بعد زهاء ساعتين من وصوله إلى مدينة العيون، مساء اليوم الجمعة، عائدا من جمهورية الهند التي حضر فيها منتدى إفريقيا الهند، في نسخته الثالثة، وجه الملك محمد السادس خطابه مباشرة إلى الشعب المغربي من قلب “جوهرة الصحراء”، وبعث برسائل مختلفة إلى كل من الجزائر وجبهة البوليساريو.

وفي ثنايا الخطاب الملكي، وجه الجالس على عرش المملكة كلامه إلى سكان مخيمات تندوف قائلا: “هل أنتم راضون على الأوضاع اللا إنسانية التي تعيشونها؟، فأنا لا أرضى لكم هذا الوضع، ولكن إن كنتم تقبلون به، فلا تلومون إلا أنفسكم، وأنتم تشهدون المغرب يقوم بتنمية صحرائه”.

العاهل المغربي أورد أن سكان تندوف يقاسون من الحرمان والفقر والحاجة، ويعانون من الخرق المنهجي لحقوقهم الإنسانية، متسائلا: “أين ذهبت مئات الملايين من الأورو التي تقدم لكم كمساعدات، وأيضا الملايير المخصصة للتسلح والآلة الإعلامية، وكيف يمكن تفسير الغنى الفاحش لزعماء الانفصال، وعقاراتهم وأرصدتهم البنكية في أورويا وأمريكا اللاتينية؟”.

وزاد الملك ساردا تساؤلاته: “لماذا لم تقم الجزائر بتحسين ظروف سكان تندوف، رغم أن عددهم لا يتجاوز 40 ألف نسمة؟، وهو ما يعني تقريبا حيا متوسطا في العاصمة الجزائر، ولماذا لا تريد الجزائر بناء 6 آلاف سكن لأبناء المخيمات، ولماذا تقبل الجزائر بترك تندوف في هذه الوضعية؟”

العاهل المغربي أبدى أسفه من تحويل السكان الصحراويين إلى متسولين، منتقدا استغلال الجزائر وقيادة البوليساريو لسكان تندوف من أطفال ونساء، وتحويلهم إلى غنيمة حرب، ووسيلة للصراع والاغتناء غير المشروع، مبرزا بالمقابل كيف أن المغرب عمل على تنمية الأقاليم الصحراوية، وجعلها من أكثر المناطق أمنا في منطقة الصحراء والساحل.

وأورد الخطاب الملكي، في مستهله، أن الصحراويين معروفون، منذ القدم، بأنهم رجال علم وتجارة، ويعيشون بجهدهم وكرامتهم وعزة نفس، ولا ينتظرون مساعدة من أحد، مضيفا أنه يقصد بكلامه أبناء الصحراء الأحرار والصادقين والأوفياء لروابط البيعة التي تربط أجدادهم بالعرش.

الملك تابع أن الذين ينساقون لأطروحات الأعداء “ليس لهم مكان بيننا، ومن تاب ورجع للصواب، فإن الوطن غفور رحيم”، قبل أن يشدد على ضرورة إجراء قطيعة حقيقية مع الأساليب المعتمدة من اقتصاد الريع والامتيازات وعقلية التمركز الإداري، موضحا أن الحديث عن هذا الأمر، بعد مرور 40 سنة، نابع من التضحيات التي قدمتها البلاد، ووصولها إلى مرحلة النضج وتوفير شروط التنمية.

ولم يفت العاهل المغربي أن يعلن عن إطلاق مشاريع تنموية كبرى في المناطق الجنوبية التي يقوم بزيارتها، ومنها تدشين طريق مزدوج بمواصفات دولية تربط تزنيت بالعيون والداخلة، وحلم النقل السككي يربط بين طنجة ولكويرة، مبديا أمنيته بتوفير الموارد المالية لإنشاء خط يربط بين مراكش ولكويرة.

وأكد الخطاب الملكي على مواصلة النهوض بالمجال الاقتصادي، ودعمه لمشاريع التنمية البشرية، واستثمار عائدات الثروات الطبيعية في إطار التشاور، معلنا عن البدء في مجموعة من المشاريع الهامة، منها تحلية ماء بحر الداخلة، داعيا الحكومة إلى توفير إطار قانوني محفز للاستثمار يوضح الرؤية، وشروط الاستثمار.