تم انعقاد اجتماع في الرباط أواخر أكتوبر، ضم كافة قناصلة المغرب بالخارج، تبلور على إثره ميثاق جديد لعمل قنصليات المغرب خارج أرض الوطن تحت مسمى “قنصليتي”، حيث تم التركيز فيه على رفع جودة الخدمات القنصلية، ودرجة التفاعل مع المغاربة المقيمين بالخارج، بالإضافة إلى العمل على تقوية ارتباطهم بالوطن. من هنا جاءت فكرة تسليط الضوء على دور القنصليات كمؤسسة حكومية تساهم في إنماء العلاقات الودية بين الامم بالرغم من اختلاف أنظمتها الدستورية والسياسية، وعلى ضمان الأداء الفعال لوظائفها بالنيابة عن دولها. فالقنصليات كمؤسسة حكومية هي امتداد لنظام دولة بعينها، حيث تخضع في عملها لاتفاقيات دولية ومعاهدات ثنائية مع دول الاستقبال. ومن بين هذه الاتفاقيات اتفاقية فيينا لسنة 1963 حول العلاقات القنصلية والتي تحدد مهام ووظائف البعثة القنصلية على الشكل التالي:
– حماية مصالح الدول الموفدة ومصالح رعاياها في الدول المضيفة،
– تنمية العلاقات التجارية والاقتصادية والثقافية والعلمية بين الدولتين الموفدة والمضيفة
– انجاز الوثائق الادارية ” جواز السفر، الحالة المدنية، عقود الزواج، البطاقة الوطنية، الشواهد الادارية وغيرها”
– حماية مصالح الدول الموفدة في قضايا التركات وفقا لقوانينها وأنظمتها
– حماية مصالح الرعايا القاصرين و ناقصي الأهلية
– حرية الموظفين القنصليين في الاتصال برعايا الدولة الموفدة ومقابلتهم (والعكس صحيح)
– حق الموظفين القنصليين في زيارة أي مواطن من رعايا الدولة الموفدة، المسجون أو الموقوف أو المحتجز والتحدث إليه ومراسلته.
بالاضافة إلى هذه الاتفاقيات، هناك باقي المعاهدات الدولية سواء المتعلقة منها بحقوق الانسان كالعهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية، والعهد الدولي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية، فاتفاقية حقوق الطفل وكذا اتفاقية حقوق المرأة ضد التمييز، أو تلك المتعلقة بحماية حقوق العمال المهاجرين وذويهم وأسرهم التي تم اعتمادها من طرف الجمعية العامة للامم المتحدة في دجنبر 1990 وصادق عليها المغرب في 21 يونيو 1993 ودخلت حيز التنفيذ في فاتح يوليوز 2003، في حين رفضت الدول الاوربية المصادقة عليها.
ومن بين الاتفاقيات التي تؤطر العمل القنصلي، الاتفاقيات الثنائية، التي تبرم بين الدول الموفدة ونظيرتها المضيفة، كما هو الشأن في الاتفاقيات المبرمة بين المغرب وايطاليا فى عدة مجالات. واعتمادا على هذه الترسانة القانونية يسعى كل بلد على حدى لإحداث بعثات قنصلية في بلد الاعتماد انسجاما مع عدد وأماكن تمركز مواطنيه، لذالك فعدد القنصليات ببلد ما يزيد أو ينقص حسب الحاجة إليه، لذلك فقرار إحداث شبكة من القنصليات المغربية في بلد كايطاليا جاء بشكل تدريجي لتقريب الإدارة من المواطن وتقديم خدمات إدارية له، فالمركزان اللذان كانا قديما هما قنصليتا ميلانو وروما، ونظرا لتزايد الضغط عليهما وما يترتب عن المهاجر من إكراهات في السفر لقضاء حاجته الإدارية زاد عددها ليصل إلى ست قنصليات موزعة على المدن التالية : روما، ميلانو، بولونيا، باليرمو وتورينو ففيرونا التي تعتبر آخر قنصلية أنشئت سنة 2009. يقول القنصل العام لفيرونا السيد أحمد الخضر:” تغطي قنصلية فيرونا ثلاث جهات تشكل الدائرة القنصلية لفيرونا وهي كالتالي:
– جهة الفنيطو، تشمل سبع عمالات تعود رئاستها إلى حزب عصبة الشمال المنتمي إلى اليمين المعروف بمواقفه ضد الأجانب،
– جهة فريولي جيوليا فنيزيا، تشمل أربع عمالات تعود رئاستها إلى الحزب الديمقراطي، المنتمي إلى اليسار الوسط،
– جهة طرينطو الطو أدجي، تتمتع بحكم ذاتي، يرأسها حزب أوطونوميستا ترينتينو تيروليوي، منتمي الى اليسار الوسط، حزب موجود على على رأس عمالتين، معروف بدفاعه عن الحكم الذاتي للجهة.

