تم مساء يوم الأربعاء 20 أبريل 2016 بالمكتبة الوطنية للمملكة المغربية بالرباط افتتاح المعرض التاريخي : المغرب.. مهاجرون ورحالة الذي ينظمه مجلس الجالية المغربية بالخارج إلى غاية 20 ماي 2016.
وفي كلمته خلال افتتاح المعرض هنأ الوزير المكلف بالمغاربة المقيمين بالخارج وشؤون الهجرة، أنيس بيرو، مجلس الجالية المغربية بالخارج على هذه المبادرة “ذات المدلول الكبير، والتي عملت على التأريخ للهجرة المغربية وتعطي فكرة على مسارات المغاربة الذين هاجروا وطنهم لاكتشاف مناطق أخرى بجرأة وشجاعة وأيضا بخوف من المجهول”.وقال بيرو إن هذا التاريخ المتعدد الذي يقدمه المعرض هو الذي ساهم في بناء المجتمع المغربي كما هو عليه اليوم، “لأن الإنسان المغربي هاجر بثقافته وقيمه وعمل على نسج علاقات مع جنوب الصحراء ومع أوروبا ومع عدد من الدول وهو ما يدعونا إلى الانفتاح على الآخر” يضيف.
وشدد الوزير المكلف بالمغاربة المقيمين بالخارج وشؤون الهجرة أن مغاربة العالم الذين يبلغ عددهم حوالي خمسة ملايين مغربي هم سفراء لبلدهم ويحملون ثقافة المغرب وهو ما يعطي التلاقح والتفاعل بين الثقافات والمجتمعات، كما أن المغرب بدوره يحتضن مهاجرين من 116 دولة وكل مهاجر يأتي بثقافته مما يجعل المجتمع المغربي أكثر انفتاحا”.
من جانبه ركز الأمين العام لمجلس الجالية المغربية بالخارج، عبد الله بوصوف، خلال مداخلته بهذه المناسبة على أهمية التعريف بالهجرة المغربية والشخصيات المغربية التي ساهمت في إثراء الموروث الإنساني وأثرت في العالم القديم وعالم اليوم والتي يحاول هذا المعرض التاريخي التوقف على إنجازاتها وفضلها على العالم، وضرب كمثال على هذه الشخصيات الإدريسي الذي رسم أول خارطة للعالم انطلاقا من إقامته في صقلية، وكذا ابن بطوطة الذي نقل معارف زمانه حول الهند ومناطق أخرى لم تكن معروفة قبل زمانه، وجوبا الثاني الطالب المغربي الذي أصبح إمبراطورا رومانيا…
وأبرز بوصوف أن هذا المعرض يعكس تنوع وتعدد مسارات الهجرة المغربية في مختلف المراحل التاريخية، انطلاقا من الرحلات، وصولا الى التاريخ الحديث والتاريخ الراهن وإسهام المغاربة الى جانب الجيوش الأوروبية في تحرير الدول الأوروبية من النازية والفاشية ودورهم في ارساء السلم عبر العالم من خلال مشاركاتهم في القبعات الزرق، دون إغفال إنتاجات المبدعين المغاربة في الفن والثقافة والرياضة في دول الاستقبال.
“نريد أن نقول من خلال هذا المعرض، إن الإنسان المغربي المهاجر عبر التاريخ كان إنسانا معطاء، مساهما في تنمية الحضارات، وله وقدرة على نسج العلاقات والاندماج في المجتمعات الأخرى وعنصر استقرار للمجتمع اللإنساني، وما نعيشه اليوم من ربط للمهاجر بالعنف والإرهاب غريب ولا يمت بصلة للانسان المغربي كما يؤكد التاريخ” يقول بوصوف.
وفي هذا الإطار دعا الأمين العام لمجلس الجالية المغربية بالخارج المهاجرين المغاربة في جميع الدول إلى الاستمرار في قيم التعايش وروح العطاء التي زرعها آباؤهم والمساهمة الفعالة في إغناء المجتمعات التي يوجدون فيها، مبرزا أن الهجرة المغربية ساهمت أيضا في تنمية المغرب وفي نضالات الحركة الوطنية من أجل الاستقلال وأرست قواعد العيش المشترك داخل المغرب، مناشدا وزارة التربية الوطنية إدراج تاريخ الهجرة في المناهج الدراسية وداعيا المؤسسات الوطنية خاصة مؤسسة متاحف المغرب والمكتبة الوطنية للمملكة المغربية إلى حفظ ذاكرة الهجرة وجعلها جزءا من التراث والذاكرة المغربية.
وخلص بوصوف في كلمته في افتتاح معرض المغاربة مهاجرون ورحالة إلى أن الدستور المغربي في ديباجته سطر على الروافد المتعددة التي تنهل منها الهوية المغربية ومن الضروري الاستمرار في العيش وفق هذه المبادئ التي تؤسس لاحترام معتقدات وثقافة وأديان الآخرين، وتعزيز مجتمع العيش المشترك. لا يمكننا أن نفصل من هوياتنا التي تطورت عبر التاريخ من الرافد اليهودي أو الافريقي أو المتوسطي أو العربي ومن المكون الأمازيغي. وهذا هو ما يشكل خصوصية المغرب ويجعله من البلدان القلائل التي استطاعت الحفاظ على السلم والاستقرار.
وخلال هذا الافتتاح قام ضيوف المعرض من شخصيات حكومية وسياسية وأكاديمية، ومجموعة من السفراء المعتمدين في المغرب، كذا وفاعلين من مغاربة العالم، بجولة بين الأعمال المعروضة مرفوقة بشروحات وتفسيرات تناوب على تقديمها أطر مجلس الجالية المغربية بالخارج وعدد من الأساتذة والمؤرخين الذين ساهمو في الإعداد للمعرض وفي تأليف كتاب خاص حول تاريخ الهجرة والرحلة المغربية.
ويقترح هذا المعرض إجراء سفر عبر التاريخ، وتسليط الضوء على الهجرة والرحلة كتقليد قديم جعل من المجتمع المغربي مجتمع تنوع وملتقى للثقافات وفضاء حيويا منفتحا على العالم؛ ويفتح المجال للتعرف على المسارات الفريدة لمغاربة دبلوماسيين وأدباء ومستكشفين وعلماء دين ومبدعين، كما يبرز الروافد المتعددة التي أسهمت في إثراء الحضارة المغربية، وهو واقع ترجمته ديباجة دستور 2011.