استقبل الأمين العام لمجلس الجالية المغربية بالخارج مساء يوم الثلاثاء 5 أبريل 2016 بمقر المجلس بالرباط وفدا فرنسيا مكونا من منتخبين لمدن فرنسية وكذا رجال دين يمثلون الديانات السماوية أبرزهم الحاخام الأكبر لبوردو.

وخلال هذه الزيارة اعتبرت نائبة عمدة بوردو آن بريزيليون أن “الجمعيات المغربية في بوردو يشكلون ثروة لهذه المدينة الفرنسية وقد مكنوا من تحقيق إنجازات قيمة لفائدة سكان المدينة”.

أما الحاخام الأكبر السابق لمدينة بوردو، كلود مامان فقد عبر عن شكره العميق لمجلس الجالية المغربية بالخارج الذي كان وراء تنظيم هذه الزيارة التي مكنته من العودة على بلده الأصلي المغرب الذي لم يزره منذ 45 سنة، مشددا على أن المغرب أرض أخوة عاش فيها اليهود والمسلمون في سلام وتسامح منذ زمن بعيد.

من جانبه أبرز الأمين العام لمجلس الجالية المغربية بالخارج أن المكون اليهودي يشكل جزءا من التاريخ المغربي، والدستور المغربي يعترف بهذا المكون كأحد روافد الهوية المغربية والذي يطبع دينامية التعدد على الشخصية المغربة، وذكر في نفس الوقت بموقف الملك الراحل محمد الخامس الذي رفض طلب حكومة فيشي بترحيل اليهود المغاربة مشددا على ان لا فرق بين المغاربة، كما لم يكن هناك أي انعكاس للصراع في الشرق الاوسط على الجالية اليهودية في المغرب.

وقدم عبد الله بوصوف نبذة عن عمل المجلس كمؤسسة استشارية استشرافية إلى جانب صاحب الجلالة تعنى بتقييم السياسات العمومية وتقديم اقتراحات لتحسين هذه السياسات وفق مقاربة تشاركية مع الحكومة المغربية وباقي الفاعلين الرسميين والجمعويين في دول الإقامة، وموقعه كقوة اقتراحية وفضاء للتحاور والنقاش لإنتاج الافكار وتقييم السياسات العمومية في مجال الهجرة.

وركز عبد الله بوصوف في كلمته خلال هذه المناسبة على أهم الخصائص التي تميز الهجرة المغربية كالانتشار في أكثر من خمسين بلدا في العالم حيث تأتي فرنسا على رأس الدول التي يتواجد فيها المهاجرون المغاربة، إضافة إلى خاصية التأثنيت إذ تمثل النساء حوالي نصف الهجرة المغربية، وخاصية التشبيب حيث ان أكثر من خمسين في المائة من المهاجرين المغاربة هم من الشباب.

وسلط بوصوف الضوء على اشتغال المجلس على قضية الإسلام في أوروبا وإشراك الفاعلين الدينيين في المغرب وفي أوروبا في النقاشات سواء حول الوضع القانوني للإسلام في أوروبا، أو الإسلام في أوروبا أي نموذج، الذي اهتم بالسياق الأوروبي حيث يعيش الإسلام كأقلية، إضافة إلى اللقاء الذي احتضنه البرلمان الأوروبي في ستراسبورغ حول تكوين الأطر الدينية.

في نفس الإطار جدد بوصوف التأكيد على القيمة المضافة للهجرة سواء بالنسبة لدول الأصل أو دول الإقامة والدور الذي تلعبه في حوار الثقافات والحوار بين الأديان وأهميتها المحورية في تعرف الأشخاص على باقي الديانات، مستعرضا إسهامات الهجرة المغربية في القضايا المشتركة للإنسانية كالعمل على محاربة النازية وتحرير الدول الأوروبية من خلال مشاركة الجنود المغاربة رفقة الجيوش الأوروبية وسقوطهم في أرض المعركة دفاعا عن فرنسا وبلجيكا ودول أخرى، وأكد على أن تاريخ المغرب وأوروبا تاريخ مشترك ومترابط ولا يمكن فهم طرف من دون العودة إلى تأثير الآخر وما “الوضع المتقدم” الذي يجمع المغرب بالاتحاد الاوروبي إلا  تتويج لعلاقات تاريخية جمعت الطرفين منذ قرون.

وخلص بوصوف إلى أن التحديات الحالية التي يعرفها العالم وانتشار التطرف، تعود على عدد من الأسباب من بينها عدم المعرفة الصحيحة بالآخر وهو “ما يفرض علينا العمل بشكل مشترك من آجل الانفتاح على الآخر ومعرفته معرفة علمية والاستماع إليه”، وضرب في هذا السياق المثال بالتكافل والتعاون بين أفراد من جميع الديانات وكذا أشخاص ملحدين وإسهاماتهم المادية والمعنوية في بناء مسجد ستراسبورغ الكبير بداية الألفية الثالثة.

ودعا بوصوف في نهاية مداخلته إلى تظافر الجهود من اجل التوصل إلى نموذج ديني موحد يتوافق مع خصوصيات كل الأطراف وهو ما يمكن للنموذج المغربي المساهمة فيه من خلال عناصره الأساسية التي قد تساعد في بناء خطاب ديني يتماشى مع القيم الأوروبية وحفظ الممارسة الدينية للجاليات المسلمة.

يذكر أن برنامج الزيارة التي تقوم بها إلى المغرب هذه البعثة المكونة من من منتخبين في المجالس البلدية لمدينة بوردو، وبارومبور، وبيرجيراك وكذا رجال دين فرنسيين لقاءات مع مسؤولين في عدد من المؤسسات العمومية مثل مجلس الجالية المغربية بالخارج والمجلس الوطني لحقوق الإنسان ووزارة الشؤون الخارجية والتعاون ووزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية، إضافة الى منتخبين محليين في مدينة الدار البيضاء ومجموعة من المعالم الدينية في نفس المدينة وكذا زيارة لمعهد محمد السادس لتكوين الأئمة والمرشدين والمرشدات.

وتأتي هذه المبادرة لتتويج سلسلة من اللقاءات التي عقدها مجلس الجالية المغربية في الخارج في إطار متابعته للتحولات التي تشهدها الهجرة والنقاشات التي تثار حول الهجرة سواء في المغري أو في دول الإقامة.

13