مؤسسة الجسر – بلجيكا

نظمت مؤسسة الجسر في مدينة وارخم ببلجيكا لقاء تواصليا حول واقع المسلمين في بلجيكا، وذلك يوم السبت 30 يناير 2016. تم افتتاح هذا اللقاء بكلمة ألقاها الأستاذ نور الدين قاسمي حول دواعي تنظيم هذا النشاط الفكري التواصلي، لا سيما في هذه الظروف الاستثنائية التي يمر بها المسلمون في بلجيكا، ودور مؤسسة الجسر في الدعوة إلى التعايش الإيجابي بين مختلف مكونات المجتمع البلجيكي.

بعد ذلك، قدم الباحث المغربي التجاني بولعوالي محاضرة حول واقع المسلمين في بلجيكا: التحديات والآفاق، قام فيها بتشخيص وضعية المسلمين التي تشهد نوعا من التأخر والفتور رغم الإمكانيات التربوية والقانونية والاقتصادية التي تتمتع بها الشريحة المسلمة على الصعيد البلجيكي، وقد طرح جملة من الأسئلة الإشكالية حول تأخر المسلمين وعدم استثمارهم الفرص المتاحة والإمكانيات المتوفرة، مؤكدا أن آفة تأخر المسلمين في الغرب لا تتعلق بالعوامل التاريخية والسياسية والسوسيو-اقتصادية فحسب، وإنما يتمثل السبب الجوهري الذي يقف وراء هذا الانحطاط فيما يسميه العامل الذاتي، فأسباب التقدم توجد في أيدي المسلمين أنفسهم، فبمجرد ما تتأتى لهم الحافزية والإرادة ويعزموا على تغيير أنفسهم ومجتمعهم سوف يحالفهم النجاح لا محالة، أما أن يركنوا إلى ذواتهم وهم يلعنون الظلام ويعلقون نكساتهم على مشجب الآخرين، فهذا لن يخدم الواقع الإسلامي في شيء، بل يزيد الطين بلة! ثم قدم الباحث بعد ذلك مجموعة من الآليات العملية للنهوض الحضاري يالمجتمع الإسلامي، بدءا بتنمية الذات عبر اشتكشافها ونقدها وتخليقها وتحقيقها، ثم تحصيل المعرفة اللازمة وزرعها في الأجيال الصاعدة، وصولا إلى إصلاح المجتمع وبنائه. وقد وفق الباحث في ذلك بين التراث الديني (القرآن والسنة) والنظريات التربوية والسيكولوجية الحديثة، كنظرية أبراهام ماسلاو ونظرية جبل الجليد ونظرية التنمية الاستراتيجية.

وقد تلت المحاضرة مائدة مستديرة أدارها الأستاذ سفيان منصوري، تم أثناءها مناقشة العديد من المساءلات المرتبطة بقضايا الإصلاح والتعايش والاندماج والدعوة، شارك فيها الأساتذة: الباحث التجاني بولعوالي، الأستاذ محمد منصوري رئيس مؤسسة الجسر، الأستاذ محمد زلوفي إمام مسجد وارخم، والأستاذ عبد الرحيم دحداح إمام مسجد روزلار.

وتجدر الإشارة إلى أن مؤسسة الجسر تعتبر من المؤسسات الثقافية المتميزة، التي تنشط بشكل مكثف في منطقة شرق الفلاندر، ويشمل عملها مختلف المجالات من تعليم وتربية ورياضة ومشاريع تنموية ولقاءات فكرية وغير ذلك، تشرف عليها كفاءات شابة من أصل مغربي، توفق، بشكل عقلاني معتدل، في رؤيتها بين الحفاظ على الهوية الإسلامية والانفتاح الإيجابي على الواقع البلجيكي، مما يسهم في تقديم صورة إيجابية حول الإسلام دينا وثقافة، وهكذا تمكنت مؤسسة الجسر بانفتاحها واعتدالها وتسامحها من بناء تعاون مثمر مع مختلف الجهات الرسمية والمدنية والثقافية في المدينة وخارجها، تركت انطباعا إيجابيا لدى البلجيكيين غير المسلمين.