الجالية 24/ ذ.محمد أشهبون من هولندا

ذكرى 20 غشت1953.. حدث هام في صفحات الوطن الحر الأبي

بويع سيدي محمد الخامس سلطانا للمغرب في اليوم الموالي لوفاة والده بعد صلاة الجمعة 23 جمادى الأولى سنة 1346 هـ موافق 18 نونبر 1927م في القصر السلطاني بـفاس. ولم يزل سلطان المغرب إلى سنة 1957م، قضى منها المنفى بين (1953-1955)، ثم اتخذ لقب الملك سنة 1957م ولم يزل ملكا إلى وفاته سنة 1961م،

ساند السلطان محمد الخامس نضالات الحركة الوطنية المغربية المطالبة بتحقيق الاستقلال، الشيء الذي دفعه إلى الاصطدام بسلطات الحماية.

وكانت النتيجة قيام سلطات الحماية بنفيه إلى مدغشقر. وعلى إثر ذلك اندلعت مظاهرات مطالبة بعودته إلى وطنه. وأمام اشتداد حدة المظاهرات، قبلت السلطات الفرنسية بإرجاع السلطان إلى عرشه يوم 16 نوفمبر 1955. وبعد بضعة شهور تم إعلان استقلال المغرب. كان الملك محمد الخامس يكنى: أبا عبد الله .

يحتفل المغرب كل يوم 20 غشت من كل سنة بذكرى “ثورة الملك والشعب”. ونقف عند الأحداث الكبرى التي عاشها المغرب في تلك الفترة وأبرزها نفي محمد الخامس واندلاع المقاومة:

كان السلطان محمد الخامس، ومعه قادة الحركة الوطنية يطالبون السلطات مرارا بتغيير اتفاقية الحماية الجائرة الموقعة في 1912، باتفاقية أخرى تعترف للمغرب باستقلاله لكن دون جدوى.

وعاش المغاربة محنة قاسية مع الاستعمار سقط فيها العديد من الشهداء، خاصة بعد وقوع ثورات في عدة مناطق حضرية وقروية، واجهها الاستعمار بالقوة. وفِي أواخر الأربعينات بدأ الاستعمار يخطط للتخلص من الملك محمد الخامس.

ولهذا عندما عزم جلالته على القيام برحلته الملكية إلى مدينة طنجة يوم 9 أبريل 1947 نظم غلاة الاستعمار مذبحة حي بنمسيك بمدينة الدار البيضاء يوم 7 أبريل التي ذهب ضحيتها ألف مواطن مغربي لإشغاله بالمشاكل التي تترتب عنها، فيلغي رحلته المقررة.

لكن السلطان، بالرغم من هذه المأساة، سافر إلى طنجة وألقى بها خطابه التاريخي، معلنا إرادة المغرب في الاستقلال ومحددا سياسته الخارجية.

منذ هذا التاريخ بدأت الإقامة العامة تعد مؤامرتها الكبرى لخلعه بالتعاون مع غلاة الاستعمار وأعوانه. تصاعدت الأحداث بين القصر الملكي وبين الإقامة العامة. واعتقلت الزعماء المناضلين الوطنيين.

وسرعان ما تكونت بإيعاز من الإقامة العامة هيأة الباشوات والقواد الذين وقعوا عريضة تحمل 270 إمضاء يطلبون فيها بخلع محمد الخامس. وفي يوم 15 غشت 1953 بايعت الهيأة المذكورة بمدينة مراكش محمد بنعرفة سلطانا على المغرب، فحدثت مظاهرات عديدة في مراكش والدار البيضاء والرباط وسلا ومكناس وفاس ووجدة.

و كان المغرب على وشك الوقوع في هاوية حرب أهلية مصطنعة يتخذها غلاة الاستعمار ذريعة ومبررا لأحداث قمع عنيف. وكان المغفور له الملك محمد الخامس في غمرة هذه الأزمة يوجه النداءات إلى شعبه بالتزام الهدوء.

وتكشف وثائق عن تسارع الأحداث بعد ذلك ليصل يوم 13 غشت 1953. في هذا اليوم سيبايع الباشا الكلاوي، ومن معه من قياد وبشاوات، محمد بن عرفة سلطانا جديدا بمباركة سلطات الحماية.

وبعد.أسبوع مضطرب وفي 20 غشت 1953، طوقت الدبابات القصر الملكي بالرباط. وفي الساعة الثانية بعد الزوال أبلغ المقيم العام السلطان بن يوسف بقرار خلعه. وفي الساعة الثالثة و12 دقيقة اقتيد السلطان وابنيه تحت الحراسة العسكرية إلى طائرة متجهة إلى جزيرة كورسيكا. لتبدأ رحلة المنفى التي ستدوم عامين وثلاثة أشهر. حدث هذا أثناء عيد الأضحى فأثار استياء واشمئزازا عند جميع المواطنين.

وكان طبيعيا أن يحدث الخلع العدواني الذي نفذته الإقامة العامة صدمة نفسية عنيفة في نفوس المغاربة فاندلعت العمليات الفدائية منها:

__ العملية التي قام بها الشهيد علال بنعبدالله في 11 شتنبر 1953، الذي استهدف بنعرفة،
__ والعمليات التي قام بها الشهيد محمد الزرقطوني ورفاقه في خلايا المقاومة بالدار البيضاء، وعمليات أخرى
__ وتصاعد وتيرة المقاومة بالمظاهرات والانتفاضات وبانطلاق جيش التحرير بالشمال في أكتوبر 1955.

لقد سقط العديد من الشهداء والجرحى، وشكل ذلك زخما للمطالبة بالاستقلال ولم تهدأ النفوس إلا بعودة محمد الخامس للعرش في 16 نونبر 1955، حاملا معه بشائر الاستقلال الذي تحقق سنة 1956.

لكن المعركة لم تنته بعد، فقد كان على المغرب في عهد الحسن الثاني مواصلة استرجاع أراضيه مثل سيدي إفني التي استرجعها سنة 1969، والأقاليم الجنوبية سنة 1975 بفضل المسيرة الخضراء، وفي غشت من سنة 1979 تم تعزيز استكمال الوحدة الترابية باسترجاع إقليم وادي الذهب.

وما زلنا أمام جهاد اكبر يمنجزات تواكب العصر وفي تحدي بارز بملحمة _العرش_ العلوي المجيد تحت القيادة النيرة لجلالة الملك محمد السادس نصره الله تعالى وأيده _وشعب_ وفي أبان عن غيرته وحرصه على العيش في أمن وسلام بوطن هو الحصن والحضن.

المراجع :

_مجلة “دعوة الحق”
_ “جوان..المارشال الإفريقي”، المؤرخ غيوم دونغلو
_ مجلة “تيل كيل”