في سنة 1945 تأسست منظمة الامم المتحدة , وكان ذالك انطلاقا من  الخسائر في الارواح التي عرفتها الحرب العالمية الثانية , وللتذكير كانت قبلها منظمة مماثلة تسمى عصبة الامم , والتي تم  اسبدالها بهيئة الامم المتحدة حاليا , وهي في الواقع جمعية كباقي الجمعيات لها قانون داخلي معقد , وهذا ما سوف نحاول شرحه في هذا المقال بمشيئة الله .

هذه الجمعية والتي تسمى منظمة الامم المتحدة , هي عالمية تحوي جميع دول العالم , ويدير أعمالها مجلس يضم 15 عضو من الدول المنخرطة , 5 دول دائمة العضوية وهي – الصين وفرنسا وروسيا وبريطانيا والولايات المتحدة الامريكية – و10 أعضاء – دول – غير دائمة العضوية , يتم اختيارهم من طرف الدول الدائمة العضوية .

أهداف هيئة الامم المتحدة هو الحفاظ على الامن العالمي ,والتدخل لفك النزاعات الدولية ,وترسيخ الديموقراطية و حماية حقوق الانسان ومساعدة الشعوب في تقرير مصيرها في حالات الخصومات الدولية , واخيرا الحد من أسلحة الدمار الشامل  .

كيف يتم انتخاب رئيسها ؟.

بناءا على توصيات  من مجلس الامن , يعين الامين العام للامم المتحدة من قبل الجمعية العامة للامم المتحدة , لكن الاعضاء الدائمون: الصين وفرنسا وروسيا وبريطانيا والولايات المتحدة الامريكية ,  لهم حق الاعتراض على من سيتولى المنصب . باستعمال ما يسمى بالفيتو – حق النقض -.

جميع الذين تناوبوا  على هذا المنصب تقريبا  تمت الاستفادة من خدماتهم للمرة الثانية ,  باستثناء الدكتور المصري الذي وافته المنية قبل شهر – السيد بطرس بطرس غالي –  رحمه الله .

منظومة الامم المتحدة تتشكل من الجمعية العامة والتي تضم جميع الدول المنخرطة , والتي تحضى بصوت واحد في التصويت مع خمسة ممثلين لكل دولة في الجمعية العامة .

مجلس الامن , ويضم الدول ذات العضوية الدائمة : الصين وفرنسا وروسيا وبريطانيا والولايات المتحدة الامريكية , والتي لها حق الفيتو , أي النقض .

مجلس الوصاية التابع للامم المتحدة , ويطبق على الأقاليم غير المتمتعة بالحكم الذاتي .

الأمانة العامة لهيئة الأمم المتحدة , وهي جهاز يتألف من موظفين دوليين يعملون في مقر الامم التحدة بنيوورك .

محكمة العدل الدولية هي الذراع القضائي الأساسي لمنظمة الامم المتحدة والذي يقع مقرها بلاهاي – هولندا –

المجلس الاقتصادي والاجتماعي هو أحد مجالس الامم المتحدة ، وقد أنشأه ميثاق الأمم المتحدة كجهاز رئيسي لتنسيق الأنشطة الاقتصادية والاجتماعية للأمم المتحدة والوكالات المتخصصة .

وعلى ذكر الوكالات , تتوفر الامم المتحدة على وكالات عديدة في الثقافة والصحة والسياحة والزراعة والطاقة الذرية والاحوال الجوية والابناك والملكية الفكرية , هذه الوكالات لها  اٍدارات مركزية متفرقة في العالم .

بعد هذه الخلاصة الموجزة نمر الى بعض الاشكاليات الصعبة التي تعرفها المنظمة العالمية والمعروفة بهيئة الامم المتحدة والتي يمكن تلخيصها بين ماهو حق وباطل  .

يظهر جليا , أن الدول الدائمة العضوية والتي هي : الصين وفرنسا وروسيا وبريطانيا والولايات المتحدة الامريكية , لها نصيب الاسد في جميع الحالات , رغم أن هناك دول قوية على مستوى الاقتصاد والصناعة والتجارة – ألمانيا واليابان مثلا  –  , هذه التشكيلة في حد ذاتها تبقى باطلة مقارنة مع الواقع المعاش   .

ثانيا , من غير المعقول, وبعيدا عن الحق  أن تعطى لهذه الدول ما يسمى بحق النقض دون غيرها , وهو الامر الذي يشكل تناقض صارخ مع مبدأ العدالة والديموقراطية وحقوق الانسان المنصوص عليها  في بنودها ومواثيقها الدولية  .

ثالثا , هناك بند في الميثاق يجعل التصويت ممنوعا على كل دولة لم تؤد الانخراط , وهو ضرب من ضروب التهميش والاقصاء  . وخرق لمبدأ حقوق الانسان وحرية التعبير والرأي  , وصنف من اصناف الباطل .

رابعا , اللجوء الى التصويت في أي قضية كيفما كانت , يعطي الاحساس بأن الاحكام المنبثقة عن جمعية الامم المتحدة  ليست على صواب دائما , لآن التصويت يكون فيه ترغيب وترهيب وضغوط  ومصالح  .

