تقف هذه السلسلة من الحوارات كل اسبوع مع مبدع اوفنان اوفاعل في احدى المجالات الحيوية في اسئلة سريعة ومقتضبة حول انشغالاته وجديد انتاجه وبعض الجوانب المتعلقة بشخصيته وعوالمه الخاصة.
ضيفة حلقة الاسبوع الشاعرة المصرية ديمة محمود
(1) كيف تعرفين نفسك للقراء في سطرين؟
أنا شاعرة مصرية لي ديوانان (ضفائر روح) 2015 و(أشاكس الأفق بكمنجة). كما أنني معلقة صوتية وراوية كتب صوتية.
(2) ماذا تقرئين الآن وماهو اجمل كتاب قرأته؟
أقرأ حالياً (ماالتنوير) لـ ميشيل فوكو ورواية (سدهارتا) لـ هرمان هسة تتصدر القراءات الجميلة.
(3) متى بدأت الكتابة ولماذا تكتبين؟
أنا كتبت الشعر أول مرة في عمر عشر سنوات.عادةً ما أكتب حينما أحتاج أن أحشو أذني بوسادات ضخمة لأنفصل عن ضجيجٍ عالٍ في رأسي.
(4) ماهي المدينة التي تسكنكِ ويجتاحك الحنين إلى التسكع في أزقتها وبين دروبها؟
أنا مسكونة بفكرة المكان بذاتها أحب تفاصيل الأماكن الطبيعة والتاريخية يعني أحياناً لا أعرف أنا أحب أي مكان أكثر أنا أحب القاهرة القديمة وأنا أقيم هنا في مصر تنتابني رغبة جامحة أحياناً لأذهب هناك رغم أن عهدي لايكون قد بعُد بها. وأحب آسفي البلدة الصغيرة التي شعرت أنها بأكملها بيتي الذي أتناول فيه البحر بكفي من سريري، أما سان كريستوبال المكسيكية مازلت أجزم أنها مسقط رأسي في عهد لا أعيه ولم يدوّن وأن لي هناك امتداداً بيولوجياً ما في حياة ما.
(5) هل أنت راضية على إنتاجاتك وماهي أعمالك المقبلة؟
فكرة الرضا فكرة نسبية لا أمزجتنا ولا طاقتنا الكتابية والإبداعية محسوبة ومخطط لها لكنني أعتقد أنني على الأقل راضية عن اختياري في إثبات وتوثيق ما أقدمه من منتج أدبي. أما لو كنت تقصد الرضا بمعنى الاكتفاء فهذا لو وجد لما مضيت في الكتابة.
لي ديوانان تحت الطبع يفترض أن أحدهما سيصدر قريباً.
(6) متى ستحرقين أوراقك الابداعية وتعتزلين الكتابة بشكل نهائي؟
الأديب الذي يعيد تدوير نفسه ليقول أنا موجود عليه أن يتوقف
(7) ماهو العمل الذي تتمنين أن تكون كاتبته وهل لك طقوس خاصة للكتابة؟
مراثي دوينو لـ ريلكة.لا طقوس في الأمر.
(8)هل للمثقف دور فعلي ومؤثر في المنظومة الاجتماعية التي يعيش فيها ويتفاعل معها ام هو مجرد مغرد خارج السرب؟
من جهة المثقف العربي جزء من منظومة مجتمعاتنا المثقلة بالرخاوة والهزيمة بأنواعها. ومن جهة أخرى حين نطلب منه أن يكون سوبرمان ويحدث المعجزات في تغيير المجتمع فإننا واهمون. لا المدن الفاضلة حقيقة ولا المثقف نبي وقديس. المثقف بشر له حساباته في علاقته مع مجتمعه وحتى المادية. هو بشر يحتاج أن يعيش بمعزل عن أدوار البطولة والتضحيات والواقع يقول ذلك وأنا لا أبرر له بل أشرح حالته الفعلية التي هي حالة كل الناس وإن كانت لدية مساحة خاصة ما فإنها حالياً لم تعد تحتمل أكثر مما هي له فقط. فكل شيء حولنا قد وصل إلى التشبع والإشباع وأي كلام غير ذلك هو تنظيري وبعيد عن الواقع.ثم إن الثقوب اتسعت على الراقعين.
(9) ماذا يعني لك العيش في عزلة إجبارية وربما حرية أقل؟و هل العزلة قيد أم حرية بالنسبة للكاتب؟
هناك فرق كبير بين الاختيار والإجبار فتقليص الانخراط الاجتماعي حينما يكون قراراً يختلف تماماً عن حالة إجبارياً تمنعك من الخروج لأبسط متطلباتك الحياتية حتى اللجوء للشارع حينما يمثل لك أحياناً ملاذاً أو شريكاً في الوحدة والتأمل وحتى النأي. على أيّ حال عليّ أن أعترف أن القرار القديم ساهم في المساعدة على احتمال الحالة الجبرية الجديدة لكن لم يكن الأمر وردياً بالنسبة لي فأنا في الواقع مزاجية للغاية ولم أتمكن من توجيه حالتي نحو الاستثمار كما حدث لدى البعض فظلت قراءتي وفرجتي على الأفلام انتقائية جداً بل زادت انتقائيتي ومزاجيتي بسبب فرض الحالة وبسبب ركود متوقع لمزاجي ورغبتي بفعل الفعل. الإقامة الجبرية حرية حينما تكون اختياراً لكنها قيد وكبت حينما تصبح كما حدث في حالة كوفيد 19.
(10) شخصية من الماضي ترغبين لقاءها ولماذا ؟
جان جونيه أحب هذا المزيج من الجنون والتمرد وطول النفس وهذا الإيمان باللايقين والمتناقضات.