وتعتبر منطقة تريفنيطو، يقول القنصل، من أغنى المناطق بايطاليا حيث ترتكز اقتصاديا على القطاعات الصناعية والفلاحية و السياحية. ويشتغل المهاجرون المغاربة القاطنين بها في القطاعات التالية 41.4% منهم يعملون بالقطاع الصناعي و5.9% بالقطاع الفلاحي و52.7% يعملون بقطاع الخدمات.
وعن عدد المغاربة القاطنين بهذه الجهة يقول القنصل “إن عدد المسجلين بهذه القنصلية يقارب 85.000 نسمة موزعين حسب الجهات الثلاثة التالية: جهة الفنيطو 69248 نسمة و10049 نسمة بطرينطو ألطو أدجي في حين يصل عددهم بفريولي جيوليا فينيزيا إلى 5688 نسمة”.
وعن كفاءة عمل القنصلية يقول ادريس كويلة، استاذ وفاعل سياسي وجمعوي بتريفيزو يقول :”تتشكل القنصلية من مجموعة من الموظفين منتدبين من مجموعة من الإدارات المغربية المختلفة، مما يتطلب من المسؤول الأول على الإدارة، أن يضع أدوات التنسيق والانسجام بين كل الموظفين من أجل تطوير آليات الإدارة، ويتبين هذا جليا، يقول الاستاذ ادريس ويضيف، في النموذج الحالي لقنصلية فيرونا الذي يختلف جذريا عن سابقه، حيث أن القنصل السابق” غلب عقلية الإدارة القديمة في التسيير، بحيث أنه ركز على الجانب الأمني في عمله وتدخلاته ومواقفه، وضبط حرية العاملين بالإدارة، فكان المهاجر بالنسبة إليه عائقا بل ومصدرا للمشاكل”.
وفي ذات السياق يقول نائب القنصل “لكل قنصل طريقته في تدبير الشأن القنصلي. ففي العهد السابق كان نوع من الفوضى يشوب القنصلية وكان عدم التنظيم يطبع جميع المصالح بالقنصلية بحيث لا وجود لهيكل إداري يحدد اختصاصات المصالح وتوزيع المهام الإدارية بين الموظفين بشكل واضح”
وعن المبادرات التي تم اتخادها خلال هذه السنة يقول نائب القنصل: “هناك تغييرات عميقة أنجزت من أجل تطوير الفضاء القنصلي حتى يتسنى استقبال المواطنين في ظروف ملائمة وتمكين الموظفين القنصليين من العمل في ظروف جيدة.
كانت الممرات الحديدية و الأسلاك الفولاذية التي وضعها القنصل السابق لتنظيم حركية المواطنين محط انتقادات واسعة من طرف أفراد جاليتنا لكونها تفتقد لأدنى شروط الانسانية، وتسيء إلى صورة القنصلية و سمعة بلادنا مما حدا بالقنصل الجديد إلى إزالتها و الاكتفاء بمكتب استقبالات جد محدود.

