أحمد الخضر قنصل عام للمغرب بفيرونا التي تغطي جهة تريفينيتو، ومن أبرز الشخصيات التيتركت أثرها في الساحة السياسية والاجتماعية الايطالية لجهة تريفنيتو، بخروجه الدائم ونشاطه المتواصل، حيث منذ وصوله قنصلا للمملكة المغربية بالفينيتو واكب عدة إصلاحات من بينها تقريب الإدارة من المواطن، وتأسيس العلاقة بين القنصلية والمواطنين تقوم على أساس مبدأ الشفافية والمواطنة، بالإضافة إلى إشراك ومشاركة المواطن في الإندماج والتواصل مع بلده الأصلي   وخلق حلقات للتواصل بين المواطنين التابعين لجهة الفينيتو، مع أخذ مبادرة تتوخى الانفتاح على المحيط،

وذلك من خلال الأنشطة التي يفتتحها والتي لقت صدى محمودا بين الجمعويين المغاربة والمهاجرين وبين مختلف فئات المجتمع الإيطالي. وفي لقاء معه على هامش الحدث الثقافي الذي نظمته القنصلية العامة للمملكة بفيرونا بشراكة مع كل من لجنة تكافؤ الفرص التابعة لمدينة فيرونا و جمعية أرض الشعوب بمناسبة اليوم العالمي للمرأة يقول للجالية 24.

 

كيف ترون واقع المهاجرات المغربيات بإيطاليا ؟

 

تعيش إيطاليا على وقع الأزمة الاقتصادية التي تعرفها بلدان أوربا منذ السنوات الأخيرة، وهي الوضعية التي انعكست بشكل سلبي على أوضاع أفراد الجالية المغربية، أدت إلى فقدان غالبيتهم لمناصب الشغل، حيث ارتفعت نسبة البطالة بينهم بشكل ملحوظ، جعلت العديد من المهاجرات المغربيات يعشن وضعا مأساويا نتيجة الاستغلال المفرط وهزالة الأجور التي غالبا ما تكون مرتبطة بأعمال مؤقتة تجعل من الصعب عليهن مسايرة وتيرة الارتفاع المهول لمستوى العيش بايطاليا.

 والمعلوم أن الهجرة النسوية المغربية كانت بدايتها في التسعينات مما جعلها تحتل المرتبة الرابعة داخل منظومة الهجرة الأجنبية بايطاليا واستمرت وتيرتها في الارتفاع لأسباب متعددة منها ما هو مرتبط بالتجمع العائلي أوالعمل أوالدراسة، وهو ما تؤكده الإحصائيات المتوفرة لدى هذا المركز والتي جاءت كالتالي:

 

  • سنة 2013 : بلغ عدد أفراد الجالية المغربية بايطاليا 524.775 ( 44% نساء      و 56 % رجال).
  • كانت المعالم الأولى لهجرة العنصرالنسوي المغربي إلى ايطاليا في مطلع التسعينات .
  • سبب الهجرة كان بهدف التجمع العائلي، أو من أجل العمل أو البحث عن الاستقلالية والمسؤولية.
  • معدل السن :6 % من المغربيات تتراوح أعمارهن بين 18 و 24 سنة وهو ما يعني حداثة سنهم.
  • الحالة المدنية STATO CIVILE برسم سنة 2011 : 52 % منهن عازبات و47 % متزوجات
  • المستوى الدراسي : يتراوح ما بين دبلوم السلك الأولى ثانوي إلى الأسلاك الجامعية.
  • قطاع التشغيل : تتوزع مجالات اشتغال النساء المغربيات ما بين الخدمات (الخدمة المنزلية)، الصناعة والفلاحة.
  • 10% من مجموع 177 مقاولة مغربية بايطاليا تعود ملكيتها إلى النساء المغربيات.

