أظهرت زيارة صاحب الجلالة الملك محمد السادس إلى هولندا أمرا غاية في الأهمية من الناحية الرمزية، وهو ذلك الرابط الروحي الذي يجمع ملكا بشعبه أينما تواجد. يوم الجمعة الماضي، وبمجرد وصوله إلى العاصمة أمستردام، حج عشرات من مغاربة هولندا للقاء به واستطاعوا تمييزه بالرغم من أنه كان يتجول في المدينة كأي مواطن عادي، وأصروا على التقاط الصور وتجاذب أطراف الحديث على امتداد جولته في شوارع أمستردام أمام ذهول وحيرة المواطنين الهولنديين.

أما في اليوم الموالي، فقد كان المئات من مغاربة هولندا، من جميع الأجيال، ينتظرون أمام الفندق حيث يقيم الملك، ومباشرة بعد خروجه لم يتوان صاحب الجلالة في التوجه للسلام عليهم وإيلاء اهتمام خاص بالأشخاص المسنين والأطفال وذوي الاحتياجات الخاصة.

هذا الحماس الذي لم يسبق له مثيل في بلد “التوليب”، أثار إعجاب عدد من الجرائد الهولندية؛ مثل الجريدة واسعة الانتشار”De Telegraaf”، أو حتى “RTL nieuws”، و”Het Parool” التي ذهلت بجولة ملك المغرب في هولندا من دون أي تقيد بالبروتوكول ولقاءاته المتعددة مع أفراد الجالية المغربية والحديث معهم وأخذ صور السيلفي، فكان الحدث اكتشافا “دسما” للصحافة الهولندية التي دائما ما أكدت على الشعبية التي يتمتع بها صاحب الجلالة في صفوف الجالية المغربية وفي صفوف الشباب المنحدر من الهجرة المغربية في هولندا.

على الرغم من الشائعات التي انتشرت داخل أوساط الجالية المغربية في هولندا حول إمكانية زيارة ملكية لهم، لكن لم تصدر أي معلومة رسمية تؤكد الزيارة، مما جعل مظاهر الفرح والاحتفال تكون عفوية ومرتجلة، لا يحركها شيء سوى حب الملك أمير المؤمنين الذي يزور هولندا لأول مرة منذ توليه العرش.

دليل جديد على تعلق المغاربة الدائم بالملكية وبإمارة المؤمنين، وفصل آخر من حكاية حب مغاربة العالم، وشهادة أخرى على أن الوطنية لها معنى حقيقي يتجسد داخل حدود المملكة وفي أي بلد يقيم فيه المغاربة.

ذلك الترابط الوثيق بين الملك والشعب، ترابط يتجسد في كل يوم، وفي كل لحظة، ويبرز على امتداد المدن والقرى المغربية، وبانتظام عبر العالم خلال الزيارات الملكية إلى الخارج.

لقد أعلن مغاربة العالم في هذا اللقاء عن هويتهم الأبدية وبيعتهم الخالدة، كما تعكس هذه الصور الارتباط العفوي والاهتمام الخاص الذي يوليه صاحب الجلالة للجالية المغربية بالخارج ولظروف حياتهم ولحقوقهم ولتظلماتهم ولمشاركته في مصير الأمة.

وهو ما يبرهن عليه صاحب الجلالة في العديد من المواقف والأفعال والقرارات السياسية، ولا يتوقف جلالته عن ترجمة الاهتمام بالمواطنين المغاربة في الخارج، بل وحتى في هذه الزيارة الخاصة لهولندا، علم بأن أمير المؤمنين قدم هبة بقيمة 30 ألف يورو لمسجد الإحسان في أمستردام، مبادرة أخرى تنضاف إلى مبادرات ومشاريع يطلقها في كل مكان تعكس دفاع صاحب الجلالة عن القضايا ذات البعد الإنساني والاجتماعي والروحي والثقافي، وهي حقيقة مغربية مفروغ منها.

تزامنا مع هذه الزيارة، احتضنت مدينة مراكش مباراة في كرة القدم للفريق الوطني، وعلى رقعة الميدان، كما في دكة البدلاء، فإن الأغلبية العظمى من أسود الأطلس مكونة من شباب مغاربة العالم الذين تكونوا في فرق أوروبية، وأغلبهم من مزدوجي الجنسية، قدموا من إسبانيا وفرنسا وهولندا بلجيكا وألمانيا ودول أخرى…

ولأنهم مغاربة، ولأنهم أفضل من يمكن أن يدافع عن الألوان الوطنية، فقد تجلت مشاعرهم في الحماس الذي يلعبون به ومشاعر الفخر والرغبة في الفوز، إنه لشيء مثير، ومراكش امتداد للأجواء الساحرة في أمستردام.

x