الممرات الحديدية و الأسلاك الفولاذية التي وضعها القنصل السابق لتنظيم حركية المواطنين
كما تم نقل الإدارة من نظام عمودى الى نظام أفقي ، لتسهيل ولوج المواطنين الى مختلف المصالح، وفي ذات السياق تم إعادة تعيين و انتشار الموظفين داخل مصالح القنصلية على أساس درجاتهم الإدارية و كفاءاتهم المهنية و ذلك للرفع من الأداء القنصلي وتوخيا الفعالية في إنجاز الخدمات الإدارية، يقول نائب القنصل ويضيف، التواصل عبر الهاتف كان كذلك موضوع انتقادات شديدة من طرف أفراد جاليتنا وفي ذات السياق تقول السيدة نادية مهاجرة ” فعادة أنه لا أحد يرد على هاتف القنصلية للتأكد من صحة الوثائق ونجاعتها، وتبقى الإدارة تفي بمسؤولياتها اتجاه المواطن رغم عدم التسهيل مع بعض المهاجرين البعيدين” في هذا الاطار يقول نائب القنصل تم تعيين موظفة خاصة أوكلت إليها مهمة الرد على مكالمات المواطنين وتوجيههم والإجابة عن أسئلتهم، وتقول السيدة فاطمة الموظفة التي ترد على الهاتف “بعملي هنا أجدني أتلقى مكالمات من باقي المقاطعات الغير التابعة لنفوذ القنصلية، لمواطنين يستفسرون عن أمور تخص مصالحهم.
وعن المبادرات الجديدة التي تم اتخاذها خلال هذه السنة يقول نائب القنصل: ” تقريب الإدارة من المواطنين المتعذر عليهم الحضور كالمرضى وذوي الاحتياجاات الخاصة، حيث يقوم أعوان من القنصلية بالتنقل إلى أماكن تواجدهم لقضاء أغراضهم الإدارية”. يقول نائب القنصل ويضيف، “وإحداث قاعة للرضاعة خاصة بالأمهات المرضعات بادرة كان لها أثرا ايجابيا في نفوس أفراد جاليتنا حيث استحسنوا المبادرة و أشادوا بها”. وفي نفس السياق تقول المهاجرة المغربية نادية، وهي عاملة مهاجرة، ” رغم الضغط الذي نشعر به إلا أن الموظفين يقومون بعملهم على أحسن وجه، و أرى أن الإدارة في كامل تنظيمها، وتعامل الموظفين معنا يتم بلباقة” قبل أن تضيف ” هناك مواطنون يتحملون عناء الطريق البعيد ويصلون بعناء إلى هنا فيتفاجؤون أن الوثائق ناقصة، مما يضطرهم للانفعال والنطق بالفاظ نابية تخل بالاحترام، مما يجعل المشادات بينهم وبين الموظفين” . فالموظف تقول صباح، عون محلي بالقنصلية ” يقدم ما بوسعه، ما هو واجب عليه فعله، ويظل المشكل القائم مع المواطنين هو عدم استيعابهم لاختصاصات العاملين وعادة ما يأتون بوثائق ناقصة ويحملون الموظفين المسؤولية”. وفي السياق ذاته يقول ادريس، استاذ وفاعل جمعوي “يبقى على المهاجر حق في استيعاب الأمور، فعادة، يقول الاستاذ ادريس، ما يأتي المهاجر بوثائق ناقصة، راغبا في قضاء مصلحته واضعا تحت الضغط طاقم الإدارة، وهذا لا يغيب مسؤولية الإدارة، في تنشيط موقع يمكن من خلاله التواصل مع المهاجر.”
