شكلت سنة 2013 بالنسة للفنانة التشكيلية الواعدة رشيدة بركاش محطة فنية هامة للتعريف بجديد أعمالها الفنية الإبداعية من خلال مشاركتها في العديد من الملتقيات و المعارض الدولية و فرصة متميزة لتبادل الخبرات و التجارب مع مجموعة من الفنانين التشكيليين يمثلون اتجاهات مختلفة كالتجريدي والرمزي والتجسيدي وكذلك العفوي .

و في هذا السياق عبرت الفنانة بركاش عن سعادتها و امتنانها لكا من ساندها من قريب أو بعيد في التعريف بلوحاتها الفنية، بركاش العاشقة للفن التشكيلي ترى أن الريشة الممزوجة بزيوت الألوان فن راق جميل لا يجيده إلاَّ من استعذب مدارسه واستطاع الدخول الى عمق اللوحة التشكيلية والتعايش معها وتذوقها. إنه خلاصة عمل عقلي وعاطفي مشترك ومتماسك كل منهما محرض للآخر ومكمل له..لأن الفن التشكيلي من وجهة نظرها عصارة عمل إبداعي ، والإبداع لا يقوم بالعاطفة وحدها ولا بالعقل وحده بل هي نتاج انصهار التذوق والقدرات في بوتقة الانسان المبدع.

الأعمال التشكلية لبركاش المعروفة بالاندفاعات التعبيرية  تمتاز بالعفوية حيث الفطرة النموذجية على مستوى اللون والريشة الممزوجة بالكثير من الدقة و التعبير عن مضامين الحياة إنه إبداع بصيغة المؤنث يجمع بين  الوحدة و التنوع في ذات اللحظة عبر تموجات اللوحات الفنية المرسومة، إنها تعبر عن إمكانية الوجود المتنوع في ذات الموضوع الموحد من خلال ضبطها للمقامات اللونية، وبراعتها في تركيب بنياتها الجمالية إضافة إلى طريقتها وأسلوبها في معالجة التفصيلات والتمفصلات التيمية التي تشتغل عليها بريشة وألوان تكتسي حلة الابداع. هذا فضلا عن تمايز رؤيتها الخاصة للحياة والإنسان والأشياء والكون والأحداث، ومميزاتها القرائية والتعبيرية للأشياء في صيرورة تفاعلها الزمني والمكاني، لتنسج فضاء فني يتحدث فيه الفن التشكيلي عن نفسه بكل حرية وإبداعية وجمالية.

الفنانة بركاش تستمد  وجودها التشكيلي من كفاءة عالية في التعبير عبر اللوحة، عن منطوق تفكيرها الصامت، الرائج في قراءته للحياة بعين المشاهدة والملاحظة، وبمنهج الاستدراج والتحليل والتركيب ثم البناء التشكيلي لعوالمه الفنية. حيث تستلهم الرمز في بنيات لونية واهية، بالمفهوم السيميائي الدلالي المعبرعن مكنون الدال والمدلول ، وكأنها تعيد عين المشاهد إلى أصل نظرتها البدائية للأشياء، وتعرفها الأول على الألوان دون أن تتدخل فيها يد الفنان لتجد الرابط اللوني بينها. ومن هنا تخرج قيمة الجمال في لوحاتها. بل تخرج الدقة في تجسيد الواقع الطبيعي المحتضن للتناسق والتنافر في نفس اللحظة الوجودية عبر اللوحة التشكيلية.

لوحات بركاش بما هي عليه تزخر بالزخم والتنوع اللوني الفاتن لتنقل فيها مشاهداتها لألوان الطيف وتزركشها بمنطوق معبر عن الطبيعة والإنسان وحدثية الحياة لتخلق من لوحاتها الفنية الذات والآخر معا ضمن مساراتهما المتعددة في المعيش الاجتماعي الرمزي المتلاشي في الذاكرة … سعيا منها لعقلنة الأداء الفني بمتحكمات العلم التشكيلي. وتبقى الفنانة بركاش  ذاكرة فنية تحتضن البعد الإبستيمي والوظيفي للون عبر أنطولوجية الشكل و اللون بكل تمظهراته الهندسية والحرفية والجمالية وينبع منها الإلهام الفني المغذي للإبداع التشكيلي.