أمستردام : محمد بوتخريط
من عاملة بسيطة في شركة تنظيفات الى صاحبة شركة البناء التي كانت تنظف مكاتبها.

بدأت سعاد مسيرتها مُنظِّفة في الشركة وتدرجت حتى تمكنت من ان تكون صاحبتها.
أقيم مساء أمس السبت بمدينة روترام الهولندية ، حفل تسليم جائزة ” سيدة أعمال السنة” برسم السنة الجارية، والمتعلقة بالأقليات الإثنية في هولندا، تحت إشراف مؤسسة إثنية لسيدات الأعمال في هولندا.
وتم خلاله منح جائزة سيدة الأعمال لهذا العام والتي تقام للمرة الخامسة عشر لسيدة الأعمال ذات الأصول المغربية سعاد المرخوس ، وتسعى المؤسسة من خلال هذه الالتفاتة ، منح هؤلاء النساء منبرًا للتعبير و جعلهن مثالا للسيدات المكافحات والناجحات. ” الناس ذوي الخلفيات الثقافية المختلفة،غالباً ما يركز الاعلام أكثر على جوانبهم السلبية فقط ، لكننا نريد أن نكشف عن الجانب الايجابي ونعطي أمثلة ونماذج إيجابية لهؤلاء ” ، تقول رئيسة مجلس الإدارة ماريتزا روسيل.

نجحت سعاد بفضل طموحها وقوة إرادتها بالتحول من مهاجرة بسيطة تعمل في التنظيف إلى صاحبة شركة للبناء .
سعاد تركت المغرب في سن التاسعة عشرة بتعليم جامعي لتحصل بعد تجربة ما يقارب النصف قرن على جائزة أفضل سيدة أعمال في هولندا.

هاجرت سعاد الى هولندا في التسعينات ولم يكن يتجاوز عمرها 19 سنة..عملت في شركة للتنظيفات وتدرّجت في عملها حتى أصبحت شريكة في ملكية الشركة التي كانت تنظف حماماتها ومكاتبها ..

بالنسبة لسعاد ، لم يكن طريق النجاح سهلاً ..
في المغرب بدأت دراسة الاقتصاد ، لكن لوالدها كان رأي آخر، أنه من غير الآمن أن تعيش فتاة لوحدها وتدرس بمفردها.
في عام 1991، جاء بها والدها الى هولندا ولأنه هو الآخر كان يسكن وحيدا ،ذهبت للعيش مع عمتها.
ولأنها لم تكن تتحدث اللغة الهولندية ، فإنها لم تستطيع الا العمل كمنظفة في شركة للنظافة لينتهي بها الامر في شركة ( كومبي/Combi) بمدينة امستردام.
في أحد الأيام صادفت داخل مقر العمل رئيس الشركة الذي رأى فيها قدرات أكثر من مجرد عاملة نظافة وأنها تملك المزيد من ما يمكنها تقديمه للشركة . عرض عليها أن تأخذ دروساً في اللغة الهولندية وأن تتابع الدراسة في المحاسبة عن طريق مقررات و برامج تتضمن توجيهات حول العمل والقدرات .
كافحت سعاد طويلا لتحقيق هذا الهدف، إذ من الصعوبة بمكان لامرأة و في وضعها بالتحديد، أن تصل الى هذا المستوى.
قبلت العرض ، ولكنها أخفت الامر على عائلتها في هولندا..خاصة عمتها.
درست لمدة ثلاث سنوات إلى جانب عملها كمنظفة ، في حين أن عمتها كانت تعتقد أنها فقط كانت منشغلة بعملها في شركة التنظيف. بل انها لم تكن تخرج حتى من المدرسة خلال فترات الاستراحة ، تفاديا ان يراها احد من معارفها أو عائلتها. ” زملائي في الدراسة كانوا يعتقدون أنني منعزلة او معقدة ، لكنني فقط لم أكن أجرؤ على الخروج إلى الشارع حتى لا يراني أحد ويفتضح أمر دراستي”.

لكن لم يستمر الوضع طويلا ، اكتشف أفراد الأسرة أنها لم تكن تعمل فقط بل انها كانت وبالموازات تتابع دراستها ، امروها بالزواج.. وافقت على الامر شرط أن تستمر في دراستها… وهكذا يمكنها أن تتأقلم أكثر و تتطور قدراتها لترأس بعد ذلك قسم المحاسبة داخل شركة البناء التي كانت تنظفها.
وتعزو سعاد نجاحها الى قدرتها على المثابرة والعزيمة على الاستمرار في العطاء والبذل.

في عام 2014 ، أعلنت الشركة إفلاسها . لم تقبل سعاد الوضع ولم تستسلم ، بحثت عن شركاء ومستثمرين يثقون فيها ويؤمنون بقدراتها.. وفعلا وجدت مستثمراً يؤمن بها. ومنذ ذلك الحين ، اصبحت شريكة في ملكية الشركة…شركة البناء (كومبي / Combi)
“هو أمر ليس سهلا أن تكون امرأة صاحبة شركة للبناء، لكن الامر فقط مسالة وقت ليتعود الناس على الوضع..غالبا ما يعتقد العملاء أنني رجل ، حتى شاهدوني في موقع البناء أسير بخوذتي الوردية والأحذية ذات اللون الوردي … صحيح ،الامر أخذ بعض الوقت لكن كل شيء على ما يرام” تقول سعاد.

نجاح سعاد وشركتها لم يمر مرور الكرام، فقد اختيرت كأفضل سيدة أعمال من أصول مهاجرة لهذا العام.
و وفقا لسعاد ، يمكن لقطاع البناء ايضا استخدام بعض النساء. “إن عالم البناء صعب ويمكن للمرأة أن تجعله أكثر ليونة.” تقول سعاد.
لذلك تسعى من خلال شركتها توفير فرص عمل للنساء وتوفير المجال لهن لرسم مسار وظيفي في عالم البناء .. وهي ترغب فعلا في قادم الايام توفير مزيدا من التدريب الداخلي في شركتها للنساء اللاتي يرغبن في دخول عالم البناء.
هي تأمل بشكل خاص إلهام سيدات أخريات للميدان. “مازلت في مرحلة البناء ، لكني الآن أريد أيضًا أن أبدأ في بناء المجتمع و بطريقة مختلفة.” تقول سعاد .