الجالية24

قال محمد عبد النباوي، الرئيس المنتدب للمجلس الأعلى للسلطة القضائية، اليوم يوم الثلاثاء الماضي بالرباط، إن مهنتي القضاء والصحافة متكاملتان في حماية المجتمع والنظام العام، ولا تسمح إحداهما للأخرى بالتجاوز، وكل واحدة ترصد سير الأخرى وتمنعه من الزلل والسقوط، مشيرا إلى أن النقاش المجتمعي والقانوني والحقوقي ينصرف إلى تحقيق الملاءمة بين حرية الصحافة والرأي والتعبير من جهة، وبين الحقوق الأساسية المخولة للأفراد وللمجتمع بمقتضى المواثيق الدولية لحقوق الإنسان والدساتير المتقدمة، ومن بينها دستور المملكة، من جهة أخرى.

وأضاف عبد النباوي، في كلمة له بمناسبة الندوة الدولية المنظمة بشراكة مع منظمة اليونسكو في موضوع “دور القضاء في تعزيز حرية التعبير بالمنطقة العربية”، أنه “إذا كان من حق الأفراد أن يعبروا عن آرائهم بحرية وبمختلف أشكال التعبير الشفوية أو الكتابية أو غيرها، فإن هذا الحق مقيد بمقتضى المادة 19 من العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية بواجبات ومسؤوليات خاصة يضعها القانون متى كانت ضرورية لحماية حقوق أو سمعة الأشخاص الآخرين، أو لحماية الأمن الوطني أو النظام العام أو الصحة أو الأخلاق العامين”.

وذكر الرئيس المنتدب للمجلس الأعلى للسلطة القضائية بأن “حرية الصحافة تعد أهم صور حرية التعبير ومؤشرها الأساسي، ويتم تصنيفها كسلطة رابعة”، ناهيك أن “الدستور المغربي الذي أقر حرية الرأي والتعبير والصحافة، أوكل للقانون تنظيمها، لأجل حماية حقوق وحريات الأفراد، والنظام العام بتجلياته الثلاثة المتعلقة بالأمن العام والأخلاق العامة والصحة العامة”.

وتابع عبد النباوي أن “مهنة الصحافة هي نشر الأخبار بعد التحري عن صحتها بطريقة مهنية، وزيادة في التأكيد على ذلك، عهد القانون لمدير النشر تحت مسؤوليته الشخصية بالتحقق من صحة الأخبار والتعاليق أو الصور وغيرها قبل نشرها، وبذلك فالصحافة تعتبر مهنة نبيلة، باعتمادها في نقل الأخبار ونشرها على تحريات وصفها القانون بالمهنية، أي بالجدية والاحترافية، التي تتلافى نشر الإشاعات والأخبار غير المحققة، ولذلك يعاقب القانون على القذف والتشهير والسب”.

واسترسل المتحدث ذاته قائلا “لئن كانت الصحافة تؤدي دورها داخل المجتمع في نقل الأخبار الصحيحة والكشف عن التصرفات الضارة، والإعلان عن المبادرات الحسنة، كما تشكل سيفاً مسلطاً على المخالفين للقانون بواسطة تحرياتها وتحليلاتها وتعاليقها، فإن القضاء يقوم بدور المحافِظ على التوازن بين الحقوق والواجبات، وهو مدعو لحماية الصحافة والمحافظة على حريتها وعلى حقها في الوصول إلى مصادر الخبر وفي حماية مصادره المشروعة”.

وأردف عبد النباوي “وإذا كان نجاح الصحافة في مهامها يقاس على أساس صحة الأخبار التي تنشرها وعلى أساس السبق الصحافي في تناول الخبر، فإن تفوق القضاء في مهامه يقاس على أساس نجاحه في إقامة التوازن بين حقوق الصحافيين وحقوق الأغيار الذين يكونون مادة صحافية، وعلى أساس الفعالية والنجاعة في رد الفعل القضائي”، مؤكدا أن “تعرف القضاة على مهام الصحافيين مفيد لهم في تطبيق المقتضيات القانونية المتعلقة بالصحافة، والعكس صحيح بالنسبة للإعلاميين قصد تحليل الإجراءات القضائية والتعليق على الأحكام”.