ظهرت مؤخرا شكايات كثيرة وفي ميادين مختلفة في المغرب , وهي ظاهرة اجتماعية بامتياز حيث يتغاضى المسؤولون عن كثير من الاشياء التي تمس المواطنين المغاربة سواء داخل الوطن أو خارجه , من بعيد أو من قريب , بطريقة مباشرة أو غير مباشرة , من طرف موظفين مع الدولة في مجالات مختلفة .

وكما تتبع الجميع, خص العاهل المغربي في خطاب عرشه الاخير حيزا كبيرا لما يسمى بمغاربة العالم , والذين كانوا يعانون ويقاصون من جراء اٍما معاملات أطر القنصليات أو من جراء الخدمات التي ينتظرونها من هذه الاخيرة والتي لا ترقى الى مستوى خدمات البلدان الاوربية التي يقيمون بها .

من جهة أخرى , هناك مواطنون مغاربة يرفعون باستمرار اٍما تظلمات السلطات المحلية والتي تتمحور حول قائد الدائرة , أو عامل الاقليم , أو والي الجهة . علاوة على التهميش المطبق على قرى  ومدن صغيرة تترجى زيارة الملك حتى تستقيم لهم متطلباتهم وحاجياتهم الضرورية .

السؤوال الذي يتبادر الى الذهن بسرعة , لماذا هذا الاعوجاج في تسيير أمور المواطنين , وجعلهم  يبحثون ليل نهار عن الطريقة التي بموجبها يثيرون الانظار قصد اٍيجاد حلا  لمشاكلهم وقضاياهم .

الجواب بسيط : لان المسؤولين عن رفع التقارير والتي من المفروض أن تكون فيها معاناة الناس يتم تزويقها , أو غض البصر عن زلات  بعض الموظفين , وهذا هو مربط الفرس . الامر الذي يجعل المواطنون  يكتبون رساءل بدون ملل , ويبعثون بشكايات الى وجهات مختلفة , وعندما ينال اليأس و الغضب منهم قسطا , يصورون فيديوات وهي عبارة عن صرخات تظلم توجه  غالبا الى ملك البلاد حتى تتحرك المساطر القانونية .

بالنسبة لمغاربة العالم وعلاوة على قضايا العقار والارث والمحافضة العقارية , ظهرت مؤخرا مجموعة  من مغاربة المهجر , استقر لهم القرار على الاستثمار بالمغرب , لكنهم وقعوا فريسة النصب والاحتيال , ويأتي هذا في عز الخطاب الملكي الذي أوصى خيرا بالجالية المغربية سواء خارج الوطن أو داخله .

السيدة بهيجة الغوات مغربية مقيمة  بفرنسا , عزمت على الاسثمار بالمغرب , وانشأت شركة بمدينة الجديدة جنوب الدار البيضاء , وبعدما أدخلت معها شريك أجنبي من لبنان يدعى غسان عون الهبري ,نصب عليها بعقود مزورة وأزاحها بالكل من الشركة , وأدخلها الى السجن هي وأخوها بالمغرب .

ورغم الشكايات المتعددة , لازالت تطلب النجدة , ومؤخرا أنجزت فيديو تستعطف ملك البلاد للتدخل في قضيتها .

السيدة نجاة عكراش مغربية مقيمة بفرنسا أيضا , وبعقد مزور فقدت منزلها بالمغرب ,والكائن بالدار البيضاء . والمحتل هذه المرة أجنبي أيضا يحمل الجنسية التركية . أنجزت هي الاخرى فيديو تستعطف ملك البلاد لاسترجاع منزلها .

هناك أسماء عديدة  لمغاربة المهجر  وقعت فريسة النصب والاحتيال في المغرب عندما شيدوا مشاريع استثمارية , ورجعوا الى بلدان اقامتهم بأيادي فارغة   .

المغرب والحمد لله بلد متعدد الثقافات واللهجات والتقاليد والاعراف , وهو كبير يتسع للصحراوي والريفي , والامازيغي , والعربي , المسلم وغير المسلم , وهذا التلاقع جاء بحكم موقعه الجغرافي والتاريخ يشهد له بذالك , والمغاربة كشعب اكتسبوا من هذه التجربة ثقافة التعايش و استأنسوا بقبول الاجانب والتعامل معهم تجاريا واجتماعيا بدون نقص , أو امتعاض , لكن أن تسلب الحقوق من أصحابها وتعطى للاجانب فلا يوجد قانون فوق الارض يستحمل ذالك ويطيقه و يعمل به , أو يحث عليه .

الاشكالية التي أمامنا اليوم ليست هي اٍنصاف هؤلاء المغاربة الذين سلبت منهم ممتلكاتهم فحسب , لكن من الواجب تعميق البحث على من تعمدوا أو شاركوا أو حرروا , أو استقبلوا وتقبلوا هذه الملفات  بوثائق مزورة .

الاستقرار الذي يطمع اليه أي مخلوق بشري يكون مبنيا على العدالة , والتقدم والرقي والركب الحضاري يتطلب الانصاف , لانه بدون عدالة تكثر التجاوزات , وبدون اٍنصاف  يقع احتقان اجتماعي ينمي فكرة الفوضى في نفوس العباد ويعدو الاطمئنان بعيد المنال .

محمد بونوار

كاتب مغربي مقيم بالمانيا