حاورتها : ذ حليمة إبراهيم
يميزها جمال حرفها وحسها المرهف وعشقها للكتابة والإبداع وخاصة للقصيدة والشعر، مما جعل حضورها في المشهد الكتابي والثقافي له بصمة فالنتينية خاصة، وهي من النوع الذي لا يقتنع بسرعة بما يكتب لحظتها حتى تُعدل عليه ما لا نهاية مرات، ومن تم يمكن وصفها ب” ملاك مدمن على الابجديات الأدبية” تمكنت من أن تثبت نفسها لنفسها كحالة فنية رقيقة تبدأ من الشعر حتى الرواية..
من الطب الى الشعر، انتقال قد يُعطي طاقة رهيبة على الإبحار في عالم الخيال، وهو ما لمسناه في ديوانها الشعري «سورية.. تعشق ارض المغرب” الصادر مؤخرا عن “منشورات حلقة الفكر المغربي”، و الكتاب يُعرض هذه الايام بالمعرض الدولي للكتاب و النشر بالدارالبيضاء بالمغرب.
إنها الدكتورة الشاعرة فالنتينا قره فلاح ابنة الياسمين، كاتبة وشاعرة سورية ودكتورة تمارس طقوس الطب والصحة بجمالية وإبداعية ملفتة، فتحت لنا اليوم قلبها لتحدثنا عن شغفها العميق بكتابة الشعر، وعن رأيها حول المرأة والإبداع وما قد تصنعه حروف النساء في ميدان الثقافة والأدب.
أولا نرحب بالشاعرة فالنتينا قره فلاح
قبل البدء نبارك لك مولودك الأول في الشعر” سورية..تعشق أرض المغرب”
الله ابارك فيكم
أولا لماذا المغرب ولماذا هذا العشق الجميل لأرضه والذي لامسناه من خلال أحرفك؟
تبتسم ابتسامة عريضة وتقول: صدقوني لا أعرف الجواب.. لكن الشيء الذي أحِسُه اتجاه هذا الوطن الجميل وأرضه وترابه هو شعور يمتلك شراييني وأورِدَتْي، زِدْ انني أحِس برابط لا أعرف ما هو يجمعني بهذه الأرض التي فعلا اعشقها و بكل حب. باختصار أحب أرض المغرب وترابها وانتهى.
هل لك أن تلخصين لنا ما تحمله أشعارك بالكتاب؟
عبارة عن نغماتِ أتثوية من الشعر عَزفتُ موسيقاه منذ وقت ليس بالبعيد، الكتاب إنتاج لتراكمات المفردات في ذاكرتي ووجداني.. لا أريد أن أحرق الأميال. هو ألوان لقصائد امرأة غير خاملة وغير تابعة ولا تحب أن ترضخ تحت وصايا أحد، وأنا أميل لكل أشكال الإبداع الأدبي من شعر ونثر ورواية وكل ما هو جميل وصادق..
كيف كان مخاض “سورية.. تعشق أرض المغرب”؟
صراحة أيقظَتني كثيرا ، لأنها حَتمتْ عليَ أن أقفَ على ردة فعل حُروفها و ما تَحويه خفايا أسْطُرها، لكن َصدقوني كم هو جميل أن تلتقي و افكاركَ و تُحِبان بعضكُما”.
ماهي الحالات التي تحفزك على الكتابة؟
أميل للتلقائية والعفوية في كل شيء، ولهذا تجدني في منأى عن الطلاء، والنفاق الأبجدي بعيدا كل البعد عن فالنتينا الشاعرة، فقلمي لديه عزة نفس وأنفة للوصول بعرق مداده الذي يسيل حُبا على سجادة بيضاء تمهيدا لتقديمه للقراء في حلة فنية جميلة و راقية. ولهذا تجدني أكتب ماأشعر به و أحيانا ما أراه في أعين الناس.
أرى ان كتابك جاءت صفحاته برقم ليس بالكبير، هل ترين أن القارئ الحالي ليس لديه النفس الطويل لقراءة كتب ضخمة، إذ أغلب القراء إن وُجِدوا يُحبون قراءة كتب قصيرة؟
أنا أؤمن بما أكتب، لهذا حين نملك الإيمان فهذا سيستقطب القارئ مهما كان حجم الصفحات، والأشياء بالكيف وليس بالكم.
كونك طبيبة وشاعرة تتأرجحين بين المجالين، كيف توفقين بين الكتابة و الطب؟
رغم عشقي لمهنة الطب وما تحمله من رسالة نبيلةإنسانية ، من خلال الكشف على مرضاي ، إلا أنني أَصدُق القول أنه شيء صعب التوفيق بين الكتابة و الطب ، لأنك تضحين بواحدة من أجل الأخرى و لأنها أحيانا لا تترك لي مساحة من الوقت بحكم أن الطبيب من واجبه أن لا يتأخر في تقديم العلاج و استقبال المرضى و أن يستمع إليهم و يمنحهم من الوقت الكافي لأني أومن أن النسبة الكبيرة في الشفاء نفسية، و رغم ذلك فالطب كعمل لم يُبعدني كثيراً عن مفهوم الشعر كفن إبداعي وغالباً ما يأتي أحدهما على حساب الآخر فيتضاءل رصيد الشعر أمامه.