صحيح أن هناك بعض المواطنين يقول نائب القنصل ويضيف، “للأسف لا يكلفون أنفسهم عناء التحري في الوثائق الضرورية اللازمة للحصول على خدمة إدارية سواء عن طريق الهاتف بالقنصلية حيث توجد موظفة معدة لهذا الغرض أو عن طريق البوابة الالكترونية التي وضعتها وزارة الشوؤون الخارجية مند سنوات لفائدة المواطنين بالخارج. بالرغم من هذا فإن الطاقم القنصلي يبقى كله معبئا لتقديم كل التسهيلات الممكنة في حدود ما يسمح به القانون” ويضيف “على العموم لم يعد هناك مشكل مطروح مع المواطن، نظرا للتغيير الجذري الذي قامت به القنصلية، والتنظيم الذي يطبع الإدارة، حيث الموظف يعمل في أريحية وانسجام ودون ضغط والمواطن يقضي مصالحه برضى تام”،
وفي سياق ذا صلة يقول القنصل ” كانت العلاقة بين الإدارة والمواطن في السابق يشوبها اختلالات و تصدعات،” يقول القنصل المغربي ويضيف، “من المؤكد أن الذاكرة الجماعية للهجرة تحمل ترسبات الماضي، لكن هناك إرادة جادة من المسؤولين لتجاوز هذا الوضع وجعل هذه العلاقة ترقى إلى علاقة متوازنة وسليمة بين المواطن والإدارة، وذلك بناء على أساس مبدأ المواطنة، الذي يقوم الاحترام المتبادل بين المواطن والإدارة، والمبني على حقوق وواجبات من كلا الطرفين. فالمواطن له حقوق على الإدارة ومساعدته للحصول والتمتع بها، كالحق في المعلومة، والحق في الاستقبال فى ظروف لائقة والحق في الحصول على الوثائق اللازمة وكذا الحق في الحماية القنصلية إذا تعرض إلى مس أو تهديد في أحد حقوقه الأساسية، والمواطنة، يقول القنصل ويضيف، بقدر ما هي حق فهي أيضا واجبات، واجب المواطن اتجاه الإدارة، باحترامها، والاحترام هنا طبعا متبادل، واجب الادلاء بجميع الوثائق الضرورية للحصول على الوثائق الإدارية المطلوبة، وهنا صلب الخلاف بين بعض المواطنين والأعوان القنصليين، ولا أستثني كون المواطن لم يسبق له علم بالمعلومة الناجمة عن غياب عنصر التواصل.”
وفي سياق ذا صلة يقول الاستاذ الخزرجي عبد الله، رئيس جمعية هلال تريفيزو، “كانت القنصليات فيما قبل عبارة عن مقاطعات منحصر دورها في تقديم الخدمات الإدارية، وتغير هذا المعطى مع تغير معطيات الواقع، ففي إطار التحولات والحراك الأخير الذي شهده المشهد السياسي العربي، مع ما يسمى بالربيع العربي، خلق تغير في الإدارة، حيث أنه في الأول كان طابع العلاقة بين الإدارة والمجتمع المدني ينحصر في معناه الاستغلالي، الفاعل الجمعوي يجد مساحته المثلى في الإدارة فقط في الأعياد، هنا فقط يتحدد هامش التواصل مع المسؤولين. الفاعلون الجمعويون مادة أساسية لتنشيط الأعياد، وهذا الحد تجوز، فأصبحت الإدارة منفتحة على المهاجر ونشاطاته، فالقنصل الجديد في فيرونا خلق طريقة جديدة في التحرك والحراك، فتجده حاضرا على طول الخط، يقول الاستاذ الخزرجي ويضيف، ويعطي الدعم المعنوي للفاعلين الجمعويين، وكلمة أتحمل مسؤوليتها، يقول الاستاذ الخزرجي ويضيف، أن القنصل الجديد من بين أهم القناصلة في ايطاليا.”
