أجمعت كل الفعاليات النسائية، على “ان صراع القيم يجب أن يكون محط تفكير و ليس محط تكفير”، خلال اللقاء الذي نظمه القطاع النسائي لجبهة القوى الديمقراطية، يوم الثلاثاء الماضي بالرباط، حول موضوع ” المرأة وصراع القيم: المناصفة والمساواة” دعما للفكر البناء و للتفكير الحر في قضايا المجتمع، وفي صلبها قضية المرأة، في وقت تعالت فيه أصوات نشاز، ضدا على كل مستجدات الدستور الجديد، لتقفل باب الحوار والاجتهاد وتشهر سلاح التطرف والغلو والتكفير. لتكون الحاجة ملحة الآن إلى توحيد الرؤى حول مطالب النساء سواء داخل الأحزاب، النقابات او الجمعيات و حتى المجتمع المدني، من أجل تكوين “جبهة حداثية” من أجل تحصين المكتسبات التي تحققت للمرأة و العمل من أجل تثبيت مبدأ المساواة بين الجنسين “إذ لا تنمية حقيقية دون النهوض بحقوق النساء”.
اعتبرت بشرى الخياري رئيسة القطاع النسائي لحزب جبهة القوى الديمقراطية ، “ان تنظيم هذا اللقاء، يأتي من خلال ما يجتازه المغرب في وقته الراهن من مرحلة دقيقة، من سماتها الأساس صراع قوي حول القيم. وهو صراع منحته مستجدات التدافع السياسي و الإيديولوجي في المحيط الإقليمي أبعادا جديدة، جعلت الموروث الثقافي والاجتماعي في مختلف أبعاده يبسط توجهاته على حساب ما تفرضه متطلبات الحاضر والمستقبل. مما يبعث الخوف من جديد من أن تضيع قضية المرأة في خضم هذا الصراع ومخلفاته على استدامة حالة التردد في الاختيار والحسم إلى أي جانب سينحاز المجتمع وتصطف الدولة”.
و أضافت بشرى الخياري، “ان القضية النسائية شكلت المساواة بين الجنسين جوهر طموح الشعب المغربي وقواه الحية إلى التغيير وبناء مجتمع الديمقراطية والحداثة. وذلك نتيجة الوعي بأن من أسباب التخلف الذي نعيشه تهميش النساء وضعف مشاركتهن في الحياة الاقتصادية والسياسية، إذ لا يمكن أبدا تصور بناء مجتمعات متقدمة وتحقيق التنمية دون النهوض بحقوق النساء”.
و أكدت ” أن الاصلاح الدستوري الذي أقدمت عليه بلادنا، يعد منفذا لتكريس المكاسب في الحقوق المدنية والاقتصادية والسياسية وتعزيز مبدأ المساواة، و أن تجديد الدينامية والحركية لتعزيز دور المرأة في تسريع وتيرة الانتقال إلى بناء مشروع المجتمع الديمقراطي العادل والدائم رهين بأجندة النضال التي يمكن تسطيرها للإجابة على الأسئلة المقلقة التي يطرحها هذا الموضوع الخلافي الشائك. أي موقع للمرأة في جدلية الصراع القيمي لمجتمعات الانتقال الديمقراطي؟ ماهي خلفيات المد التكفيري للتفكير الحر في قضايا المرأة.
هذا اللقاء فتح الباب أمام النساء من مختلف الفعاليات للتأكيد على النضالات التي قطعتها النساء لسنين طوال من أجل الوصول إلى المساواة و لا تريد الآن الرجوع إلى نقطة الصفر، خاصة و ان الحكومة الحالية لا تملك الارادة السياسية و لا الجدية في التعامل مع القضية النسائية.
و من بين التوصيات التي جاء بها الإعلان،” ان الفعاليات النسائية، الحزبية، النقابية و الجمعوية، وبعد وقوفها عند مآلات النقاش العمومي حول حقوق النساء، واستحضار نضالات المرأة المغربية وكل القوى الحية في البلاد، التواقة إلى بناء مجتمع الديمقراطية والحداثة، وعلى ضوء المداخلات والآراء، والنقاش الذي تلاها بمناسبة اللقاء. دعا الإعلان إلى تظافر جهود كافة القوى الحية ببلادنا من أجل تحصين المكتسبات التي تحققت للمرأة والعمل من أجل تثبيت مبادئ المساواة بين الجنسين، إذ لا تنمية حقيقية دون النهوض بحقوق النساء”.
و اعتبر الإعلان،” أن تطبيق الدستور، يعد المدخل الأساسي لإقرار المناصفة في أفق المساواة بين الجنسين في الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والتمتع بالكرامة الإنسانية باعتبار أن قضية المرأة شأن مجتمعي يجب طرحه في إطاره الشامل لتكريس حقوق نصف المجتمع الذي لا يمكن تحقيق أي تقدم بدونه، و أدانت النساء الحاضرات المد التكفيري ومظاهر التطرف الديني الآخدان، في الاستفحال لمواجهة بعض الرموز السياسية والثقافية الداعية إلى فضيلة الحوار والنقاش البناء حول قضايا المرأة المغربية، كما اعتبرالمد التكفيري هو محاولة للهروب إلى الأمام لتلافي النقاش الجاد حول القضايا التي تشغل بال المواطنين وترهن مستقبل البلاد، و انه هو ظاهرة خطيرة، غريبة عن المجتمع المغربي المتسم بالاعتدال والتسامح والانفتاح والاجتهاد.
هذا و حيت النساء بحرارة إرهاصات خلق “جبهة حداثية” تضم كل القوى الوطنية والديمقراطية وكل الفعاليات الحداثية لمواجهة النكوص والارتداد وتدعو كل الغيورين على حقوق المرأة إلى تعزيز ورص صفوف هذه الجبهة لمواجهة القوى المعيقة للتقدم والسعي من أجل بناء المجتمع الديمقراطي العادل.