الجالية24/ذة. جيهان نجيب (باحثة في الفكر السياسي)
فاجعة طنجة تنضاف إلى فواجع عديدة شهدتها مدن أخرى… مثل مدينة الدار البيضاء كآخر حدث شهدناه في هاته السنة الجديدة 2021م التي تضرر المواطنون فيها جراء الأمطار وانهيار المنازل..إلخ، وهذا يكشف عن عدم وجود مخطط بنيوي.. يتمثل في الهيمنة الترابية التي وجب على كل جهة مغربية أن تكون متوفرة فيها ضمانا لسلامة المواطنين، ونفس الأمر بالنسبة للمناطق الصناعية التي يجب أن تكون مجهزة بطريقة تحترم سلامة العاملين.
إن هذه الفواجع تؤلم حقا، لأن إنقاد حياة الوطن والمحافظة على حريته واستقلاله وضمان أمن الدولة هي الغاية الأولى التي تتضاءل أمامها أية غاية أخرى ويختفي معها الفرد ومصالحه الذاتية، ذلك لأن الفرد ومصالحه الشخصية ينبغي أن تكون مندمجة في الدولة، لكن الواقع اليوم في ظل حكومة سعد الدين العتماني “المحترم”، لا يعكس أبدا ممارسة السياسة الفعلية في بعدها الأخلاقي النبيل.
فإذا كانت السياسة هي مجموع الإجراءات والطرق والأساليب الخاصة باتخاذ القرارات من أجل تنظيم الحياة في شتى المجتمعات البشرية، بحيث يلزم على كل فاعل سياسي وحقوقي..أن يعي بأهمية خلق التوافق والتوازن بين كافة التوجهات الإنسانية والاجتماعية والدينية، والاقتصادية… وغيرها، ولا يتحقق نصيب هذا التوافق دون “الأخلاق” التي هي مجموع القيم الموجهة للسلوك البشري نحو ما يعتقد أنه خير وتجنب كل ما يمكن أن ينظر إليه على أنه شر ضمانا لكرامة المواطن وحقوقه كافة داخل موطنه، لكنه يحزّ في النفس ويؤلم أيضا حينما يظلم المواطن داخل وطنه، داخل مكان وجب أخلاقيا وحقوقيا أن يكون بمثابة ملجأ له من المستعمر ومن الضرر النفسي والاجتماعي والاقتصادي، لكن واقعنا المغربي الجميل لا يعكس إلا ضد ما نتصوره ونطمح له أن يكون جميلا داخل وطننا…بل أكثر من ذلك هو لعبة “الاستحمار” و”الاستغباء” التي تمارس على عقلية المواطن، حيث كيف لا يكون أي أحد على علم بهذا المعمل السري؟!
كيف يستطيع الشخص أن يضع نفسه في موقف ضعيف جدا وهو إخفاء الحقيقة التي هي واضحة وضوح الشمس للطفل الصغير؟
فالكل يعرف بهذا المعمل، بل ويعرفون استهتارهم بسلامة المواطن العامل به.
ففاجعة طنجة هو مشكل عويص مرتبط بعدم تطبيق القانون في منح رخص للمعامل التي يعرفون مسبقا أنها لا تتوفر فيها معايير السلامة والظروف المناسبة للعمل والعاملين بها.
فإذا من دولة مغربية حقيقة تطمح أن تصلح نفسها اليوم وغذا، فيجب أن تقوم بدورها اليوم بالخصوص أكثر من أي زمن مضى، أي أن تحمي الباحثين عن لقمة العيش تحث أي ظرف وأن تتوفر شروط عملهم على السلامة الشاملة، كمشروع ملح وضروري تحقيقه في العاجل واعتباره من الأولويات الهامة. فاستراتيجية قراءة الفاتحة ترحمًا على ضحايا الحادث المأساوي بين أغلب الفرق البرلمانية، لهو حل واهي وضعيف جدا، لن يشفي جروح ضحايا مواطنين طنجة… فهؤلاء هم ضحايا لقمة العيش الصعبة وسط الخطر المعروفّ، ووسط قطاع غير مهيكل، بل وسط بؤس نفسي، لأنه من يقبل على نفسه العمل في ظل شروط قاتلة جراء سياسة حكومتكم “المحترمة” وإنصافكم المزيف لشباب ومواطني هذا الوطن، لدليل على الموت البطيء الذي تعاني منه ساكنة المغرب.. هذا من جهة ّ، ومن جهة ثانية ضرورة فتح تحقيق، عبر أخذ حق الضحايا وتعويض حقوق ذويهم مع التعجيل بالتحقيق مع ما يتطلبه الأمر من ترتيب الأولويات والمسؤوليات.