وفي السياق ذاته يقول الاستاذ ادريس، “قامت الإدارة الجديدة على تجاوز المعنى الضيق للقنصلية الذي يقتصر على توفير الوثائق اللازمة للمهاجرين، بل والبحث عن طرق ناجعة للرفع من فعالية المجتمع المدني والتواصل الدائم معه، مما جعلها، يقول الاستاذ ادريس ويضيف، ترقى إلى مستوى الادارة الايطالية، مع احتفاظها بخصوصيتها المغربية، ومن الصعوبة بمكان التحدث عن المجتمع المدني المغربي بايطاليا، المجتمع المدني بالمغرب مازال يخطو خطواتها الأولى رغم أن عمر بعض الجمعيات يتجاوز الخمسين سنة ، فما بالك بايطاليا،”
وفي هذا السياق يقول القنصل المغربي ، “إن الجمعيات المغربية هي إطارات اجتماعية أسست على أساس قوانين بلد الاعتماد والملاحظ هو العدد الكبير لتلك الجمعيات التي يصل عددها إلى أزيد من 150 جمعية، ذات اهتمامات واسعة حسب تصريحات مسؤوليها تمتد مما هو اجتماعي وثقافي إلى ماهو ديني” “يجب أن نقر” يقول القنصل ويضيف، “إن هناك فئات جمعوية تستحق التقدير والاحترام لما يبذلونه من مجهودات تخدم مصالح الجالية، متحدين بذلك الصعوبات المعروفة في هذا الباب، تبقى هذه الكفاءات قليلة، يقول القنصل ويضيف، هنا تطرح عدة اسئلة : هل استطاع هذا الكم من الجمعيات أن يخلق ديناميكية في العمل الجمعوي لتحقيق الأهداف المتوخاة منه؟ أم هو تعبير عن ديناميكية انشطارية داخل النسيج الجمعوي؟ السؤال الثاني يتعلق بالتمثيلية وهو هل لهذه الجمعيات امتداد فعلي في أوساط هذه الجالية؟ وما مدى قدرتها على تمثيل شرائح واسعة من الجالية؟ سؤال آخر يطرح نفسه، ويتعلق بوجود أو عدم وجود مشروع أو برنامج قادر أن يشكل تلك اللحمة (sement) بين المكونات الجمعوية المغربية بايطاليا والمساهمة في تعبئة كل طاقاتها لخدمة مصالح الجالية هنا وهناك.”
وفي نفس السياق يقول الاستاذ ادريس “إن غالبية المهاجرين تعاطوا للعمل الجمعوي في مرحلة متأخرة، بعد الاستقرار وتأسيس الحياة الفردية، زيادة على ذلك رغم أن العرض المتوفر يشكل بالدرجة الأولى ماهو ثقافي، إلا ان الجمعيات الأولى كان همها الأساس مرتبط برافد واحد وهو الدين، تأسيس المساجد و تدريس اللغة العربية، التي لا يرقى تدريسها إلى المستوى المطلوب، إذ أنهم يعتمدون في تدريسها على طرق غير نظامية، والمواطنون القائمون بشأن التدريس هم مجرد متطوعين، لا يتوفرون على تأهيل ديداكتيكي، في الوقت الذي يجب اعتبارها من الاولويات التي يجب الاهتمام بها”
ويضيف الاستاد ادريس “لقد تأثر تعامل القنصلية بمساره التاريخي، فالمغرب الرسمي اليوم يعرف توجها لدعم العمل الجمعوي، وتحرير المبادرة الخاصة واعتبار العمل الجمعوي شريكا في دينامية النمو. المغرب بدأ يقبل شركاء للنهوض بتنمية البلد تماشيا مع التوجه العام السائد، لذا فالقنصلية تبحث عن محاور، ومطلوب من الجمعيات أن تكون لها قوة اقتراحية كبرى، واحترافية” يقول الاستاذ ادريس ويضيف، “فالميدان لم يعد بحاجة إلى هواة، الأمر اذن يتطلب احترافية وتكوين في المجال، كما يحتاج إلى تواصل عميق وتعاضض لتشكيل جمعيات قوية يمكنها حل المشاكل التي تواجه المهاجرين، ويتأتى هذا في شراكتها مع القنصلية، التي تعمل على تسهيل التواصل بين الجمعيات والإدارات العمومية بالمغرب،” وفي السياق ذاته يقول الاستاذ وعيد مسؤول المصلحة الاجتماعية، “الجمعيات النشيطة تعد على رؤوس الأصابع، لها نشاطات وازنة وتقدم تقريرا أدبيا وماليا سنويا، وهناك كذلك جمعيات قدمت مشاريع للدعم المالي للقنصلية، منها من استفاد من دعم وزارة الجالية المكلفة بالمغاربة المقيمين بالخارج،” ويضيف الاستاذ وعيد “هناك دورات تكوينية خاصة بتكوين المعلمين الغير النظاميين قامت وزارة الجالية بتنسيق مع القنصلية بتنظيمها، تقدمت من خلالها جمعيات للاستفادة منها، والاستفادة من الكتب المدرسية،” بالاضافة إلى هذا، فالقنصلية تستقبل طلبات المنحة و طلبات المشاركة في الجامعات الصيفية التي تتكلف وزارة الجالية بتغطية مصاريف المستفيدين منها.”
