لايخفى على أحد أن عدد أفراد الجالية المغربية في الخارج يفوق 5 ملايين – أي ما يعادل 13 في المائة من سكان المغرب- , وهو عدد يفوق بكثير الناشطين في جبهة البوليزاريو , لكن عدم الاستثمار في الكفاءات المغربية في الخارج هو السبب الحقيقي الذي يقف وراء جميع المشاكل تقريبا , خاصة عندما فشلت المؤسسات الحكومية المغربية في تدبير هذه الامور مجتمعة .
بدون شك هناك أموال طائلة تخصصها الجزائر باتفاق مع جبهة البوليزاريو لنقل المعركة اٍلى خارج الحدود لكسب عطف الرأي العام الدولي , وفي غياب الدبلوماسية الموازية الحقة , وفي خضم الخلافات التي تلاحق أفراد الجالية المغربية وجمعياتها أيضا , وفي غياب تصورات شاملة , فاٍن المجهودات المبذولة تمشي هباء الريح .
منذ عهد بعيد أسندت الى المجتمع المدني تخصصات تفوق بكثير ما كان معهودا من قبل , وذالك موازاتا مع التقدم الاجتماعي الذي حصل من جهة , ومن جهة ثانية , للصدارة والشهرة والحنكة التي بدأت تتميز بها جمعيات من المجتمع المدني على الصعيد الدولي .
الامثلة هنا كثيرة , لكن مع كامل الاسف الجمعيات التي تقف في الصفوف الامامية كلها جمعيات أجنبية , ولا وجود لجمعيات عربية في هذا المجال .
مؤخرا تحرك المجتمع المدني بانشاء جمعيات وهيئات ومؤسسات للدفاع مدنيا عن قضية الصحراء المغربية باستعمال الوسائل المتاحة والقانونية والتي تسمى بالدبلوماسية الموازية , أوالدفاع عن الوحدة الوطنية .
لكن مع كامل الاسف نظرا لغيات تصور عام , وضعف طريقة العمل ظلت هذه الجمعيات تحمل الاسم فقط , وذالك لانعدام الافكار والبرامج , ومن غير المستبعد أن يكون مرد ذالك الى ضعف الميزانية المخصصة لهذه الجمعيات, وهي نقطة حساسة يجب معالجتها , ثانيا لضعف الالمام والاهتمام بالموضوع والذي هو راجع بالاساس الى ضعف الاحساس بالوطنية .
كانت هذه مقدمة ضرورية لمعرفة لب المقال الذي نطرحه اليوم , والذي نرجو ونطلب ونتمنى أن يصل اٍلى المسؤولين على هذه القضية.
مؤخرا اتصل بي مغربي من نفس المدينة التي نقطن بها بدولة المانيا , اٍسمه محمد أحيزون من مواليد مدينة تيفلت , وهو معرف على الساحة الجمعوية هنا في مدينة دوسلدورف , يتابع الاحداث عن كثب في عدة مجالات سواء بالمغرب أو بالمانيا .
وأمثال هذا المغربي الغيور كثيرة وتستحق التنويه , لكن كما يقول المثل المغربي : هناك من يزوع ويحصد الاخرون .
خلاصة ما في الموضوع أن الاخ محمد أحيزون أباح لي أن ما يسمى بحبهة البوليزاريو هنا في دولة المانيا استطاعت أن تسبق جمعيات المجتمع المدني وتربط علاقات مع شخصيات ألمانية في مجالات عدة , فيما الجمعيات المغربية تتناحر فيما بينها وتعكر الجو العام على قضية الصحراء المغربية وعلى المغاربة القاطنين بدولة المانيا .
استطاع شباب من جبهة البوليزاريو الفوز بعقد لقاءات مع منظم ألماني للمارطونات الدولية , ونجم عنها تنظيم المارطون الدولي بمدينة تندوف , والذي بلغ في هذه السنة دورته السادسة .
طبعا هناك اٍعلام دولي يتابع الحدث بالصوت والصورة وهناك أمور ترافق هذا المارطون كالمساعدات الانسانية : ملابس ادوات مدرسية أدوية ومواد غدائية , وهناك اتفاقيات بالسماح الى شباب البوليزاريو بالدراسة والعلاج بدولة المانيا , وهناك اٍمكانية جلب المستثمرين الالمان الى مدينة تندوف مستقبلا , وهناك أمور أخرى لا نعرفها .
الاشكالية الكبرى
الاخ محمد أحيزون حاول الاتصال بالسلطات المغربية حسب قوله هنا في المانيا وبعض الجمعيات أيضا , خاصة التي تستفيذ من مساعدات من المغرب , لكن بدون نتيجة حسب كلامه , وقد كان يسرد تفاصيل الحدث وهو يتأسف بمرارة .
الحدث نشرته مجلة المانية بالصور والتعليق والذي خصص له حوالي 3 صفحات, والمجلة لها اسم عالمي معروف :
Runner´ s word
واقع الامر أن المشكل ليس وليد اليوم , لان مارطون تندوف وصل الى سنته السادسة , لكن ماهو مؤسف هو أن عدد الجمعيات والمساجد والموظفون والملحقون والمخبرون المغاربة يفوق بكثير عدد شباب جبهة البوليزاريو التي فازت بعقدة تنظيم مارطون تندوف ورغم الحضور الهائل للمغاربة , اٍنها ضربة دبلوماسية بدون نقاش , والغريب في الامر أن السيد محمد أحيزون في اتصال مستمروشخصي مع المنظم الالماني الجنسية المكلف بالتنطيم العالمي لهذا المارطون , وحينما فاتحه في الموضوع وعن سبب عدم اختيار مدينة العيون لهذه التظاهرة الدولية , أجابه حسب قوله : أن المغاربة ليس لديهم اهتمام بالموضوع .
خاتمة
عبد ربه المتواضع , كتبت عن الصحراء المغربية في السنتين الماضيتين ما يفوق 20 مقالا مطولا , وتم نشرها كلها في مواقع وجرائد ومجلات دولية موزعة على القارات الخمس, والشيخ جوجل هو الشاهد على ما أقول , وبالفعل لاحضت أن الحماسة قليلة والاستقبال يشوبه الفتور خاصة عند مقابلة المسؤولين المغاربة , بل هناك من يتهرب عن الموضوع وكأنه ليس داخل في تخصصاته .
كما سبق ذكره يجب أن تخصص أموالا كثيرة للدعاية وأن يتم اختيار أناس لهم من الغيرة الوطنية ومن الافكاروالكفاءات والتصورات والمبادرات ما لا ينضب , ولا يتراجع .
على الدولة المغربية أن تكلف أناس من أبناء الجالية المغربية باعادة تهيئ تصورات شاملة وكاملة بواسطة فريق عمل يمتاز ببعد النظر وحكامة في تخطيط برامج الاستثمارات الغير مادية والتي تهتم بجميع القضايا العالقة .
محمد بونوار