خامسا , منذ تأسيس الجمعية تعاقب على رئاستها شخصيات عالمية من دول مختلفة , منهم من وافقت الدول الدائمة  العضوية  على استمراره , ومنهم من عارضت على ترشيحه للمرة الثانية . وهذا العمل يعتبر مجانبا للصواب , وبعيدا عن الحق .

مؤخرا , خرج السيد  بان كي مون , الامين العام لهيئة الامم المتحدة , خرج  بتصريحات غير منطقية وبعيدة عن الصواب وقريبة الى الباطل  بخصوص النزاع الذي ناهز 40 سنة من الزمن بين المغرب وحركة البوليزاريو المعارضة , والتي تطالب بالانفصال عن المغرب , في ما يسمى بالصحراء المسترجعة من الاسبان .

وبهذا يكون الناطق الرسمي لجمعية الامم المتحدة قد ارتكب خطأ فادحا حينما قال أن المغرب يعد مستعمرا  للصحراء , وهو ما يعني أن الارض ليست أرضه , وأن عليه أن يرحل منها .

السيد بان كي مون أبان عن ضعفه السياسي تجاه مشكلة الصحراء , حيث لم تكن هنالك قبل خروج اسبانيا من الصحراء المغربية  دولة قائمة , ونسى بأن حركة البوليزاريو هي حركة أسسها شباب مغاربة من أصول صحراوية , معظمهم , اٍن لم نقل كلهم , درسوا بالمغرب , ومعظمهم لازالت لهم أقارب بالمغرب لحد الساعة .

من الحقائق الثابثة في هذا الموضوع , قدم المغرب منذ سنوات مشرع سياسي أطلق عليه الحكم الذاتي , وعبر القنوات الدبلوماسية رحبت  كثيرا من الدول بهذا المشروع وأيدته بدون شروط .

كما عزز المغرب هذا المشروع السياسي , بخطوة أخرى أطلق عليها اسم اعتماد الجهات في السياسة التنموية حتى تأخذ كل جهة نصيبها من الاهتمام والبنيات التحتية انطلاقا من تضاريسها وموقعها الجغرافي .

كما سبق الذكر, الآمين العام للأمم المتحدة هو رئيس الأمانة العامة للأمم المتحدة , والناطق الرسمي لها وبها  , لكن وجبت الاشارة أن الدول الدائمة العضوية هي التي تقرر وتلغي , وكما حاولت أن أشرح بالتفاصيل فليست قرارات الامم المتحدة دائما على صواب .

الصحراء المغربية , يعود تاريخها الى  سنة 1884 حيث  تم توقيع معاهدة برلين لتقسيم البلدان الافريقية , وكانت الصحراء المغربية آنذاك من نصيب الاسبان الذين مكثوا فيها الى سنة 1975 , حيث غادروها بدون اٍراقة دماء , بفضل مسيرة مشهورة تسمى بالمسيرة الخضراء .

حينما استرجع المغرب هذا الجزء من ترابه , سارع نشطاء من هذه المنطقة بتكوين جبهة تطالب بالانفصال عن المغرب , وبعدما لم يتأت  لهم ذالك , خرجوا ومعم بعض الصحراويين المغاربة الى ما وراء الحدود بمنطقة تدعى تندوف , ومنذ ذالك العهد والامور لازالت عالقة .

المغرب لا يجد أي حرج في الجلوس معهم على مائدة المفاوضات, لكن لحد الساعة لم تظهر نتائج مشجعة , علاوة على هذا كله المغاربة يختلفون في مسائل سياسية وثقافية ودينية ورياضية وعلى مستوى العادات والتقاليد واللهجات وأشياء أخرى , لكن على الوحدة الوطنية يجتمعون بدون غضاضة .

اليوم بفضل التقنيات الرقمية الجديدة , ومع كامل الاسف يتابع الناس أينما وجدوا عن كثب ما يجري في العالم درجة درجة  ,حيث أضحت المعلومات تصل الى المواطنين من خلال المواقع الاجتماعية بسرعة الضوء تقريبا , وهو الامر الذي يفضح بجلاء تغاضي الامم المتحدة عن مناطق ملغومة بالمشاكل في مناطق متفرقة في العالم . وسوف تسجل على هذه الجمعية الدولية بعض المأسي كالتي وقعت في سوريا , حيث تم تشريد أزيد من 4 ملايين سوري , لازال العالم يتابع نزوحهم من وطنهم الى وجهات آمنة.

وما يجري حاليا في ليبيا وتونس واليمن والعراق وفلسطين وبورما ووسط افريقيا و… تعود مسؤوليته الاولى الى هذه الجمعية الدولية التي لم تتدخل ولم تحرك ساكنا .

كتبت مقالا  في السابق عن جامعة الدول العربية والتي ذبلت , واندثر صيتها وصوتها , واليوم جاءت المناسبة بأن أقول بأن منظومة الامم المتحدة يجب مراجعتها من الاساس , لآنها أصبحت ترتكب أخطاء , وتتغاضى عن الحق وتزكي المخالفات من داخلها , وهي التي ترسم على صفحاتها مواثيق العدالة وحقوق الانسان وحرية التعبير وترسيخ الديموقراطية , ومناصرة الاقليات , والحد من الاسلحة والدمار و تشجع التعايش بين الاديان وتعمل على ضمان الامن, وفرض الاحترام بين الشعوب .

 

محمد بونوار

كاتب مغربي مقيم بالمانيا