محمد بوتخريطهولندا
أهو شكل من العبث ، أم تعذيب بطيء لنا.. 
هناك في المدينة ، التقيت  بهم .. اخبروني ان الناظور سيعرف ملعبا بالعشب الإصطناعي .. كنت فرحاً كطفل فاجأه أبوه الفقير بهدية العيد.  
وعلى الطرف الآخر من  باب المدينة ، كنت أتلعثم بخطواتي وكلماتي، حين فاجأتنني الحراسات هناك بأنالعشبليس من أجل عيون مدينتي بل من اجل عيون الآخرينو حذرتني من اغتصابات أخرى آتية.
لم يعد أثر للفجر في ذاك المكانالنائي” . و لا أثر لذاك الدفئ الذي كان يغمر الجو عادة .
 
رائحة الزمن الجميل
في مثل هذا الوقت من أوائل الصيف .. حين مررت قرب المكان انتابنيوكما مَن هم على شاكلتياحساس بالحزن  لما آل اليه .
اعلم جيدا ان لا الزمان هو الزمان ولا المكان اليوم يطابق المكان القديمولكن ذاكرتي أبت الا ان تسافر بي للحظات الى سنين مضت .. الى الـ : “فوربو“.
هي رائحة الزمن الجميل . ما كان الـ : “فوربووحده، هو من كان يشدنا إليه، كانت تشدنا اشياء اخرى كثيرة .
وحين امر اليوم بالمكان ..ارى أسماء منقوشة على ما تبقى من جدران الملعب ،  للاعبين مرُّوا من هناك .. تركوا بصمات في تاريخالمستديرةالناظورية.. اشم فيه رائحة جيل بأكمله .
عشنا معه أقوى اللحظاتجيل أتحفنا بعروض فنية شيقة داخل ذاتالفوربوالذي قالوا عنه اليوم انهستخضر ارضيته بلون اصطناعي “. 
 
اسمعهم اليومشباب المدينة أقوياء كانواهم من كانت صفحات التاريخ بعضاً من سطور أفعالهم .  
وإن كنت اليوم جئت لأستحظرهم ، فليس فقط  لنتعرف عن تاريخهمولا عن حياتهم .. بل جئت لنتعرف أين نحن من  هؤلاء..  
مولاي و ديدي وكورينتا و(بورتيرو) ميمون وحماد وباراشينا ونجيب وخينطو والروبيو والعربي و وكحلاوي والتسولي والشريف وبوسحابة وبوقادوش وغيرهم.
وطبعا بنخدة و البكاي وأقشار و بولحفة و مصباح و المعكشاوي و سميري و مرابط و ميمون  ن مريتش ، التانوتي ، بنعزةوآخرون كثيرون..
أسمعهم اليوم يصرخون في صمتبعد ان استمتعنا ولسنوات بعروضهم الجميلة ، وبلمحاتهم الفنية ، ولمساتهم التكتيكية ، التي كانت تؤكد للجميعأو اننا كذلك كنا نتخيلان المستقبل لشبابنا ، الذي سيحمل على عاتقه مهمة المشاركة في إنجاح المشروع الرياضي الناظوري الريفي  ، من خلال حالة النهوض الرياضي التي كان يقودها شباب المدينة وبإمكانيات ذاتية محظة.
 
أتذكر أيام العز والكرامة وأيام كنا نحلم بفريق كروي واحد . لم أكن أبدا فى يوم من الأيام من مناصري الهلال او الفتح  ولكني كنت قريباً من  الفريقين بمعنى من المعانى ، وعندما ظهرت فرق أخرى كنت اساند الجميع
ولست أدرى ما الذى جعلنى أراها اليوم أمامى وأسمع صوتالمناصرينوهم يهتفون  « الهلال.. ازْدك ازدك.. آآآ.الهلال.».«  الفتح امشا وارجع و….»..الخ من الشعارات التي كانت تلهب قلوب الجماهير  المتعطشة دائماًللنصر“.
تُرى هل سيشعر أصحابي اليوم بما أشعر بهاللحظة.
 
