ولد محمد السادس عام 1963 بمدينة الرباط التي ترعرع ودرس بها , والده هو الملك الحسن الثاني ووالدته هي السيدة لطيفة أمحزون , بدأ مساره التعليمي في الكتائب القرآنية , ثم تابع دراسته الى ان حصل على شهادة الباكلوريا التي خولته الدخول الى جامعة محمد الخامس بالرباط  التي حصل بها على الاجازة سنة 1985.

في سنة 1993  رحل الى فرنسا حيث حصل على شهادة الدكتوراة في الحقوق من جامعة نيس.

تقلد عدة مناصب قبل توليه الملك , على اثر وفاة والده الملك الحسن الثاني  رحمه الله في يوليوز من سنة 1999 , جلس على عرش البلاد وبويع ملكا وأمير المومنين بالمغرب .

في سنة 2002 تزوج محمد السادس  من السيدة سلمى بناني  , و هي مهندسة في الاعلاميات , وأعطيت لها   لقب أميرة , عوض والدة الامراء كما كان متعارف عليه في عادات القصر الملكي .

في سنة 2003 , ازداد مولوده الاول وسماه الامير الحسن تيمنا بوالده الحسن الثاني رحمة الله عليه , وفي سنة 2007 , جاء الى الدنيا مولوده الثاني وسماه  الاميرة خديجة .

ما لا يعرفة عامة الناس وهو ان محمد السادس ملك المغرب , هو بمثابة رئيس الدولة , وفي ذات الوقت وزير الدفاع , وهو ما يطلق عليه القائد الاعلى ورئيس أركان الحرب العامة للقوات المسلحة الملكية .

في داخل القصر الملكي  يتواجد  مكتب خاص بمحمد السادس ومنه تخرج معظم القرارات ,  ويساعده في تلك المهام فريق مكون من خيرة الخبراء المغاربة  في السياسة والاقتصاد والاعمال الاجتماعية والسياحية والاستراتيجيات الدولية , هذا الفريق يطلق عليه حكومة الظل نظرا لعدم ظهوره امام الجمهور المغربي الا في مناسبات قليلة .

رغم برامجه المزدحمة بالاشغال يتفرغ محمد السادس بعض الوقت لممارسة بعض الرياضات المحببة لدية كالقنص والتزحلق على الثلج ورياضة البحر .

يتمتع  بشعبية كبيرة لدى المواطنين ,وهناك من يتحايل على ملاقاته في أوقات فراغه لتقديم طلب أو شكاية أو أخد صور معه .

ماذا يمكن ان يكتب الانسان عن فترة تولي  محمد السادس زمام الامور بالمغرب كملك  ؟

مهمة صعبة للغاية , لكن بالترتيب يمكن القول أن عجلة التنمية وسرعة نمو الاقتصاد واستثباث الامن والحفاظ على  الاستقرار السياسي والتواصل مع دول الجنوب هي العناصر الطاغية على فترة حكمه .

لا يختلف المغاربة قاطبة ان عهد محمد السادس عرف رواجا اقتصاديا اكثر مما كان عليه المغرب في عهد والده الحسن الثاني رحمه الله , لكن ذالك الرواج لم يأت صدفة , بل كانت هناك خطة ذكية استدراجية محكمة حتى يساهم المغاربة أصحاب رؤوس الاموال في عجلة التنمية والاقتصاد , وبدايتها كانت حينما هم الملك محمد السادس بنفسه في الاستثمار عبر شركة أونا , والتي تملك العاءلة الملكية فيها نصيب الاسد فيما يخص الاسهم . وطبعا هناك استثمارات ملكية اخرى في قطاعات مختلفة , جعلت الاموال التي كانت اٍما راكنة في الابناك, أومهربة  خارج الوطن تشارك في حملة  التنمية والاستثمار , وقد انتقلت العدوى الى مستثمرين أجانب لازالوا يتهافتون على فرص الاوراش بالبلاد .وهذه النقطة بالذات لو كان متسعا من الوقت لما كتبنا عنها الكثير , لكن يبقى من الواجب الاقرار بان هذه العملية بددت الخوف الذي كان في قلوب المغاربة الاغنياء , والخوف كما يعرف الجميع هو المصيبة الاولى والكبيرة التي يمكن ان تفقد المواطنين نعمة الامن والاستقرار, وتعصف بهم في متاهات  الاضطراب الاجتماعي والسياسي, وفي هذا الباب لا يخفى على احد ما تعرفه العديد من الدول الافريقية المجاورة من تطاحن قبلي وحروب أهلية وتسلح عشوائي ومجاعة من فرط سوء التسيير , وفقر وأمراض خطيرة  جعلت رعاياها تشد الرحال الى مناطق أكثر أمنا واستقرارا .

هذا الامن الذي ينعم به المغرب بقيادة محمد السادس كانت له نتائج كثيرة , أولها نزوح الافارقة السود طمعا في الاستقرار بالمغرب , ومؤخرا بدأت جحافيل من المضطهدين من الشرق الاوسط تدخل الى البلاد هربا من العنف والقتل والمجازر التي اودت بحياة كثير من الابرياء في سوريا والعراق وفلسطين واليمن وليبيا ولازالت اللائحة قابلة للتوسع .

لا ننسى ايضا , أن الامن والاستقرار والرواج الاقتصادي بدد فكر المغاربة الطامعين في الخروج الى الخارج , وذالك بعد أن تحسنت اوضاعهم وأمنوا  بالفرص المتاحة في البلاد , واستقرت لهم فكرة النهوض وتربص الفرص  بدافع الاستثمار , أو الشروع في البحث عن مشاريع مدرة جديدة  .