 

هل تعتبر المرأة المغربية  اليوم رافعة للتنمية الاقتصادية والاجتماعية في بلد الاستقبال وبلدها الأصلي؟

 

لابد من الإشارة في البداية إلى أن التحول الذي طرأ على البنية الديموغرافية والسوسيولوجية للمهاجرين المغاربة وكذا التحولات التي تعرفها بلدان المهجر وما يترتب عن ذلك من مشاكل اجتماعية نتيجة ظروف العمل الصعبة، مما يستدعي وضع مقاربة جديدة للمطالب المطروحة في الساحة، خصوصا فيما يتعلق بإدماج المهاجرين وضمان حقوقهم الاجتماعية والاقتصادية.

 ويتوقف تحقيق هذه المقاربة على رغبة البلد المضيف في تحقيق فرص التكافؤ بين الجنسين، وكذلك بين مواطنيه والمهاجرين، من أجل إعطاء المرأة إمكانية أكبر لممارسة جميع الأنشطة المخولة لها داخل مؤسسات بلد الإقامة.

 وبفضل هذا التحول استطاعت العديد من النساء أن تحتل مناصب سواء في البرلمان الايطالي أو الجهات الإدارية أو الجماعات المحلية أو كأعضاء داخل الأحزاب السياسية والنقابات، الشئ الذي سيساعدهم على مراكمة تجربة في هذا الميدان قد تساهم لاحقا في خلق قنوات جديدة للتواصل بين البلدين.

 من الناحية الاقتصادية والاجتماعية تلعب المهاجرة المغربية دورا أساسيا في تنمية بلدها الأصلي من خلال تحويل مدخراتها التي تساهم بها في تنمية المناطق التي ينحدرن منها أو من خلال إحداث أو المساهمة في المشاريع المحلية.

 

  كيف اهتديتم لمبادرة الاحتفال بالمرأة المغربية في ظل الاغتراب وصعوبة الظروف التي تواجهها المرأة المغربية بايطاليا؟

 

بداية، لابد من القول بأن الاحتفاء باليوم العالمي للمرأة مناسبة مهمة للتعريف بالانجازات النسائية، ومناسبة مواتية لقياس حجم المجهودات التي تبذلها هذه الفئة في التأكيد على مطالبهن المشروعة والدفع في اتجاه رفع الضرر والحيف المفروض عليهن بمختلف بقاع العالم، ويمكن اعتبار اليوم العالمي للمرأة أيضا مناسبة لإسماع صوت النساء وإبراز مواطن القوة التي تحركهن للمطالبة بحقوقهن السياسية، الاقتصادية، الاجتماعية والإنسانية عموما.

 وهي فرصة لإبراز جهود المرأة المغربية في بلاد المهجر، خاصة في المناطق التابعة لدائرة نفوذ هذه القنصلية، حيث استطاعت أن تنجح وتندمج بشكل إيجابي داخل المجتمع الايطالي دون إغفال الفئة التي تعاني من مشاكل اجتماعية أو ثقافية تحول دون اندماجها داخل بلد الاستقبال.

 فالمرأة المغربية المهاجرة تعد حلقة مهمة في التماسك الأسري، ونقل القيم الأصيلة للأجيال الناشئة للمجتمع وجسر للتواصل بين ثقافة بلدان الأصل وبلدان الاستقبال، ولاشك أن الاهتمام بها وتأهيلها سيساعدها على الاندماج والقبول بالاختلاف والعمل على تعميم ثقافة الآخر، ويبقى الاطلاع على الترسانة القانونية لبلد الإقامة وصبر أغوارها مكونا أساسيا لخلق نوع من الوعي الجماعي، بالإضافة إلى أهمية خلق قنوات للتواصل بين المهاجرات المغربيات لتوضيح الرؤى عبر الانخراط في العمل الجمعوي كآلية هامة للاندماج.