أين تجد فالنتينا نفسها أكثر، هل كشاعرة أم كطبيبة؟
الإثنين معا.. مع أنه لا يمكن المقارنة بينهما، فالطب مهنتي الإنسانية بامتياز، والكتابة مُتنفسِي وبامتياز أيضا، والإثنان يلتقيان في عِشق أبَدِي أحمِله منذ الصِغر، منذ أن بدأتُ أتعلمُ كيف أحملُ القلم بين أناملي وأنا أَرْتشِفُ كل أحْرُفِي شِعرا طِبيا وطِبيا شِعرا، فحين أكتبُ وَصفَة مَريض أكتبها وأنا مُؤمنة بالشفاء التام لأني لاَ أُشَخِصُ الدَواء العُضوي أكْثر ما أُشَخصُ الدَواء النَفسِي فيَرتبطُ هنَا قلمِي بالشِعر الطِبي ولا يُمكن له أن ينفصِل عنه لأنهما برُوح واحِدة.
ماذا بعد «سورية.. تعشقأرض المغرب»، هل من نصّ روائيّ أو شعري جديد في الأفق، أو قيد الاشتغال؟
بكل تأكيد.. هناك نصا روائيا شرعتُ في كتابته وسيكون فيه عرضا جديدا أتمنى أن ينال إعجاب القارئ، وربما حتى العنوان جاهز وسأترك التشويق لذاك الوقت، بالإضافة لثاني ديوان شعري في الأفق بإذن الله.
هَمستِ في أذني أن أمك- أدام الله لك في عمرها- ساهمت فيما وصلتِ إليه اليوم. هل لنا أن نعرف سر أمك؟
أمي هي المنبه والداعم الرسمي لقلمي بل لكل شيء بحياتي، فكلما انتابني إحباط او تَوَقُف، أجدها تُوقظني بحماسها من حالتي وتأخذ بيدي إلى بر الاستمرار لأنها تؤمن بي، عندها أشعر بالاكتفاء الروحاني وهذا يكفي أن يجعلني قوية. شكرا أمي شكرا يا أغلي الناس.
و أضيف ليست أمي فقط ، بل كان لأبي دور أكبر في قوتي و نجاحي، لأني دائما ما استشف الجبروت الايجابي و النضال الناجح من أبي، فشكرا لهما على كل شيء.
كيف تنظر فالنتينا إلى المرأة والإبداع في سوريا وبالعالم العربي؟
المرأة في سوريا وبالعالم العربي منذ عقود زمنية لها بصمتها، وأظهرت ذلك في الكتابات الجديدة-بصرف النّظر عن توجهاتها المختلفة- أظهرت عودتها إلى الذّات، في الشّعر والمسرح والقصّة والرّواية، وظهور أسماء كثيرة لها طاقة معتبرة على الإبداع. ما يعني أن ثمة جهدا عقليا في التّعامل مع المُنجَز، مع القضايا الجمالية وإشكالاتها، كما هي متداولة عالميا.
ماذا تقول الشاعرة فالنتينا للجمهور العربي عامة؟
أتمنى أن ينال كتاب “سورية.. تعشق أرض المغرب ” إعجابهم و أن يجد له مكانا بقلوبهم قبل عقولهم و أن يلقى دعما روحانيا ريثما يجدون بين حكاياته شيئا منهم حينها سَأُوَفَقُ في الوصول إليهم.
كنا سعداء بلقائك اليوم شكرا لقبولك الدعوة، كلمة أخيرة؟
أتمنى أن أظل قادرة على الحب، و كما وصفته بين ثنايا شعر”سورية..تعشق أرض المغرب”
سَرنِي فيض التواجد مع هذا اللقاء وحقيقة اكتسبتُ طاقة روحانية أحسُها
من الأعماق، أُمسِكُ بأيديكم الدافئة وهي مبتلة بِجُودِ الوقت والقراءة والإهتمام.
في الأخير لابد أن أوجه عميق امتناني و شكري للسيد الدكتور جمال بوطيب رئيس مؤسسة مقاربات للنشر والتوزيع بفاس بالمغرب على مجهوداته لإخراج هذه التحفة الشعرية إلى الواقع بعدما كانت مجرد حلم. ” عن جد شكرااا جزيلا دكتور جمال بوطيب”
و أختم كلمتي بأجمل الأماني و التمنيات بالنجاح و التوفيق لصاحب الجلالة الملك محمد السادس مع موفور الصحة و الهناء له و لأسىرته العلوية الشريفة و للشعب المغربي الكريم