معاناة .. في صمت رهيب
كانت طموحاتنا كبيرة في ان نرىالهلالفريق رياضي كبير، ولو بامكانيات قليلةعشنا مع الفريق أزهى فتراته وهو في القسم الأول.. أتذكر الاحتفالات التي كانت تسبق مباريات الفتح والهلال ، حين كنَّا نملأ جنبات الفوربوبالناظور ساعات قبل بدء المباريات..  
وعشنا معها كل انتكاساتها..حين عاد الهلال إلى القسم الثاني ، ثم بعده إلى قسم الهواة ،ليعود الفرح ثانية مع صعوده من جديد إلى المجموعة الوطنية الثانية.! 
كل شيء تحول اليوم الىأزمات”  تعصف بها وهي  يعاني في صمت رهيب
منذ مدة كبيرة تقهقرت و عادت إلى الخلف كل فرق المدينةولأسباب ما لا يجهلها أحد ، ولعل أبرزهاغياب الحكامة الجيدة في التسيير الرياضي، وغياب مشاريع رياضية هادفة، مع انعدام التخطيط وعدم توفر الإدارة المثالية“. 
واجهت إكراهات كبيرة في كل المواسم ..بسبب غياب ملاعب ملائمة وسواء لأجراء التداريب أو لإجراء المباريات بل وكانت تُرغم على خوض تدريباتها  بغابات ومستنقعاتوشوارع  وأزقة المدينة .  
دب الجمود بالمدينة ، غادرتإداراتوجاءت أخرى و تحولت الوعود سراباً وبعضها الى أكاذيب ، مشاريع بقيت مرسومة على الورق دون تفعيل . ماتت بعد ان ذهبت ضحية أهداف شخصية رخيصة ،نتيجة غياب المسؤولية لدى بعض المسؤولين ، مستغلين غياب المحاسبة ، وعدم اعتماد الحكامة في التدبير المالي و الإداري.
 
أتذكر ما شاهدته وعاينته هناك ذات صيف حار وانا امر بالمكانهاجمتني تساؤلات لا ترحم ، وأنا أشاهد منظرا تخيلته من بقايا حرب لم أحضرها بالمكان..أعمدة متهاوية ، لا تحتاج إلا إلى هزة خفيفة أو تصفيق من بعض الجمهور حتى تسقط ..غرف الملابس مخربةو قطعة أرض اصبحت تشبه مستنقعا للضفادع قالوا عنهاملعبا لكرة القدموكتبوا على ما تبقى من البوابة الكبيرة هناكهنا ستجرى المباريات الرياضية “… ووراءها كان يبدوا عالم آخر.. عالم من الخيال.. إطارات سيارات .. بقايا اسمنت واسلاك وحديد.. مستلزمات تدريب عفى عليها الزمنأعمدة إنارة مركونة تحت مدرجات آيلة للسقوط لسنوات..
حالة مأساوية لا تصدّق،صنابيرالمياه او ما تبقى منها سيطرعليهاالصدأ، واما عن الأوساخ فحدث ولا حرج ، كان هو العنوان الأبرز، عفوا فالأسلاك الكهربائية الموضوعة هناك  بـعشوائيةقاتلة كانت تبدو هي الأخطر.
بشكل عام كان يبدوا العمل والمجهود والاجتهاد واضحًا جداجداجدا، في المكان الذي  قالوا عنهالملعب البلدي للمدينة “.. او كما الإسم منقوش في ذاكرتنافُورْبُو“. 
 
