الجالية24 عبد الحق العلوة

تتوفر وزارة الشؤون الخارجية والتعاون على العديد من التمثيليات في الخارج ويتعلق الأمر بالبعثات الدبلوماسية (السفارات والبعثات الدائمة) والقنصليات العامة, و تتجلى مهمة السفارات، في تنمية العلاقات المغربية على المستوى الدبلوماسي والسياسي والحفاظ عليها وكذا تعزيز التعاون الاقتصادي والثقافي والعلمي مع دول الاعتماد.
و يشكل تقريب الشبكات القنصلية من الجالية المغربية المقيمة في الخارج, جزء أساسيا من عمل وزارة الشؤون الخارجية والتعاون, حيث تسهر القنصليات العامة، على حماية مصالح المغرب والمغاربة المقيمين في الخارج، وتوفير الخدمات القنصلية للجالية المغربية، كبطاقة التعريف الوطنية الالكترونية، والتسجيل بالحالة المدنية، وإنجاز العقود العدلية، وكذا تأشيرات السفر ومختلف الوثائق للأشخاص الراغبين في زيارة المغرب. كما تعمل القنصليات العامة، في إطار دوائرها القنصلية المعنية، على توطيد وإنعاش العلاقات الاقتصادية والتجارية للمملكة.
و رغم الجهود المبذولة من طرف وزارة الخارجية والتعاون، من أجل تحسين و الرفع من جودة الخدمات القنصلية المقدمة لفائدة الجالية المغربية المقيمة بالخارج, مازالت هناك احتجاجات, انتقادات و شكايات تخص العمل القنصلي بصفة عامة، حيث العديد منها لم تواكب اعتماد مغاربة العالم على الانترنيت للحصول على المعلومة والتواصل, و يظهر هذا جليا في غياب العديد من القنصليات حيث لا تتوفر على مواقع خاصة بها ،مثل قنصلية بولونيا الواقعة شمال ايطاليا، كما يصعب التواصل مع القنصلية عبر الهاتف أو البريد الإلكتروني للحصول على المعلومات اللازمة بخصوص الكثير من الإجراءات الإدارية و ذلك لتفادي ضياع الوقت.
فواقع قنصلية المغرب ببولونيا صعب خصوصا في تردي الخدمات المقدمة للمهاجرين المغاربة وانتشار المحسوبية والزبونية واستغلال النفوذ والبيروقراطية التي تعطل مصالح المهاجرين وأفراد عائلاتهم وتعدد العراقيل التي تحول دون تسوية الوثائق المطلوبة من قبل المغاربة التابعين لها، خصوصا المرتبطة بالزواج والطلاق وتسجيل المواليد الجدد في الحالة المدنية، وارتفاع الرسوم المطلوبة مقابل الحصول على تلك الوثائق،كما أن المهاجرين المغاربة لا يجدون حتى الفضاء المخصص لهم أمام القنصلية لقضاء أغراضهم، إذ يضطروا المهاجرين للوقوف في طابور طويل لأوقات أطول بانتظار استقبالهم. كما
وأبدى قلق بعض الجمعيات من الحيف والتناقض في تطبيق المراسيم والمساطر الإدارية.
و شهدت العديد من قنصليات المغرب بإيطاليا، تنظيم وقفات لمهاجرين مغاربة احتجاجا على تردي مستوى الخدمات القنصلية, و هكذا نظمت فعاليات من المجتمع المدني من أصل مغربي بجهة “امليا رومانيا”،وقفات احتجاجية أمام القنصلية العامة للمملكة المغربية ببولونيا،بحيث رفعت خلالها شعارات ولافتات مطالبة بوقف الفساد والرشوة التي تنخر المصالح القنصلية, و عبّر المتظاهرون من خلال تلك الوقفة عن سخطهم وغضبهم على القنصل العام للمملكة المغربية الذي طالبوه بالرحيل لما تعرفه القنصلية من فوضى وغياب النظام وما ينجم عن ذلك من تفشي للرشوة والمحسوبية والتلاعب وعمليات البيع والشراء بميعاد إنجاز كل من البطاقة الوطنية وجواز السفر.