من جهة ثانية , مغاربة العالم , أو المغاربة المقيمين بالخارج كما يحلو للبعض تسميتهم– للتذكير فقط عددهم حوالي 5 ملايين –  , بدأوا  يميلون الى فكرة الرجوع الى الوطن الذي غادروه بحثا عن فرص العمل , وقد جاء ذالك كنتيجة لنجاعة التنمية الاقتصادية التي عرفها المغرب في عهد  الملك محمد السادس .

 

 

بالنسبة للاستقرار السياسي , كانت هناك رجة قوية أحدثها الربيع العربي , لكن شجاعة محمد السادس  من خلال اجراء تعديلات على الدستور سنة 2011  للخروج بالبلاد من زوبعة الربيع العربي بسلام وأمان دون خسائر, نالها بذكاء , وأفرزت الوضعية حكومة جديدة بوجوه جديدة  .مع العلم أن ما يسمى بالربيع العربي كانت رجة قوية وذات حمولة وأبعاد خطيرة , ولكي يستوعب المرء الاخطار الحقيقية التي كانت محدقة من جميع الجوانب , يكفي الاطلالة على دول اليمن والعراق وسوريا وليبيا وما آلت اليه الامور من جراء ثورات  الربيع العربي .

 

 

ربما قد يكون أكبر ربح حققه الملك محمد السادس مقارنة مع ما يجري في دول المنطقة , حيث لازال الاستقرار السياسي مستقرا بشكل محمود بالمغرب , بل وأضحى قبلة لكثير من المستثمرين سواء الاجانب أو مغاربة الخارج  .

المحللون السياسيون والمحنكون في الاستراتيجيات الدولية , هم الطبقة الوحيدة التي تعرف مكانة هذه النقطة التي اجتازها المغرب تحت قيادته بأمن وسلام .

التوغل في دول الساحل والتواصل المستمر كان هدفه اقتصادي بالدرجة الاولى, وديني بالدرجة الثانية , واستراتيجي بدرجة ثالثة , وقد تأتى لمحمد السادس ذالك من خلال ربط علاقات مع دول الساحل في مجالات عدة , اٍضافة الى احتواء المجال الديني بواسطة تكوين ائئمة وتبادل البعثات في ميادين مختلفة لتكريس فكرة تعاون بلدان جنوب – جنوب .

حتى يكون المقال مأخوذا  مأخذ الجد ,لابد أن نتطرق الى النقط التي تعكر المسيرة التنموية لمحمد السادس . المغاربة يحترمونه احتراما كبيرا , لانهم يعرفون أن الملكية هي التي تقطع الطريف أمام التطاحن السياسي , ويزكونه لانه صمام الامان ووئاد للصدع  بين الاسلامين والعلمانين .

 

في واقع الامر ربما هذا الباب يجرنا الى موضوع  طويل  يستحق مقالا آخر بالفصيل , لكن لئلا نزيغ عن ما هو مقصود , لا أرى المناسبة للدخول في حيتياته  .

طبعا هناك معارضة في المغرب والتي يمكن تصنيفها الى قسمين .

القسم الاول يعيش في المغرب وهي جماعة العدل والاحسان والتي تتشبث بتقليص اختصاصات صلاحيات الملك , ورغم الحذر فان الجماعة تعمل بشكل عادي وتتواصل مع أعضاء الحكومة بدون     حرج يذكر  .

القسم الثاني  يعيش خارج المغرب ,وهو ما يسمى بجبهة الوليزاريو , وهي مناسبة لتصحيح بعض المفاهيم  والتعريف بان البوليزاريو هي جبهة معارضة مكونة من مغاربة  الصحراء المغربية التي كانت تحت الاستعمار الاسباني ,الا أنه بعد خروج الاستعمار , تكونت لديهم فكرة الاستقلال عن المغرب وأضحوا معارضين .

تمكنت الدبلوماسية المغربية بقيادة محمد السادس من إقناع المنتظم الدولي بتبني الرؤية المغربية لإنهاء نزاع الصحراء، من خلال تعهد المغرب بمنح منطقة الصحراء المغربية حكما ذاتيا موسعا تحت السيادة المغربية، وهو ما جعل منظمة الأمم المتحدة تتبنى الرؤية وتشرف على المفاوضات بين المغرب وجبهة البوليزاريو من حين لاخر  .

النقطة الاخيرة والتي لا يمكن التغاضي عنها , والتي أقر بها  محمد السادس بنفسه في خطابين متفرقين  هي الفوارق الاجتماعية بالمغرب التي بدأت تكبر بين المستفيذين من التنمية ودونهم . وهو ما يعني أن ثروات المغرب غير مقسمة تقسيما يستفيذ منه كل المغاربة . خاصة في العالم القروي الذي لازال يعاني من نقص ظاهر في البنيات .

على العموم , كما ذكرنا سالفا  يبقى الاستقرار والامن والقفزة الاقتصادية من أكبر ما يمكن تسجيليه في هذا الباب  في عهد محمد السادس طبعا , وهو تحقيق ليس باليسير , حيث أصبح الاستقرار في المنطقة  من أكبر المتمنيات والهواجس في آن واحد .

أما النقطة الاخيرة فهي سياسية ,حيث استطاعت الدبلوماسية  المغربية في عهده اٍقناع العالم بما يسمى بالحكم الذاتي في الصحراء  تحت الراية المغربية .

 

 

محمد بونوار كاتب مغربي مقيم بالمانيا