”  قبل أن أفسح المجال لأصابعي ، لكي ترقن ما يخالجني من مشاعر وأفكار حول ظهور حزب الـUSFP بكطالونيا، لابد من الإشارة إلى أن حزب الإتحاد الإشتراكي المشار إليه في هاته السطور المتواضعة ، لا يمت – حسب فهمي- بأي صلة إلى حزب الإتحاد الإشتركي للقوات الشعبية التاريخي ، الحزب الذي كان كبيرا،حيث رصع ذات زمان الحياة السياسية المغربية مواقف و نضالات معتبرة لرجال كالمهدي بنبركة كأبرز مثال ،علاوة على السي لفقيه البصري و محمد حفيظ و محمد الساسي و أخرون سوف لن تنساهم ، ذاكرة الجماهير الشعبية المغربية عبر مرور الأجيال.

 

  و كأني بي أشاهدُ حزب الإتحاد الإشتراكي في قالبه الحالي ، على شكل كائن حزبي ضاعت بوصلته الفكرية ، بعدما زُوٍر مساره التاريخي النضالي .

 كائن حزبي ركلته الجماهير الشعبية ، لما إرتمى بين الأحضان ، منذ ما سمي حينها بتجربة التناوب ، و صار يرضع من الثدي المخزنية ،هنالك أدار وجههُ ، ثم بزق بزقا في وجه النضال ، و في وجه اليسارية ،و هذا ليس بالتشفي ، بقدرما إنها عين الحقيقة ،فلقد أصبح هذا ( الحزب ) جثة سياسية ، تتنفس عبر أنابيب أوكسجين الأجهزة و الداخلية .. “.

 

                             

                                           ***

 

 

  لقد كنتُ أعتقد ،و أنا واحد من شريحة الشعب المغربي المهاجرة ، أنه بعد خروجي من بلدي و إختياري الرحيل عنه في إتجاه بلدان الفرص و الحقوق…،أنني” تْهَنيتْ ” إلى حد بعيد، من مظاهر و صور، كانت تسبب لي الإنزعاج و تجعلني أتجرع رغما عن أنفي، مرارة الإهانة و حنظل التذمر من واقع مغربي مهترئ حقوقيا و سياسيا و إقتصاديا .. 

 

 

مسكين أنا الذي فضلتُ العيش بعيدا عن بلدي ، حيث قلتُ مع راسي : و أخيرا ها قد هربتُ متخلصا من تلكم المظاهر و الصور،التي كانت تسببها لي وجوه المشهد السياسي المغربي ، و أحزابهم )الوطنية(المنخورة بكل أنواع الإنتهازية و الفساد و البلطجية ،الممتلئة كروش قياداتها بالمال السياسي المشبوه .

 

   و إلى وقت غير ببعيد ، ظننتُ بأن حزبا سياسيا مغربيا، كـحزب الإتحاد الإشتراكي مثلا ، قد ودعْـتُه و تركتُه خلف الحدود ، كجثة مدفونة في مقبرة منسياتي ، لن تعود له الروح السياسوية الخبيثة ، ليكرر تدخله في أحلامي ، مستغلا صفتي و ظروفي …، بعدما فعلها أول مرة في وطني ، ها هو يُغــيرُ علي ثانية ، و أنا في بلاد ملجئي الإقتصادي . 

 

  إعتقدتُ بأن مسامعي و عيناي لن تعودا بالمرة ،وأنا في مهربي ، لكي تسمع شعارات و أوهام،و لكي تقرأ خطابات و خرافات ، كلها منبعثة من هيكل عظمي ، لحزب كان ياحصرتاه ، حزبا للقوات الشعبية في الأيام الخالية ؟؟.

 

  لكن المنعطف و العكس تماما ، هو ما يجري في أيامنا الحالية ، و بالخصوص على أرض الكطلان ، أين بدأت ’’أرقام لشكر’’ التي لبست جلابيب النضال و الإشتراكية ، في نثر فقاعاتها هنا هناك ، لعلها تجد موضعا تقف فيه أمام أبناء و بنات المغرب بالديار إسبانية ، حتى يتسنى لها الظهور،لتراها الدوائر في الرباط بالشكل المرغوب و المطلوب ، و كما هو مرسوم في المعادلة الإنتخابية ؟؟. .

 

***

 

و الله إن حظنا لـتعيس نحن الذين يسموننا ’’ مغاربة العالم’’، فـــآلة الكذب و التخروض، تعمل و تدور بإسمنا و على ظهورنا ، آلة تتقن فن التمويه ، آلة فتاكة لم تترك مجالا و لا ميدانا يهمنا كمغاربة مهاجرين ، إلا وعبثت به و طحنته ، بدءا من المساجد و الجمعيات ، مرورا بالمجالس و الفدراليات و باقي المؤسسات و ميزانيات .. و ها قد وصل الدور إلى ما هو حزبي ،و النموذج الصارخ الــ   USFPبكطالونيا .

 الكل يريد أن يأخذ حصته من الكتف ،’’مناضلينا السياسين و فاعلينا الجمعويين؟؟’’، صارت لكل منهم وسائله ، و لكل واحد منهم من يدعمه و يوجهه ، فالساحة مناسبة و الأرضية خصبة “و فيها مايدار” لمن أراد تشييد مجده ؟؟، على معاناة أناس مساكين هجروا قراهم و مداشرهم .

