تداول نشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي مقطع فيديو وصوراً تظهر تعرض طفل في القسم الخامس من المرحلة الابتدائية للضرب بوحشية من قبل أحد معلميه في مدرسة “سمار” الابتدائية بجماعة إعزانن إقليم الناظور.

واستنكر متداولو الصور اعتداء المعلمة على الطفل ابراهيم العمراني (11)، مطالبين بمحاسبة المعلمة ، كما أفاد متداولو الصور بأن بعض الجمعيات حررت شكوى رسمية ضد المعلم لدى أكاديمية الجهة بمدينة وجدة، في حين لم ترد حتى الآن أي معلومات من الجهات الرسمية ذات العلاقة.

كلمات وآهات حزينة لطفل في ربيعه الـحادي عشر يحملها الشريط ..يريد أن يرحل عن المدرسة كلها بعيدا ..حيث لا عنف ولا تعنيف .. يرحل حاملا مأساته مثخنة بجراحاته وهمومه .
فأي جرح هذا الذي سلب ابتسامة إبراهيم ..أية “وحشية” هذه التي إستحثت السير لتأخذ من البراءة جمالها و دفأها ..
يقول بشيء من الخجل “ضربتني “بالتَّيُّو” ( أنبوب مطاطي /خرطوم ) بشدة من دون سبب”…” لقد اعتادت المعلمة على ضرب التلاميذ في الفصل “.. ويضيف بلهجة حزينة “إنها ضربتني بقوة، شديدة  “…”أكره المدرسة لأن المعلمة تضربني وتسبني بدون سبب..”

الطفل يظهر وكانه مازال يملك الكثير من طفولته رغم كل هذا الحزن والألم ..طفل لا زال في ريعان طفولته ، والظاهر انه حتى وإن ارغمته “الظروف” الى العودة الى ذات الفصل .. فقد يلجأ  لا محالة إلى “التمارض”، حين يتضمن الجدول حصة المعلمة /”الجلادة” إياها ..محاولاً الغياب، خوفاً من أن تقوم معلمته – التي يصفها بالمرعبة- بضربه ثانية.

وطبعا حين يذهب اهل الطفل إلى المدرسة للسؤال والتحري في الامر قد تنكر المعلمة كل الحكاية ، بل وربما ستلقي باللوم على الطفل ، ليحتار الجميع  في أيهما المحق…
لكن..وسواء تم التأكيد على ان المعلمة تعدت عليه أو نفت أمر الاعتداء ..فعلامات ضرب واضحة على جسم الطفل من كدمات وندبات ، تبقى شاهدة على بشاعة “الجريمة”..

هناك للاسف بعضا من المعلمين والمدرسين مِن مَن لا زالوا يمارسون العنف ضد التلاميذ برغم المنع وبرغم التوجيهات التي تصدرتها المواثيق بل وحتى وزارة التربية في البلاد ، والتي تفيد بمنع ضرب التلاميذ بل و حتى إسماعهم كلمات نابية أو تعنيفهم. لكن.. هناك قصص كثيرة لبعض المعلمات اللائي يلجأن لضرب التلاميذ، وأحيانا لأسباب تافهة جدا ، كأن يكون مستوى التلميذ مثلا دون المستوى او دون الطموح… ويرين أنه لا جدوى من التوبيخ والتهديد، ويلجأن الى الضرب!.. بل ويتعمدن ان تتم عمليات

الضرب هذه  بعيدا عن أنظار الإدارة…
لذلك على أولياء أمور التلاميذ المعنفين تقديم شكاواهم إلى مديريات التربية لإحالة المعلم(ة) إلى التحقيق لينال عقابه..
على أولياء أمور التلاميذ ان يصحبون أطفالهم لمعاينة حجم الضرر الذي يتعرض له ابناءهم جراء الضرب، ما قد “يُرغم” ادارة المدرسة إلى استدعاء المعلم أو المعلمة ممن قام بالضرب وإحالته إلى التحقيق…

فلايخفى على الكثير منَّا أن هناك بعض إدارات المدارس تقوم بالتغطية على الكثير من حالات العنف..وهذه حقيقة على الجميع الاقرار بها وليس قبرها…
كما ان هناك من الاباء من يعبرون احيانا عن خشيتهم في حال شكوا المعلم إلى المدرسة او الى جهات أخرى ، لاحتمال أن يعاقب المعلم الطفل او ان يشن حرباً نفسية ضده .
بل وقد ينفي الاطفال احيانا الامر كله حين يقوم الاهل بتوجيه سؤال لهم عما إذا كانوا يتعرضون للضرب ، وذلك ربما بدافع الاستحياء او الخوف، او من أن يتوعدهم المعلم، أو يتحكم بدرجاتهم.
قد لا يخفى على الكثيرين منا أيضا ان لهذه الآفة ، ضرب التلاميذ في المدارس جذور قديمة، وقد بدأت في المدارس الدينية خلال عهود مضت أو ما كان يعرف “بالمسيد” ( ويستخدم اسم المسيد أيضا للمسجد) ، ثم بالمدارس الحديثة في القرن التاسع عشر، واستمرت للأسف حتى الآن…
ويعزو الكثير من الخبراء والباحثين الاجتماعيين والنفسيين والدارسين استمرار ضرب التلاميذ الاطفال في المدارس إلى ثقافة مكتسبة من “أنظمة سابقة” معتبرين أنها أساليب بالية اكل عليها الدهر وشرب ، ما زالت راسخة في أذهان البعض رغم تطور وسائل الإيضاح ، ووجود إرشادات تربوية في المدارس…كما يرجعونها كذلك إلى عوامل أخرى منها أن بعض المعلمين يعتقدون (ساذجين) أن الضرب وسيلة لفرض نوع من الهيبة ، في الوقت الذي تؤكد فيه التجارب والدراسات ان الامر كله عوامل ضعف الشخصية لدى المعلم (ة)، بالإضافة إلى مشاكل شخصية وضغوط الحياة الاجتماعية والاقتصادية…
بل ان علماء النفس يشيرون في هذا الصدد إلى أنواع أخرى كثيرة من العنف مسكوت عنه.. عنف من نوع آخر.. قد يشمل مثلا اكتظاظ المدارس وتلوثها، ما يكون له تأثير سلبي على التلاميذ…او عنف تواصلي ناتج عن غياب الحوار بين عناصر المنظومة التعليمية، بمعني أن التلميذ لا يستطيع التعبيرعن أفكاره وتصوراته، ما يجعل من الصعب عليه تقبل الآخر…الخ..الخ..
وفي انتظار تفاصيل أخرى جديدة او معلومات من الجهات الرسمية ذات العلاقة…أكدت بعض المصادر أن عائلة التلميذ قد تقدمت بشكاية لدى والي الجهة الشرقية وكذا بشكاية لدى نيابة التعليم بالناظور والدرك الملكي و وزارة التربية الوطنية.. كما دخل المجتمع المدني خصوصا الجمعيات الحقوقية على الخط ، للتنديد بما حدث وتبني القضية التي يُنتظر أن تعرف في غضون الايام القليلة القادمة تطورات عديدة.

3

 

 

 

2

 

 

1

بوتخريط