حين ظهرت ملامح الرواية واضحة.
يوم لم تكن في المدينة من فرق سوى ماتعد على أصابع اليد الواحدة وكانت غنية بمواهب شابة كروية تثير الإعجاب.. كنا نحلم ان نحول أرض المدينة البور إلى سنابل قمح ومواسم خضار.
احلام راودت اهل المدينة منذ سنين طويلة ولكن لم يجدوا من يأخذ بيدهم ليكملوا الطريق
مرّت الأيام والمدينة على هذه الحال . لم تكن تدري كم مرّ من الوقت وهي نائمة ..تحلم ، ولكنّها حين استيقظت على وقع حوافر خيلٍ تقترب من مكانها وخشيت ان يكون منقطّاع الطّرق، تسلّقت أعلى مكان فيها وأخذت تراقب ما يحدث.
رأت بعض مسؤولي وسماسرة المدينة يقتسمونالمدينةبعد ان فكروا فيها كمكان جميل يتوفر على كل المميزات السياحية بفضل موقعها الجغرافي من جبال ومياه و مناخ ، و مناظر خلابة وما جاور هذا وذاكفكروا في المدينة وفي تحقيق موارد اقتصادية أخرىوطبعاخارج المجال الرياضي .. فتم التفكير في ترميم وإصلاحفندق المدينةالذي تحول بفعل فاعل غير مجهول منريفالىميركور“.
تغيير إسم ووجهة ، كلف أزيد من 40 مليار سنتيم وفي ظروف ملتبسةوغامضة بل واكثر غموضا من كل مشاريع المدينة التي سبقت. اختفت تسميةفندق الريف الناظورإثر عملية تفويت مشبوهةوتقرر مسح علامة الناظور و الريف نهائيا والاكتفاء بعلامةميركوركوافد جديد على المدينة واسم جديد للفندق بدل اسم له علاقة بالمنطقة كـ: “ريف ميركورمثلا..على غراركيمادو ميركوربالحسيمة.
وحين ظهرت ملامح الرواية واضحة وتم تهيئةالفندقتم التفكيرطبعافيالكمالياتأولها طبعا موقف للسيارات . فاتجهت الأنظار صوبالفوربووأصبحت الحواس عيونا تنتظر النهش فيه . وعلى اثر اصرار  “حارس المدينةورئيس مجلسها البلدي على عدم تفويتفوربو” ( = الملعب البلديليقام عليه موقف أو مربض للسيارات ، اختلطت بعض الأوراق  ومعها بعض تصميماتكورنيشالناظور ليتحول جزء منه من متنزه للراجلين الىموقفلسيارات الضيوف وزوارفندق الريف‘ (عفوا) فندق ميركور .
لم تتوقفغارات التحالفعن استهداف الـ : ‘فوربو‘ . و ما سهل الأمر اكثر ، وضعيته الكارثية التي كان  يرثى لها بسبب الإهمال الخطير الذي طاله من طرف المسؤولين، والمجالس المنتخبة الذين كانوا يكتفون فقط و في كل مرة بتهدئة غضب الساكنة بالوعود الكاذبة
فاصبح منظره الذي يطل عليه جانب كبير من الفندقطبعاغير لائق لزوار ميركور . أرضية هشة ، جدران متآكلة، مستودعات و مدرجات أكل عليها الدهر و شرب.. منظر يخلف الإستياء لدى كل مُشاهد خاصة عندما يحول نظره من بناية الفندقالجميلنحو هذا الملعب المهجور..والذي اصبح يشكل بذلك إحدى النقط السوداء لمحيط الفندق ..وتفسد جماليةالمكان
تمالضغطوتم التفكير بالتالي فياصلاحهحتى يضفي جمالية .. و(في المستقبل) ربحا وأشياء أخرى كثيرةلن تكون طبعا الا في صالحميركور“…وسماسرة المدينة.
 
بعد أن غير الوحل والغبار الأحمر لون المدينة.. 
فكراولي الأمرفي المدينة بمثل هذه الأمور فأجتمعو وتشاورو وهمس كلاُ منهم للاخر.. وقررو إضافة رتوش ولمسة ماكياج للواقع المزري لمحيط الفندق وفعلا انطلقت أخيرًا أشغال تكسية الملعب البلدي بالناظور بالعشبِ الاصطناعي ضمن مشروعقيل عنهيدخل ضمن إعادة تهيئة الملعب الذي أشرفت عليه إحدى الشركات المتخصّصة في هذا المجال بدعم من وزارة الشباب والرياضة ومساهمة المجلس البلدي للمدينة .
بيد أن َّالسؤال المقلق الذي يقضّ مضجع اهل المدينة :
لماذا اليوم فقط تم التفكير فيالإصلاح”  وفيصباغةالمكان بالأخضر بعد أن غير الوحل والغبار الأحمر لون جلد لاعبي المدينة ، وانهك انفاسهم لسنوات وسنوات
لماذا اليوم فقطبعد ان بُحّتْ حناجر الغيورين على المدينة من الآهات والصراخ .. بل ووئدت آمالهم وجفت محاجرهم؟ 
والسؤال الاكثر حيرة..؟ 
كيف تحولمشروع بناءالملعب الكبير الجديد للناظور الىمشرع اعادة تهيئة وتكسيةالملعب البلدي القديم بالمدينة بالعشبِ الاصطناعي  ؟؟!!!  
 
تأكيدات سابقة خاصة منها تلك التي  صرح بها وزير الشباب والرياضة كانت تسير في منحى آخر…” أنالملعب الكبيرللناظور هو مشروع بصدد الإجراءات الأخيرة التي ستجعله يرى النور في القريب “… إذن فالحديث هنا لم يكن حولاعادة تهيئة و إصلاح  بل عنمشروع  بناء ”  بمعنى آخر بناء ملعب جديد بمواصفات جديدة وفي مكان اوسع وجديد.  