و عن علاقة القنصلية بالنسيج الجمعوي المغربي بشمال شرق ايطاليا يقول القنصل العام السيد احمد الخضر ” منذ الاجتماع التواصلي الأول الذي عقد مباشرة بعد تعييني في فيرونا أواخر اكتوبر 2013 يقول القنصل ويضيف، كانت المقاربة التي اعتمدناها في تعاملنا مع المجتمع المدني المغربي بهذه المنطقة مبني على ثلاثة أسس : أولها الانفتاح على كافة مكونات المجتمع المدني بمختلف توجهاته وحساسياته، والثاني هو العمل على أساس شراكة ما بين القنصلية والمجتمع المدني والثالث هو التعامل على أساس برنامج واضح وجدي يخدم مصلحة الجالية والوطن.”

الاجتماع التواصلي الأول للقنصل مع المجتمع المدني المغربي
وعن علاقة القنصلية بمحيطها الايطالي يقول القنصل ويضيف، ” كل مؤسسة لا تنفتح على محيطها تموت لا محاله،” من هنا يقول القنصل، “كان المجهود الكبير الذي قمنا به منذ تعييني هو إخراج القنصلية من عزلتها، والانكماش على الذات الذي طبعها لسنوات، والانفتاح ليس فقط على المجتمع المدني المغربي، بقدر ماهو انفتاح على الآخر والتنقل لمعرفته والتعرف عليه، والتعريف بالذات، هكذا تم تنظيم زيارات إلى مختلف الجهات التابعة للقنصلية، وزيارات إلى مختلف الجهات التابعة للقنصلية، ثم زيارات إلى مختلف المؤسسات السياسية والإدارية والاقتصادية والثقافية، وكذلك مؤسسات المجتمع المدني الايطالي، فالانفتاح يعني السهر على الحضور المغربي الرسمي من خلال القنصلية في كل المبادرات واللقاءات التي تنظمها سلطات بلد الاعتماد وكذا فعاليات المجتمع المدني، فالانفتاح بالإضافة إلى ما سبق، يقول القنصل ويضيف، هو البحث عن إشراك هذه السلطات وفعاليات المجتمع في كل المبادرات التي تقوم بها القنصلية، بل تنظيمها بشراكة معهما وليس بمعزل عنهما، وبشكل أحادي أو انفرادي. هكذا استطاعت القنصلية أن تخرج من سباتها الذي عاشته لسنوات لتصبح فاعلا داخل الفضاء العمومي يحظى بالاهتمام والتقدير من مختلف المكونات السياسية والاقتصادية والثقافية العاملة في هذه المنطقة، وفي هذا الصدد يقول ابراهيم ازكاي، رئيس جمعية أسايس ببادوفا وعضو اللجنة الاستشارية للمهاجرين بنفس المدينة، يقول، “لم تعد هناك عزلة بين القنصلية والمؤسسات الايطالية، بوابة فتحها القنصل الجديد، باشرها بالزيارات المكوكية التي قام بها في أول تعيينه، أولا في لقائه مع المهاجرين، حيث كان اللقاء في مقر البلديات، الشيء الذي أعطى انطباعا حسنا للمؤسسات الايطالية اتجاه جدية القنصلية، بالإضافة إلى انفتاحها على الجامعات بلقاء القنصل مع مسؤوليين بالجامعات تمحور اللقاء حول المنحة التي يمنحها المغرب للمسجلين في وحدة الاسلام بجامعة بادوفا، وحتى زيارات المجاملة التي قام بها لعدد من المسؤولين الاداريين الايطاليين، مما خلق أرضية للتواصل والأكثر من هذا مجالا حيا لطرح قضايا المهاجر ومناقشتها،”