(11) ماذا كنت ستغيرين في حياتك لو أتيحت لك فرصة البدء من جديد ولماذا ؟
كنت لن أسلم نفسي لتبعات الحياة والإخلاص المبالغ لها. وكنت سأعطي ذاتي حقوقها باكراً جداً.
(12) إلى ماذا تحتاج المرأة في أوطاننا لتصل إلى مرحلة المساواة مع الرجل في مجتمعاتنا الذكورية بامتياز.إلى دهاء وحكمة بلقيس أم الى جرأة وشجاعة نوال السعداوي ؟
لست من وارد المثالية أو التنظير لا لليمين ولا لليسار. تحتاج المرأة أن تتخلص من المظلومية وأن تأخذ حقوقها ولا تتنازل عنها لا من باب العويل وإثارة حفيظة الآخرين بل بهدوء ونعومة قدر الإمكان وإن لم يكن وكانت المواجهه ضرورية فلا بأس لكن دون تشتيت نفسها ودخول جبهات صراع ومتعددة. أولاً وأخيراً لا داعي لتصدير حالة مثالية للمرأة (عاطفياً وقيمياً) في مجتمعاتنا. المرأة إنسان يحتمل أن يكون بكل الحالات وعليها أن تسعى مثل بقية الأفراد للحصول على حقوقها بكل الطرق وتؤدي ما عليها أيضاً وتتخلص بنفسها من دور وصورة الضحية ولا تكون الجلاد في نفس الوقت لا لنفسها ولا لغيرها، وفي الواقع هذه هي نقلة ضرورية لتطهير المجتمع من التشوه والاستقطاب.
(13) ما جدوى الكتابة الابداعية وكتابة الشعر على وجه الخصوص؟ وهل الكتابة سلوى وعزاء ام مرض كما عبر كوكتو ذات يوم؟
لا أعتقد بقكرة جدوى الكتابة.الكتابة ذاتها فعل متناقض في عالم متناقض فمن أين وكيف يكون لها جدوى. الكتابة شكل من أشكال الفِلاحة أوالركض أو الصراخ أو الغناء أو اللعب أو الرقص وحتى تكسير الزجاج أو العبث أحياناً.. هل هي عزاء أو مرض ربما لكن الأمر ليس مطلقاً على أي حال بمعنى أن هذا بالذات يرتبط بتفاصيل وسياقات معينة.
(14) هل ترين أن ترجمة أعمالك إلى اللغات الأخرى عامل مساعد على نقل أفكارك إلى الآخرين ؟ ومامدى اهمية الاداب في ارساء جسور التواصل والحوار مع الاخر؟
بدون شك الترجمة عامل مهم لإطلاع الآخر ليس فقط على النص الشعري بحد ذاته وإنما على أفكارنا ورؤانا وتغيير وتصحيح الصورة النمطية السلبية المتراكمة عنا كمجتمعات شرقية وعربية.
(15) من هو قارئك ؟ وهل تعتبرين نفسك شاعرة مقروءة ؟
قارئي هو من يقرؤني بذراعين مفتوحتين جداً في الهواء الطلق متخففاً من أيّ أزمات أو قوالب نمطية.
دعني أسألك هل على الشاعر أن يكون نجم شباك كي يكون مقروءاً بالطبع لا. وبالتالي أنا أقول كلمتي وأمضي وفي العموم أنا أراهن على نوعية من يقرؤنني بمعنى ذائقتهم وفكرهم معاً و ليس على عدد من يقرؤونني.
على هامش إحدى الفعاليات التي دعيت لها في المغرب سلّم علي أحد الحضور وألقى عليّ نصين كاملين من ديواني الأول أنا بنفسي لا أحفظهما عن ظهر قلب ولم أعرف اسمه بالمناسبة وحينما سألت عنه أخبرني أصدقاؤه أنه لا يملك صفحة فيسبوك
(16) كيف ترين تجربة النشر على وسائل التواصل الاجتماعي، كيف ترين تأثير ذلك في كتابتك أو كتابة زملائك ممن ينشرون إبداعاتهم على مواقع التواصل الاجتماعي؟
النشر في وسائل التواصل ساهم في إيصال صوتي ونصوصي لكافة أنحاء الدنيا وأضاف لي معرفة العديد من الأصدقاء شعراء وغيرهم لم أكن لأعرفهم لولا تلك الوسائل. لكن موضوع تأثيره في الكتابة من الصعب اختزاله هنا وقد تحدثت بالتفصيل حول هذا غير مرة. بالنسبة لي أحصن نفسي قدر الإمكان ضد التأثر في كتابتي بوسائل التواصل. تأثيرها ألخصه بأنها كما ساهمت في تحفيز وكشف مواهب الكتابة بل وتطويرها لدى الكثيرين لكنها أثْرت المجانية والاستنساخ والسيولة وكتابات (الكتالوج) وهناك فقاعات وبالونات لا تعد ولا تحصى بالشراكة بين من يكتبون والنقاد والصحفيين والجمهور.
(17) أجمل وأسوء ذكرى في حياتك؟
أفعل التفضيل فعل غير محبذ عندي. أنا أعتبر أن كل الأمور نسبية. لكن تسجيلي لأول كتاب مسموع بصوتي كان حدثاً سعيداً بالنسبة لي.
(18) كلمة أخيرة أو شئ ترغبين الحديث عنه؟
لا هذا الفراغ نملكه أنا وأنت/ نحن نملك فقط أن ندوس الأرض بنعلٍ حثيث/ ذاق فعرف المخلب/ واستفاض في تجربة…