 وإجمالا فإن تكريم المرأة المغربية بهذه المناسبة وفي هذه المنطقة هو عرفان بالمجهودات التي  تبذلها،  دون إغفال ما تحقق من منجزات بالمغرب في هذا المجال، سواء التعديلات التي تم إدخالها على مدونة الأسرة الأخيرة، التي تعد ثمرة نقاش شغل الرأي العام المغربي لفترة طويلة، وبصدورها حقق المغرب تقدما ملحوظا على مستوى الحقوق والعلاقات الاجتماعية وتكريس مبدأ المساواة بين الجنسين.

 وما يعزز هذا الطرح هو وصول المرأة المغربية إلى مواقع القرار السياسي بفضل  الإرادة الملكية القوية من خلال رفع تمثيليتها في الحكومة والمؤسسات الوطنية والجهوية والمحلية، وتم تعزيز هذه المكتسبات بإحداث مشروع خطة إدماج المرأة في التنمية وقانون التجنيس ومراكز للبحث متخصصة في الهجرة إلى غير ذلك من المؤسسات التي أصبحت تجعل من قضية المرأة محور انشغالها اليومي.

 ولعل النقاش الدائر حاليا في المغرب حول المناصفة وعدم التمييز التي تم عقدها مؤخرا يرمي إلى إعادة ابتكار نموذج سوسيو-سياسي جديد للمساواة يرتكز على مبدأ الشمولية وعدم قابلية حقوق الإنسان للتجزئة، ويواكب المستجدات المطروحة على الساحة بشكل يجعل العنصر النسوي في صلب اهتمامات صناع القرار، وإن كان المتخصصون في هذا الشأن قد أجمعوا على أن أثرها يبقى سطحيا، بحجة أن ما نحتاج إليه هو تغيير العقليات أكثر منه إلى نصوص قانونية وتشريعات يبقى جلها حبرا على ورق في انتظار تفعيل مقتضياتها واعتماد مقاربات جديدة تروم تحقيق إضافة نوعية للمكتسبات السالفة.

 

 كيف تقيمون الحركة النسائية للمغربيات بايطاليا بجهة الفنيتو؟ وكيف تقيمون العمل الجمعوي؟

 

من السابق لأوانه تقييم حصيلة عمل الحركة النسائية المغربية بايطاليا باعتبارها حركة حديثة العهد لم تبدأ معالمها في الظهور إلا في بداية العشرية لهذا القرن، إلا أن غياب التنسيق فيما بينها في مجموعة من القضايا التي تستأثر باهتمامها يبقى هو السمة الطاغية على نشاطاتها، باستثناء ثلاث جمعيات تترأسهن مغربيات تحاول جاهدة العمل في الميدان الاجتماعي والثقافي، بالموازاة مع هذا هناك طاقات نسوية فردية غير منظمة في إطارات جمعوية، تنشط بشكل فردي وتساهم في تسليط المزيد من الضوء على المسألة النسائية.

 ولا شك أن العمل الجمعوي النسائي المغربي ولو كانت بدايته جنينية في شكلها ومتعثرة في أساليبها ينضاف إلى جملة من المكتسبات التي حققها المهاجرون المغاربة سعيا منهم إلى إثبات الذات والاندماج الفعلي بالديار الإيطالية، والتي تعبر في غالبيتها عن مدى وعي ونضج المهاجر المغربي وتفاعله مع ثقافات بلد الاستقبال.

 فالأكيد أن العمل الجمعوي لا بد أن يواصل كل أوراش التوعية والتحسيس والتأطير لتهييء أجيال جديدة تتبنى القضية النسائية وتحتضنها وتسير بها من أجل المواطنة والمساواة الحقيقية، لأن المعركة لم تنته بعد فلازالت النواقص والكثير من التناقضات التي يجب الانكباب عليها بكل جدية، لأن العنصر النسوي خطى خطوات متقدمة بالرغم من كل العراقيل والمعيقات.

 

اجرى الحوار: رشيدة رزوق