“هذا الانفتاح الغير معهود من القنصلية” يقول ابراهيم أزكاي ويضيف، “يثير أحيانا حفيظة بعض الأحزاب المتشددة المحسوبة على اليمين المتطرف، الذين يحاولون استغلال الحملة الانتخابية للجهة، لإثارة بعض الابتزازات، كما هو الحال مع ما كتبه عمدة بادوفا مؤخرا في صفحته على الفايسبوك، والجملة التي أثارت جدالا واسعا في الوسط السياسي الايطالي والمجتمع المدني. وهذا إن دل على شيء”، يقول ابراهيم ويضيف، إ”نما يدل على حراك القنصل المسؤول، فتجده حاضرا في كل اللقاءات التي تنشطها الإدارات الايطالية، كاللقاء الأخير الذي دعاه فيه البرلماني الاوربي زانوناطو فلافيو ونشطت فعالياته جمعيات المجتمع المدني وبعض الاحزاب السياسية، بحضور أساتذة جامعيين ومسؤولين أكادميين.”
وفي نفس السياق يقول القنصل،” إن القنصلية تعمل في فضاء محلي يمتاز بمواقفه المتشددة اتجاه الأجانب، و ذلك لوجود حزب الليكا (اليمين المتطرف) على رأس أغلبية المحافظات، مما يستدعي منها المزيد من الحذر والتريث في تدبير علاقتها داخل المجال العمومي، ولا أدل على ذلك ما جرى مؤخرا في مدينة بادوفا.”
وعن المكون الاقتصادي في أجندة القنصلية يقول نائب القنصل “إن استراتجية القنصل الانفتاحية أتت أكلها بالنظر إلى عدد المستثمرين الايطاليين الوافدين على القنصلية من أجل الحصول على معلومات خاصة بظروف و مناخ الأعمال بالمغرب، وكذا من خلال حضور اللقاء الذي سبق أن أطره القنصل العام بمعية مديرة الوكالة المغربية لانعاش الاستثمارات بايطاليا، الذي انعقد بفيرونا ”
وفي نفس السياق يقول الاستاذ طارق ايت يوسف، مقاول “بدعوة من القنصل العام السيد احمد الخضر، استجابت أكثر من 150 شركة ايطالية، للاجتماع مع الوزير المغربي السيد محمد عبو المكلف بالتجارة الخارجية في شتنبر 2014، و كان اللقاء جد مهم بحيث عبر العديد من المقاولين الايطاليين عن استعدادهم للاستثمار بالمغرب” فالمسؤول الاول بالقنصلية يقول طارق ويضيف، جد نشط مع المؤسسات الايطالية، يواجه بدبلوماسية أي مشكل قد يطرح، وهذا ما يجعل العلاقة ممتازة بين طاقم الموظفين والمحيط، ويضفي على مسؤوليها الصدق والحنكة والتواضع.”


اجتماع وزيرالتجارة الخارجية المغربي السيد محمد عبو مع أكثر من 150 شركة ايطالية في شتنبر2014

بين الرضا والتعب يبني المهاجر آماله مرة تكبر عشبا ومرة تخيب، فقد يكون الميثاق الأخير بردا
وسلاما على ما يرغبه المهاجر وما يصبوه وقد تكون المرحلة في ربيعها الناضج حتى اليناعة، أعطت نموذجا حيا للمهاجر لما يبتغيه في إدارة وطن يرسمه بكل الأطياف، ورسمت له نموذجا حيا لما يصبوه، ويبقى السؤال: هل ستبقى الإدارة صامدة في عطائها وحسن ظن المهاجر بها؟ هذا ما سيجيب عنه القادم من الأيام….
زينب سعيد