أقلام حرة: ذ.محمد أعزيز

تناقلت مجموعة من المنابر الإعلامية أخبارا عن مشاورات تقودها الداخلية المغربية للبحث في إمكانية اعتماد التصويت الإجباري في الانتخابات المقبلة فما دلالة هذه الخطوة؟
لا يمكن تأمل هذه الخطوة إلا بربطها بالسياق العام الذي يعيشه المغرب.
بذلك فهذه الخطوة ماهي إلا تتويج لهذا الإفلاس الكلي الذي تبادر الدولة في الإعلان عنه مكرهة بحكم قوة الواقع والأشياء، ألم تبادر الدولة في الإعلان عن فشل النموذج التنموي؟، ألا يعد هذا إفلاسا اقتصاديا واجتماعيا، ألم تعلن الدولة إفلاسها تنمويا ومجاليا، ألم تكشف الحراكات الاجتماعية عورة الشعارات الرنانة؟
في تماس مع هذا، ألم تنحدر الدولة في مزالق حقوقية هشمت كل البيوت الزجاجية التي حاول أن يشيدها المخزن لمداراة حقبة الجمر والرصاص، لتطل المقاربة القمعية مكشرة عن وجه بشع شاهد عن ردة حقوقية لم يُشهد لها مثيل، هذه المعطيات وغيرها ماهي إلا دليل عن الوضع العام المتردي الذي تعرفه البلاد، هذا التردي الذي حاولت الدولة المغربية إخفاءه عبر شعارات مرحلية كشف الزمن زيفها.
إن تفاقم الأزمة دفع بالمخزن إلى هذا الاقرار بالفشل الذريع في كافة المستويات، إلا أن الاعتراف هنا ليس فضيلة لأن المخزن وحده من يتحمل مسؤولية ما آل إليه الوضع.
ألم يلتف المخزن بثعلبيته عما أسماه هو زورا بالانتقال الديمقراطي؟ من المسؤول عن البلقنة الحزبية؟ من فرخ ما يسمى بالأحزاب الإدارية؟ من سن هذه السنة السيئة في تزاوج السلطة بالمال؟ ألم يناور المخزن بخبثه الفادح ليجهض اللحظة التاريخية المتمثلة في 20 فبراير؟ من المسؤول عن تمييع المشهد السياسي ؟
لماذا يتباكى المخزن اليوم عن غياب الكفاءات وهو الذي هندس مصطلح خدام الدولة في ربط شنيع بين العمل السياسي المبني على تقديم الولاء والاستفادة غير المشروعة؟
يبدو أن سيل الأسئلة جرفني عن الاستهلال الذي كنت أود الخوض فيه والمتعلق بالتصويت الإجباري، الذي لا يمكن أن نعتبره في ظل ما سلف، إلا بمثابة اعتراف فعلي بالفشل السياسي للدولة المغربية التي طالما راهنت على البارشوكات لتقود أكذوبة الانتخابات في ظل دستور لا يؤهل اي بارشوك لحكم فعلي، إزاء انكشاف هذه العورة، لم يتبق للمخزن إلا إرغام المواطن المغلوب على أمره على التصويت لأنه بمرور الانتخابات وحسن إخراجها تلفزيا سيكون ” عام الانتخابات زين” . وهذا رهان المخزن الأساسي أن يمر الطقس الانتخابي على خير ولايهم أي كانت النتائج بعد ذلك لأن المشهد متحكم فيه أمام قانون انتخابي تم وضعه بعناية درءا لكل ما من شأنه أن… وفوق كل هذا في ظل دستور لا تكون فيه الاحزاب إلا في تنافس لتطبيق مشاريع المخزن ورؤاه.
أمام كل هذا أطل علينا المخزن ليناقش قانون إجبارية التصويت، قانون ليس عيبا فهو معتمد في الجارة الشمالية بلجيكا حيث يغرم كل متخلف عن التصويت ب250 أورو، إن لم يثبت عجزه، لكن يا ايها المخزن الذي تسارع لاستيراد هذا القانون أليس من الأجدى أن تحتذي بدستور بلجيكا وهناك ستختصر المسافات وتقطع مع مغرب الأزمة للانطلاق في مغرب الغد الذي يسع الجميع ويقطع مع الريع والفوارق ويؤسس لدولة الحق والقانون، وبذلك ستأتي الأفواج طواعية للتصويت لأنها ستدرك أن لصوتها معنى، فكيف لصوت مخنوق أصلا، أن تجبره يا أيها المخزن.