خمسة ملايين من المغاربة يقطنون بالخارج أي ما يمثل حوالي 13 % من مجموع سكان المغرب، 86 %منهم يتوزعون على البلدان الأوروبية و8 % منهم على البلدان العربية و5 % في الولايات المتحدة الأمريكية، يحولون أكثر من 32 مليار درهم من العملة الصعبة إلى وطنهم الأصلي كل سنة، وتسجل المرأة حضورا لافتا ضمن مغاربة العالم بحيث تمثل حوالي 40 % من الملايين الخمسة..

 

مغاربة العالم يزاولون جميع المهن ويشغل العديد منهم مناصب رفيعة في العديد من المؤسسات العلمية والاقتصادية والثقافية.. وهو ما يستحق المزيد من الاهتمام والإنصات لهموم هذا الكم الهائل من المغاربة المقيمين بالخارج..

 

لقاءات الحوار الوطني حول المجتمع المدني التي نظمت بكل من فرنسا وبلجيكا وحضرها عدد معتبر من الجمعيات الفاعلة التي جاءت من دول أوروبية أخرى كانت مناسبة للوقوف عند خصوصية المجتمع المدني المغربي الموجود بالخارج، لكنها كانت أيضا مناسبة للتعرف عن قرب على مشاكل المغاربة في بلدان الإقامة وانتظاراتهم من بلدهم الأم.

 

الملاحظة التي لا تخطئها العين هي التعلق الكبير بالوطن الأم رغم أن موضوع المغاربة المقيمين بالخارج لم يأخذ حظه من النقاش الوطني، ومشاكل الجالية تتراكم وتتطور وتزداد تعقيدا في غياب سياسة عمومية مندمجة وموحدة بين مختلف المتدخلين في هذا الملف (الوزارة المكلفة بالجالية، المجلس الأعلى للجالية، مؤسسة الحسن الثاني للمغاربة المقيمين بالخارج، مؤسسة محمد الخامس للتضامن (…

 

من أبرز المشاكل مشكلة التربية والتعليم، فالأجيال الأولى للهجرة بذلت مجهودات كبيرة لبناء المساجد من أجل الحفاظ على الهوية وتعزيز القيم المغربية الأصيلة وانخرط الجيل الثاني في مجهودات تعليم اللغة والتربية الإسلامية وتأسيس العديد من الجمعيات التي توفر فضاءات مهمة للتلاقي والحوار بين أبناء الجيل الثاني والثالث والرابع، لكن هذه الجهود كلها قائمة على مبادرات تطوعية وتفتقر إلى الموارد البشرية المؤهلة وهو ما يستدعي ضرورة الانتقال من العمل التطوعي إلى العمل المؤسساتي القائم على الكفاءة والمعرفة العميقة بثقافة ولغة بلدان المهجر، مع استثمار الأدمغة المهاجرة في إطار مشاريع تربوية وثقافية وتنموية شاملة..

 

المؤسسات الرسمية التي تعنى بالتأطير الديني في الخارج فشلت في نظر العديدين من مغاربة الخارج في القيام بأدوارها على النحو المطلوب وفي تحصين أبنائهم من تأثير العديد من التيارات الفكرية والمذهبية وباتت محل سخط الكثيرين..

 

من أهم انتظارات الجالية إحداث شباك وحيد لتقديم الخدمات الإدارية وتبسيط الإجراءات وتسريع البث في الشكايات أثناء العودة إلى أرض الوطن و تأهيل وعصرنة الخدمات القنصلية بما يخدم سياسة القرب، وخلق عوامل تحفيزية للاستثمار، وتحسين ظروف العبور، وتوفير الحماية السياسية لمغاربة الخارج أمام مظاهر التمييز والعنصرية وسوء المعاملة التي يتعرضون لها في بعض الأحيان من طرف سلطات بلدان الإقامة.

 

من أهم مطالب مغاربة الخارج كذلك تمتيعهم بالحق في المشاركة السياسية وتمكينهم من اختيار من يمثلهم في المؤسسة التشريعية ومراعاة تمثيليتهم في مختلف المجالس الاستشارية الأخرى، وفي هذا الإطار فإن جميع الدفوعات التي قدمت في الانتخابات السابقة لإقصاء مغاربة الخارج من المشاركة السياسية تعتبر غير مقنعة بالنسبة لهم..

 

موضوع الديموقراطية في المغرب يشغل أيضا بال مغاربة العالم الذين يراقبون التجربة الحالية بحذر شديد وكلهم أمل أن تتمكن بلادنا من العبور إلى شاطئ البلدان الديموقراطية بأمان.