الجالية 24/ زلفى أشهبون

لو كان الماء رجلا لحسبت الثّلاثة آلاف أجرة شبح، لكنه كالشبح لا رائحة له ولا لون ولا حجم، ولاشك أن الأشباح تتشابه، تستغل الفراغات، تستفيد من كبار المسؤولين، تقضي مصالحها عن بعد، تحصل على أجرتها دون عمل.. مثلها مثل الموظفين غير المعروفين والمحسوبين على لا إدارة ولا تدبيرية المركب الثقافي.

لكنها فاتورة استهلاك الماء الصالح للشرب، في مركب مركّب من:

قبو مقرف، رائحته تزكم الأنوف، دورات مياه غير صالحة، صنابيرها مكسرة وجافّة، تحوّل محيطها إلى بركة تفريغ مياه الصرف الصّحي، قاعات فارغة وأخرى خصّصت لخردة غير معروفة.

 

قاعة عروض مهترئة، خشبة متآكلة، ستائر ممزقة، كراسي النصف الأخير من القاعة محطّمة والنصف الآخر غير موجود، معدّات صوتية وضوئية غير موجودة وأخرى يتمّ السّمسرة فيها.

 

مكاتب وقاعات الطوابق العليا مغلقة، مكتبة فقيرة، ومكتب صغير يفتح عند الطلب، يستقبل فيه المدير المتعصبين من الفاعلين، يمنحهم رخصة استغلال قاعة العروض، أو المكتبة مع لفت الانتباه إلى الحارس ومزاجه في العمل حسب مقدار “التدويرة” وعدمها.

 

أمّا الكواليس، فهي في ظلام وفوضى دائمة، تضمّ كل شيء، وكلّ ما فيها غير صالح. في الكواليس يقطن الحارس رفقة أسرته، فيها اختفت المعدات والتجهيزات التي خصّصت للمركّب، فيها أسست شركة تنظيم حفلات تخصصت في استئجار المعدات للجمعيات البئيسة، فيها تم توظيف عدد من الاشباح يستفيدون من أجرة شهرية وتغطية صحية ومميزات موظف، .. وفيها كل شيء غير الثقافة.

كل ما في المركب راكد.. راكد جدا، فكيف تهدر 3000 درهم من الماء شهريا؟ لغز يطرح أسئلته المفتاحية بإلحاح، بل ويسلّط الضوء على هذه البناية من جوانب إدارية وتدبيرية ومالية ومادية، خاصّة وأنه تحت مسؤولية مجلس إقليم الناظور !! وأنه أغلق مرات عدة ولشهور بحجة الإصلاح وظل كما كان بل وأفظع!! والأكيد أنه رصد له غلاف مالي للإصلاح الوهمي!!…

من يستهين بمكتسبات المملكة؟ ومن يحميها من يد حرميّيها؟؟

فاتورة الماء، ماهي إلا نقطة في بحر من الأسئلة التي تظل دون تحقيق وجواب بوجود الأشباح، فهل ستتوب يوما وتتراجع عن الاستنزاف المدمّر للمركز الثقافي اليتيم بالإقليم الكبير؟