و أشارت شكاية عدد من المهاجرين المغاربة القاطنين ببولونيا ، أن الجالية تعاني بشكل كبير من سوء الخدمات المرتبطة بالقنصلية المغربية، و كذا تعرضهم للإهانة ومعاملتهم كمواطنين من الدرجة الثانية, وتضيف الشكاية أن مشاكل أفراد الجالية مع القنصلية المذكورة ،تبدأ من عدم التواصل وجفاء الموظفين والمحسوبية و المماطلة و الرشوة، بحيث يضطر المواطنون المغاربة لإحضار وجبات الطعام استعدادا لقضاء يوم كامل بجانب القنصلية من أجل الحصول على وثيقة بسيطة يمكن إنجازها في فترة لا تتعدى 5 دقائق, هذا بالإضافة إلى إرغامهم على أداء تسعيرات لا يعرف مصدرها القانوني, وأوضحت الشكاية أن القنصلية المغرب ببولونيا، تفتقد إلى أبسط المواصفات لتكون في مستوى قنصليات أخرى تابعة لدول من العالم الثالث كدول امريكا اللاتينية توجد في نفس الدولة الإيطالية فهي لا تتوفر على قاعات الانتظار و تنعدم فيها شروط النظافة.
و في سياق أخر، صرح مهاجر مغربي يدعى محمد ب ، أن خدمات القنصليات المغربية المتواجدة بالخارج مازالت لم ترق إلى طموحات وتطلعات الجالية المغربية المقيمة بالخارج, مضيف أن بعض القنصليات مازالت تعاني من الرشوة والمحسوبية والزبونية ولا تستوفي معايير الخدمات الإدارية مما يؤثر بشكل سلبي على الجالية المغربية،وقال ، إن “المتغيرات الثقافية والديمغرافية أنتجت أجيالا صاعدة تعتبر القنصلية هي الحضن والوطن في بلد الهجرة”، مشيرا إلى أنه إذا كانت القنصليات تعاني من جملة من الاختلالات فإن ذلك سيؤثر على علاقة الأجيال بالوطن الأم. و طالب الحكومة باتخاذ الإجراءات والتدابير اللازمة من أجل معالجة هذه الاختلالات الوظيفية المتواجد بقنصلية بولونيا وميلانو عن طريق اعتماد الإدارة الإلكترونية متميزة بحكامة رشيدة، بالإضافة إلى الضرب على أيدي المساهمين في تردي القنصليات المغربية خدمة لمصالحهم الشخصية ضد مصلحة الجالية المغربية.
و كان الوزير السابق المكلف بالمغاربة المقيمين بالخارج, السيد عبد اللطيف معزوز, قد أكد في تصريحات صحفية ارتباطا بهذا الموضوع, أن مسلسل إصلاح الإدارة المغربية داخل وخارج المغرب متواصل بجدية وخطى حثيثة. مواكبة لهذا المسلسل الإصلاحي، تعرف البعثات القنصلية والدبلوماسية دينامية مستمرة تتوخى تحسين جودة الخدمات الموجهة لفائدة المغاربة المقيمين بالخارج, و كذا تحديث مقراتها وتزويدها بالأطر اللازمة لاشتغالها على أحسن وجه، كلما كان ذلك ممكنا. كما تعمل على تحديث وسائل الاتصال لإنجاز الخدمات القنصلية عن بعد، في أفق الوصول إلى الإدارة الرقمية قصد تخفيف العبء والعناء الذي يتكبده بعض أفراد الجالية الذين يقطعون مسافات طويلة للقيام ببعض الإجراءات التي لا تستلزم الحضور الفعلي للشخص بالقنصلية.
و يبقى رفع تحدي تحسين جودة الخدمات القنصلية المقدمة لفائدة مغاربة الخارج بصفة عامة, رهين بوضع استراتيجية متكاملة تتضمن استقبال المهاجرين وخدمتهم في ظروف جيدة, و تزويد القنصليات بالموارد البشرية والكفاءات المؤهلة لأداء مهامها بشكل جيد٬ فضلا عن تحسين طرق العمل وتبسيط المساطر الإدارية, مع التركيز على تحديث وسائل الاتصال لإنجاز الخدمات القنصلية عن بعد في أفق الوصول إلى الإدارة الرقمية.