 

 

***

 

 لقد تَفتحت بنواحي برشلونة ، عيون إنتهازية و خفقت قلوب وصولية ، و تأججت نار المصلحة المفضوحة ، لدى بعض ) سياسيي (مغاربة إسبانيا ، كنتيجة طبيعية و كهزات إرتدادية ،لزلزال ما يسمى : ’’ الفصل 17 من الدستور،و النقاش الدائر حول حق المشاركة والتمثيلية السياسية لمغاربة الخارج ’’.  

 

***

 

علق على هذا المشهد المضحك المبكي، أحد أبناء المهجر الظرفاء لما قال : “.. مسكينة إسبانيا تتراكم عليها المشاكل و المصائب و تتوالى ، فمن الأزمة المالية و البطالة و الفضائح السياسية إلى فيروس الإيبولا، أما أخرها فيتجلى فيما أصاب جالية المغربية المقيمة بها ألا و هي مصيبة الـ USFP ؟؟ ،

لقد تركناهم وراءنا ، لنجدهم على حين غرة أمامنا..؟ ، أسيدي ما يمثلونا ما نمثلوهم ، الخير الكبير الذي يُقدم لمغاربة العالم، هو أن تنكب كل الجهود بالداخل و العمل على إصلاح المغرب ، و تحسين ظروف عيش أهالينا فيه ، فلمغاربة ديال برا، في غنى عن أي مشاركة و تمثيلية ، كونهم يستفيدون بما أثمرته تضحيات و نضالات المجتمعات المتحضرة..

   أرجو من الله و أتمنى ، بأن لا يتم الإتفاق على تمكين المغاربة المقيمين بالخارج ، بــما يسمى التصويت و التمثيلية داخل البرلمان المغربي .. لا لشيء فقط لأنني أرى بأن الشروط و الحيثيات و الأرضية ، التي ستفرز لنا ممثلين و برلمانيين من المهجر، يتقاضون من مزانياتنا و يتكلمون بإسمنا.. غير متوفرة في الوقت الراهن… فقط سيزكى و سيصل إلى تلك الكراسي ، المخلوضون و أصحاب المصالح تجار السياسة ..و السياسة منهم براء…”.

 

***

 

 

   فحتى بداخل الوطن الأم المغرب ، لا يتم الإلتفاف حول الأحزاب ،  نسب من ينتمي إليها و يثق فيها و في برامجها و رموزها تكاد تكون منعدمة ..،  فكيف يراد لمن هجر و غادر البلد إذن ، أن ينشرح صدره لهذا الأمر ، و يرحب و يساند تواجد تمثيليات و فروع لأحزاب مغربية كحزب ’’الخردة قياسا على الوردة’’ في بلدان الإقامة ، و هذا ما بدا جليا ، لما دعى )الإتحاد الإشتراكي( ، أبناء الجالية المغربية للوقوف إلى جانبه بمدينة طراسة ضواحي برشلونة، و التي يتواجد بها ما يفوق 13 ألف و 500 مغربي/ة، حيث  وجد ’’ أصحاب لشكر’’ أنفسهم بلا أصحاب و لا مساندين و لا واقفين .

 

***

لقد تعلمنا نحن مغاربة القاع ،بأن مثل ’’جماعة لشكر’’و غيرهم كثيرون بإسبانيا مكان الحدث ، لا يسترعي إهتماماتهم شيء أو أمر ، سوى بلوغ أهدافهم المسطرة و غير المعلنة ، قد يركبون اليوم على هموم الجالية ، وغدا على مسرحية و بعد غد على قضية حقوقية و بعده على ما تأتي به الفرص . 

يتناسى ’’هؤلاء’’ بإن من بين المعاني التي ترمز إليها هجرة المغاربة إلى خارج ،و تواجدهم في بلدان العالم بالملايين ، هي عدم رضاهم على واقع معيشتهم في بلدهم ، و سخطهم على الجهات التي تديرُ و تقرر في مصيره ، حيث نجد طبعا ، الأحزاب التي تدعي الدفاع عن الشعب و الوطن و تأطير المجتمع ، هي عينها من الجهات التي تزكي الفساد و تثبت واقع سلب إرادة المغاربة .

 

و من بين معاني هجرة المغاربة إلى خارج كذلك ، هي عدم إختيارهم لأي حزب مغربي ، و عدم إقتناعهم بأي خطاب أو مشروع سياسي مهما كانت مصادره الحزبوية ، فالذي يهجرُ بلده، يكون قد بلغ نقطة الإقتناع التي لا تراجع عنها ، بأن الحزبية و السياسة في المغرب ما هي سوى هرطقة لا تنفع و لا تليق بمستوى شباب و جماهير تدرك الحقيقة .

 

 

  فيا “جماعة لشكر” ، يا )حزب الإتحاد الإشتراكي بإسبانيا( ، إذا ما أتيحت لكم فرصة الظهور إلى العموم ، بمظهر الخادم و المدافع عن الجالية المغربية بإسبانيا و المتكلم بإسمها … فأترجاكم ، متوسلا إليكم و إلى منابركم : ’’إستثنوني من هذه الجالية ،من فضلكم إستثنوا إسمي من جالية المغرب بكطالونيا و إسبانيا ’’، فأنا منير الغيواني كاتب هاته السطور فرد بسيط أنتمي إليها ، و لا يشرفني بأن يدافع عني حزب الوردة ، المتساقطة مبادؤها و أوراقها .

يتبع …

منير الغيواني – لاجئ إقتصادي بكطالونيا – إسبانيا .