أصبحت ” الحيْحـة “إحدى مقـومات كل الاجتماعات المُنظمة لـفائدة مغاربة العالم ومنصة هامة لإستعراض العضـلات خاصة أمام وسائل الاعلام مع البحث عن مساحة ضوء بعـد طول غياب..فهل ” الحيْحة ” تعني النضــال..؟ أم هي سوق للإستفزاز وتصفية حسابات مكشوفة..؟؟

حضرنا للعديد من اجتماعات مغاربة العالم وفي أكثر من بلــد ، وسواء كان المنظمون مؤسسات رسمية أم مجتمع مدني..فـإن لحظة ” الحيْحة ” أصبحت نقطة مهمة و هاجسا في جـدول أعمال أي لقــاء..فهل ما وقع يوم عيد المهاجر10 غشت 2014 بالرباط يدخل ضمن الحيْحة أم النضــال..؟

لن نكون أبـدا شهود  زُور في لحظة توصف بالحاسمة في تاريخ الجالية حيث النقاش على أشــده في ملفات كبرى : سياسية كالمشاركة واجتماعية كالهوية.. لـذا وجب تسمية الأمور بمسياتها وأن نفرق بين ” التْـبـوريد الخـاوي” من جهة والنضال الشريف والقوة الاقتراحية من جهة ثانية..

فاحتفال هذه السنة كان إحتفاءا بالجيل الأول، وهي فكرة  ممتازة وتحمل عنوان الامتنان لـفئة ” الشيبانيين “..لـن ندخل في سجال حول معايير استدعاء المحتفى بهم ال47 واستثناء جالية ايطالية..ولن نناقش  كلاسيكية استدعاء 150 مهاجر يمثلون مناطق المملكة بشكل رسمي..؟

لكن قـراءتنا لما وقع تشمل جوانب تنظيمية ساهمت في تشنـج أعصاب الحضور أولها تـأخــرالمسؤولين عن مـوعد اللقــاء ..احتج عليه بعض الحضور بالتلويح بمغادرة المكان.. ومرورا بمنع بعض المهاجرين من دخول القاعة…

كان أول المُتحدثين هو صاحب حقيبة الهجرة أنيس بيرو الذي طـغى على أسلـوبه خطاب ” الكـاشـوش” عاطـفي…تنقصه فقط موسيقة تصويرية مُـؤثـرة لتكتمل الصورة ، وبـشـر بتخصيص الوزارة بـرامج لفائدة الجيل الأول وأن مُخـتصا سيشرح لنا بعـده  بإسهاب خطوطه العريضة..لكننا لازلنا في انتظار” غــودو..” لم يقطع كلماته الحنونة سوى تصفيقات المُحتفى بهم لتتبعهم القاعة بعـد ذلك..

بعـده تـكلم رئيس الحكومة السيد بنكيران مُـنـوها بوزيره النشيط في الهجرة  مع تبـادل بعض الثُـنائيات مع الحضور.. و لأن السيد بنكيران ” حْـرايْفي ” لم يفوت الفرصة ليعلن أن المشاركة السياسية ستُحل إن عاجلا أم آجــلا..جواب رفع من درجة إحتقــان القاعة بـرد انتظاري من رجل يملك سلطات واسعة وأغلبية برلمانية مريحة..وأخرج الجالية “بخُفي حُـنين..”  في مسألة المشاركة السياسية…

في ظل هذا الـجـو المشحون أخـد الكلمة الرجل الثاني في مجلس الجالية عبد الله بوصوف مُـنوها بجيل ” البُنـاة ” ومُعـددا تضحيات الجيل الأول وكـذا مجهودات الدولة في خدمة الجالية وانفراد المغرب بتخصيصه لمؤسسات عـديدة تهتم بالجالية… وفي لحظة شـاردة يـدخل في ثُـنائيات بعد أن تمكن منه استـفزاز مجاني..وهُـنا لاحظنا الفرق بين بنكيران ” الحْرايْـفي ” وبوصوف الأكاديمي والباحث في التاريخ..المثل يقـول ليس من رأى كمن سمع.. ونحن وغيرنا  كثير بالقاعة لم نحس أبـدا أننا معنيين بـمضمون تراشق بوصوف عند قوله..”وجوه بئيسة..”

عبد الجبار مهاجر من بلجيكا همس لي بأنه موقف شجاع من مسؤول عن الهجرة لمواجهة فئة احترفت ” الحيحة”..اعتـذر بوصوف مؤكـدا أن الكـلام لم يُـوجه للكل بل لـفئة تعرف نفسها جيدا..

خارج القاعة كانت تـدور مُـلاسنات وتراشق غير أخلاقي بين مجموعة من أفراد الجالية لتصفية حسابات وأحقاد تاريخية..تـم تكريم الجيل الأول وقُـدمت الهــدايـا وأُخـذت صور للذكرى..

لكن الســؤال في ماذا أفـادت تلك الحيْحة الجالية..؟ وهل كان مكان الاحتفال هو المكان المناسب لها..؟

إن تلك العنتريات لا تخدم الجالية في شيء، والدليل أنه لم نتمكن من معرفة  برنامج الوزارة المُبشـر به خلال اللقــاء للجيل الأول…خاصة وأن ملف التغطية الصحية ورواتب التقاعد يجب أن تحتل الأولوية فيه..

ثانيا مكنت رئيس الحكومة من المُناورة وإرتــداء معطف “الاطـفـائي ” لتلطيف أجواء اللقـاء عـوض إحراجه بعدم تمثيل الجالية في المجلس الأعلى للتعليم مخالفا بذلك الفصل 18 من الدستور وكـذا تقـديم طلبات وملتمسات مكتوبة وطلب لقــاء علني مع الجالية بحضور الاعلام..

وهُـنا يكمن في نظري الفرق بين الحيْـحة والنضـال..فالأولى عنترية بصلاحية مُـنتهية تظهر في المناسبات فقط والثانية مسار طويل مُدعـم بقـوة الاقتـراح وأيضا المرونة في تدبيـرالاختلاف.

إلا أن الجميل في ذلك اللقـاء أن الجالية أثبتت أنها ليست بالـقطيع ولم تمشي وراء فـئة احترفت حيْـحة لا يُطفـؤ نــارها إلا دعوات وتذاكـرالطائرة..

أمينة الريش من ايطاليا.. قالت بأن هذه المناسبات يجب أن تكون مُناسبة للتواصل بين المجتمع المدني والمؤسسات الوصية وليس استغلالها كساحة للإنتقام الشخصي من عناصر تجري وراء أهــداف شخصية..

رُب ضارة نافعة… لا يمكننا الاستمرار في فوضى المصطلحات حيث الحاجة مُـلحة لتحديد  مفهوم المجتمع المدني أولا.. وهو ما طالبنا به في أكـثر من مناسبة…أيضا لا يجب لأي كان الحديث باسـم الجالية بـدون تفويض منها..فإبـداء الرأي الشخصي شيء وتعميمه شيء آخـر..

إن الـتأخر في تحديد المسؤوليات والاختصاصات يُـشجع على نمو كائنات جمعوية تقـتات من فـوضى تـنازع الاختصاص..وأصبحت تـدعي النضال وهي تمارس شيئــا أقـل نُــبلا منه وهـو الـحيْـحــة…