في زمن أصبح فيه الإعلام أداة ضرورية وأساسية في نظم الدولة، وعنصرا أساسيا تعتمد عليه الدولة في كل قضاياها إلا أن  الحال عندنا محتشم جدا نتيجة لإعلام فاشل لا تتجاوز صيحته المربع المغربي.

 قبل أيام عقدت في الرباط ندوة حول واقع الإعلام، وكان حجم الأسف كبيرا بعد أن كَشَفَت غياب الوعي بالدرس  والأخذ بالتجارب الناجحة التي السابقة رغم حداثة عهدها في الدول التي اهتمت بهده الصناعة، وطورتها حتى أصبحت تمثل لها ترسانة للدفاع  وقوة ذات صيت كبير وصاحبة قرار في موازين التجاذبات الدولية.

إن ما وصل إليه الإعلام المغربي اليوم يوصف بالانتكاسة الكبرى، فكم ضاعت قضايا كثيرة ومصيرية لبلدنا بسبب الفشل الإعلامي وغياب آلة إعلامية دولية قادرة على إيصال وتوضيح قضايانا كيفما كانت، لأننا فشلنا في مخاطبة الآخر وتغيير الصور النمطية التي يطلقها الأعداء ضدنا في المنابر الإعلامية الدولية التي  يضخون  فيها ملايين الدولارات ويجعلون منها بوقا لتسويق رسائلهم المعادية لبلدنا.

إن الواقع الراهن  الذي  يمر  به المغرب يستدعي تكاثف جميع الجهود لبناء وتطوير خطة إعلامية استراتيجية ذات خطاب إعلامي مؤثر وأسلوب جذاب ولغة واضحة، مع ضرورة استنادها إلى دراسات علمية رصينة ذات نتيجة واضحة، لذا كان من الواجب اليوم أن نطلق رصاصة الرحمة على إعلامنا وانتظار ميلاد جديد لإعلام قوي قادر على مواكبة التطورات التي يعيشها العالم والتحديات التي تواجه وستواجه المملكة في المستقبل على المستويين القريب والبعيد 

إننا اليوم كدولة لها رهانات كبيرة ولها تطلعات مستقبلية رائدة لا بد من النظر إلى تطوير هذه الصناعة وخلق مساحة سانحة لجعلها في مستوى التطورات والتحولات التي يسير فيها عالم اليوم والغد، عالم يتم التحكم في كل مساراته بالإعلام وتقنياته  المتطورة جدا التي اكتسبت السرعة القصوى بفعل الشبكة العنكبوتية وأصبحت عملية التواصل وتدفق المعلومات والأخبار تتم بسرعة البرق.

   لقد أصبح الإعلام صناعة لا تضاهيها صناعة أخرى.. وتَطَوَّر الإعلام كعلم وكتقنية بشكل كبير ومثير.. وصار للإعلام تأثير وخطورة لا يتأتى لغيرها من الصناعات أو المهن .. لذلك لا بد أن يدرك القائمون عليه من مسؤولين وممارسين مدى الأهمية والخطورة والحساسية التي صارت تتداخل بشكل كبير مع كافة نواحي الحياة الأخرى وتأثرها بشكل مباشر وفعال.

إننا اليوم نفتقد لإعلام موجه للغرب، نفتقد إلى البرامج الإعلامية الجادة التي تساعد في مواكبة التغيرات التي تعرفها المملكة المغربية، فأصبح تأسيس ترسانة إعلامية حديثة قادرة على فرض الذات في أسرع الأوقات، ضرورة حتمية لا تنتظر التأجيل، وبأحدث التقنيات لنتجاوز الهوة التي تفصلنا عن الآخرين، خصوصا مع وجود مؤشرات كبيرة تؤكد أننا سنكون في الطليعة بسبب تفرد المغرب بخصوصية جيو استراتيجية في الجوار الأفرو أوروبي  بالإضافة للمؤهلات البشرية الرائدة التي يتوفر عليها البلد، حيث يمتلك ترسانة قوية من الإعلاميين الذين لهم باع طويل في هذه الصناعة، وتجربة كبيرة استفاد منها عدد كبير من الإعلاميين المغاربة الممارسين بالإعلام الدولي في مختلف أنحاء العالم وفي مؤسسات رائدة في هذا المجال، لها صيت كبير ومستوى راق، وتحظى بمتابعة كثيفة من طرف المشاهدين.

 كل المعطيات المعطيات السابقة تمنح المغرب خصوصية النجاح  والتفوق، لذلك أصبح لزاما على المغرب أن يسرع  وثيرة التغيير ويضع قطيعة كبيرة مع المتسلطين على  هذا المجال الذين تغلغلوا في خرابه، كما أصبحنا مطالبين بتغير راديكالي يشمل كل المؤسسات الإعلامية،  وعلى الذين عمرو هذه المؤسسات ان ينسحبوا بكل هدوء و يتيحوا الفرصة لجيل جديد يملك الحماس والرغبة  في تغيير بوصلة الإعلام المغربي نحو الاتجاه الصحيح، نحو الاتجاه الصحيح  وكسب رهان التنافس بعيدا عن كل الاخفاقات التي عرفها مند سنين وتأثير كل ذلك على قضايا المغرب وصورته في المشهد العالمي، إذا كانت لدينا فعلا قناعات التغيير التي يصارع البلد من أجل إقرارها في نظم ديمقراطيته وفي تجليات دستوره الذي  يشدد بإلحاح على أنالتغيير  الحقيقي هو الأساس الفعلي لدخولها في صفوف الديموقراطيات المزدهرة والتي تتمناها كل البلدان السائرة في طريق النمو أو دول العالم العربي أو الجوار الأفريقي التي تعتبر المغرب بلدا رائدا في التقدم الديموقراطي والآفاق الناجحة التي يسير فيها مغرب الغد كما يتطلب منها اليوم فتح المجال الى الاستثمارات الإعلامية الأجنبية  وإنشاء مدن إعلامية  ستكون قبلة لمجموعة من الفضائيات الدولية. وستكون بوابة جديدة لانعاش فرص الشغل للكفاءات المغربية في المجال السمعي البصري التي تعتبر من خيرة الكفاءات دوليا  وأن باب فتح الاستثمار الإعلامي بالمغرب يؤهله مما لشك فيه انه سيفوز حتما بلقب المنافسة. وخاصة البيئة  والمناخ العملي للاستثمار الإعلامي له نسبة النجاح تفوق المائة  حسب دراسات أجريت على أن المغرب بلد له كل فرص النجاح في الحقل الإعلامي.

لدي سؤال ظل يساور مخيلتي منذ سنوات هو لماذا كل هذه المؤامرات والدسائس والعدوانية تحاك ضد مصالح البلد  وضد المبادرات الملكية التي ترسم ملامح مغرب الغد؟!

إننا اليوم مطالبين بهزة في كل أجهزة الإعلام لإعلان ميلاد جديد بحكمة وتبصر سيعطي أكله في الوقت القريب وكل حين  ونؤسس لوطن الشرفاء جدار وقاية من رياح الأعداء وإيصال رسالة الانفتاح والقدرة الحقيقية إلى كل مسامع العالم.

  فنحن قادرون على أن نكون في الطليعة  في زمن التحديات  السريعة!