الجالية24
أضحت الخبرة الجينية من وسائل إثبات الفساد والخيانة الزوجية، حسب قرار صادر عن محكمة النقض، أكد أنها باتت دليلا وحجة علمية لا يتسرب الشك إلى مدى قوتها الثبوتية، ويمكن اعتمادها دليلا علميا في الجريمتين سالفتي الذكر، إلى جانب وسائل الإثبات المحددة حصرا في الفصل 493 من القانون الجنائي. وأقرت محكمة النقض، بغرفتين مجتمعتين، أن اعتماد الدليل العلمي المتمثل في الخبرة، يشكل قرينة قوية وكافية على وجود علاقة جنسية بين الطاعن والضحية، نتجت عنها ولادة يمكن خلالها نسبة واقعة العلاقة الجنسية إلى الطاعن، معتبرة أن محكمة الموضوع باعتمادها تقرير الخبرة الجينية، تكون قد مارست السلطة المخولة لها قانونا في تفسير وتأويل النص القانوني في ضوء المستجدات والاكتشافات العلمية الحديثة، التي أصبح معها الدليل العلمي وسيلة إثبات قطعية، وآلية من آليات تفسير وتأويل النص القانوني لا يمكن للمنطق السليم أن يتغاضى عنه متى كان حاسما.
ما ذهب إليه القرار الصادر عن محكمة النقض يشكل اجتهادا ينبغي الأخذ به ويلزم معه التغيير في القانون، خاصة الفصل 493 من القانون الجنائي الذي اعتبر وسائل الإثبات في جريمة الفساد أربعة على سبيل الحصر.
وحدد القانون الجنائي هذه الوسائل في محضر رسمي يحرره أحد ضباط الشرطة القضائية في حالة تلبس أو اعتراف تضمنته مكاتيب أو أوراق صادرة عن المتهم، أو اعتراف قضائي، خاصة أن المحكمة عند اعتمادها تلك الوسيلة في تأكيد وجود علاقة فساد بين الضحية والطاعن، أكدت أن الحصر الذي تضمنه الفصل القانوني في وسائل الإثبات لا يعني غل يد المحكمة ومنعها، عند إعمالها لسلطتها في تفسير وتأويل النص القانوني من الأخذ بالدليل العلمي اليقيني متى توفر، مشيرة إلى أن الطاعن قدم عن طواعية واختيار عينة من دمه ولعابه، في إطار خبرة علمية تمثلت في تحليل نتائج الخبرة الجينية، الذي خلص التقرير المنجز بشأنها إلى أن الطاعن هو الأب البيولوجي للمولود الذي وضعته الضحية. القضية تعود إلى طعن تقدم به أحد المتهمين في قضية فساد أدين فيها بستة أشهر حبسا نافذا، بعد إعادة التكييف للجرائم المتابع من أجلها والتي كانت في البداية، الاغتصاب الناتج عنه افتضاض، واعتبر في نقضه أن المحكمة خرقت المقتضيات القانونية المتعلقة بجريمة الفساد والتي حددها المشرع حصرا، وأن المحكمة عندما اعتمدت على القواعد العامة في الإثبات المنصوص عليها في المادة 286 من قانون المسطرة الجنائية تكون قد خرقت القواعد الخاصة في الإثبات، مما يجعل ذلك الحكم معرض للنقض، غير أن محكمة النقض رأت غير ذلك وأقرت بصحة القرار الاستئنافي.