التجاني بولعوالي من بلجيكا

 

كلفت الهجمات الإرهابية الأخيرة التي تعرضت لها العاصمة البلجيكية بروكسيل اقتصاد البلاد أربع مليارات يورو، مرشحة للارتفاع في حال استمرار التهديدات الإرهابية، حسب الخبير الاقتصادي بيتر فاندن هاوت.

ولعل مرد هذا الضرر الهائل إلى الضربة الموجعة وغير المتوقعة التي تعرض لها المطار الرئيس في البلاد (Zaventem) الذي يقع على مشارف العاصمة، إذ بلغ عدد المسافرين الذين استقبلهم هذا المطار العام الماضي أكثر من 23 مليون مسافر، مما يجعله يعتبر من أهم الموارد التي تنعش الاقتصاد البلجيكي.

وجراء التفجيرين الأخيرين الذين نفذا في المطار وذهب ضحيتهما 14 شخصا، اضطرت السلطات البلجيكية إلى إغلاق المطار إلى يوم الأحد القادم، بسبب الخسائر البليغة التي لحقت بجناحيه الحيويين، ما أربك حركة الملاحة الجوية البلجيكية والدولية، حيث كان يستعد أكثر من 250 ألف بلجيكي للسفر إلى الخارج عبر مطار زافنتم لقضاء عطلة عيد الفصح.

وكشفت الهجمات الإرهابية الأخيرة عن خلل بنيوي عميق في تعاطي السلطات الأمنية والأجهزة الاستخباراتية مع ملف الإرهاب، وتكاد تجمع آراء المحللين والخبراء على وجود أعطاب لافتة في إدارة هذا الملف، لا سيما منذ تفجيرات باريس في نونبر 2015.

ومن أهم هذه الأعطاب التي كشفتها مختلف وسائل الإعلام البلجيكية والدولية، إطلاق سراح إبراهيم البكراوي الذي اعتقلته تركيا وسلمته لهولندا، واختفاء أحد مهندسي هجمات باريس صلاح عبد السلام شهورا طويلة على مرمى حجر من منزل والده في حي مولنبيك الذي ظل تحت مجهر الجهاز الأمني والاستخباراتي..

ولعل ملف إبراهيم البكراوي يعتبر أهم الأخطاء القاتلة التي وقعت فيها السلطات البلجيكية بمختلف أجهزتها الأمنية والاستخباراتية والقضائية، لا سيما عقب التصريح الذي أدلى به الرئيس التركي طيب رجب أردوغان بخصوص قضية البكراوي، الذي اعتقلته السلطات التركية في يونيو 2015 على الحدود السورية.

وسلمت تركيا البكراوي إلى هولندا، محذرة السلطات البلجيكية من خطره، واحتمال أن يكون من المقاتلين الأجانب، غير أن تحذيرات السلطات التركية لم تُؤخذ بعين الجد والاعتبار، فأطلق سراح البكراوي بعد مدة وجيزة من الاعتقال.

هذا التصريح نزل كالصاعقة على الدولة البلجيكية، وهي لم تتعاف بعد من الهجمات الأخيرة الشرسة التي تعرضت إليها قبل أيام معدودات، بل كاد ذلك أن يسقط الحكومة البلجيكية الحالية أو يكرهها على القيام بتعديلات وزارية وهي في عز المحنة والأزمة.

وقدم وزير العدل كون خينس ووزير الداخلية يان يامبوم، استقالتهما للوزير الأول شارل ميشيل، على خلفية الهفوات التي حصلت في التعاطي مع ملف الإرهاب، غير أن الوزير الأول رفض هذه الاستقالات، وهو يقول لوزير الداخلية: “في حالة الحرب لا يجب عليك مغادرة الميدان”، حسب ما نقلته القناة الرسمية VTM.