارتباط الحميم بال – فايس بوك – يعتبر من أكبر التحولات في القرن الواحد والعشرين على مستوى العالم , ورغم ذالك تقف الحكومات مكتوفة الايدي وشاردة الفكر تجاه ما ألم بالاغلبية الساحقة من سكان الارض في زمن العولمة والثقافة الرقمية والموقع االاجتماعي – فايس بوك – .
محمد بونوار من المانيا