ولكن يبدوا من الأمور انالقريبلم يعد بعدقريبا“!!! بعد ان جعلته الجهات المسؤولة بالمدينة ; ابعد من ان يكون اقرب الىالقريب “.
بعد ان تحايلت  ذات الجهات على المدينة بجرعات من المهدئات من قبيلتكسية ارضية الملعب بالعشب الإصطناعيأو عن طريق وعود كاذبة ، محتظنة معها بعضا من  صوت ( عفوا) صمت الإعلام الذي تخلى عن دوره بهذه المدينة كرقيب ذو مصداقية في المتابعة الدقيقة للأوضاع و لما يجري ، و لما تؤول إليه الأمور. أصبح فقط يرقص على انغام ذاتالجهاتوكأنه موظفا لديها .
 
و..لا زالت السماء ملبدةٌ بالغيوم
أنا لست ضد ان تتجمل المدينة باللون الأخضر إن كان يواتيهاانا فقط أفكر أن السماء لا زالت ملبدةٌ بالغيوم..وأخشى عليها سقوطَ المطر.
فماذا يضيركِ  ‘مدينتيلو تطالبين بحقك كاملا .. بكلالملعبمُركب كامل مكمول كما كل قريناتك في البلد .  
وما يضيركِ ؟  )على حد قول الكبيرالراحل نزار..(
هُمْ اليوم فقط وضعوا قليلاً منَ الكحل فوق جفونكِ.. لأنك أنتِ بكيتِ كثيراً.. والكحل القديم غسلته دموعك. وأعرف جيدا ان وجهكِ لازال رغم اختلاط دموعك بالكحلمثلَ القمرْ
وأني لست ضدّ ان تتجمليلكنْي فقط ..لديَّ اقتراح.. بأن نُعيد تقييم بعض الحسابات ..علَّ قليلاً منالمنطقيكسرُ هذاالتجمل“.
فلك الحق كل الحق ، كما قريناتك من المدن الأخرى في كلالمُركب“.
بل انك تستحقين ان يكون لك مركب رياضي بكل ما يحمله من معنى قبل غيرك من المدن ; لموقعك من اوروبا وتاريخك الرياضي وعشق اهلك للرياضة.
  
وإن أنتِ لم تقبلي برأيي !! سأقبل انا هذا التحدي الجديدْ..بكل برودٍ.. وكل صفاء. وأذكرُ..كم كنتِ تحتفلينَ بآرائي في مجالات أخرى كثيرة .. وتحتضنينَ حروفي صباحَ مساءْ..كما حين حروفي عانقتماعب الريكبيبأركمان.
وأضحكُ.. اليوم من نزواتِك ..فليتكِ مدينتي لا تقبلين انصاف الحلول وارباعها ولو قبل بها انصاف الرجال فيك .
فإن القضية أكبر منكِ .. وأكبرُ مني..كما تعلمين..
أقول هذا ، لأن اقتلاعكِ من عَصَب القلب صعبٌ .. وانك تستحقين اكثراكثر….اكثر.. 
فالتعلمي انك تتمتعين بكل القوة والقدرات ، فتوقفي عن اعتبار نفسك ضلعا أو ملحقا أو اكسسوارا لجهات أخرى ضمن سياساتالتقسيم الجديد“.ولكن، ولكي تقلعي عن أداء دورشهرزادينبغي لك بداية أن تصدقي أنك كائن كامل بذاته ، وأنك تستحقين الحياة من دون اضطرارك الى المساومة أو منح أي شيء في مقابل الحصول على حقوقك البديهية
لا تصدقيهم حينما يتجاهلونك و يتحججون بأنك غير مؤهلة .
لا اريدك ان تحلميولا اريد ان يحلم لكأحدا
لا أريد لكِ حلماً أنا أريد لكِ واقعا أريد لكِ حياة.. فحلمهم لا يأتي إلا ليلاً ليس ليل الهدوء إنما ليل السماسرة و الذئاب والتماسيح.. 
أنت تستحقين أكثر مما يعدونك به ..
 
تستحقين  مركبا رياضيا كبيرا على أعلى المواصفات والمعايير العالمية على غرار ما تم إنجازه في  مدن أخرى كثيرة أقل منكقيمة وتاريخا“.