انطلق بنا أمين مال الجمعية المغربية للثقافة والإرشاد التي تسهر على تسيير المسجد، وأحد أعمدة هذا المسجد السيد احمد أياو، مهاجر مغربي منذ حوالي أربعين سنة في ألمانيا وعضو مجلس الجالية المغربية بالخارج، في زيارة تفقدية على هامش لقاء لتقديم حصيلة مشروع التكوين والتأهيل اللغوي والثقافي للأئمة في ولاية هيسن الألمانية، وهو مشروع أطلق بشراكة بين مجلس الجالية المغربية بالخارج والمجلس الأوروبي للعلماء المغاربة ومعهد غوته الألماني، لتقوية قدرات الأئمة في اللغة والثقافة الألمانيتين.
بناية تجسد انفتاح النموذج المغربي:
بداية الجولة التفقدية لمسجد التقوى نستهلها من الطابق الأرضي الذي لم تنتهي الأشغال فيه بعد، وهو طابق يتضمن مرافق اجتماعية بعيدة عن وظيفة المسجد التعبدية من أجل جعله فضاء منفتحا على محيطه السكاني ومن أجل تمكين الزوار من غير المسلمين من زيارته واستكشافه والتبادل مع رواده، لذلك فينتظر أن تفتح في الطابق الأرضي مطعم ومقهى ،إضافة الى محل تجاري ومكتبة لبيع الكتب، على أن يخصص فضاء داخليا كمكان اسجمام مع حديقة صغيرة تكسر رتابة المشهد الاسمنتي في البهو الخلفي.
ولأن الاهتمام بالتفاصيل يزيد من دقة الأشياء، فقد أخذ تصميم المسجد بعين الاعتبار تخصيص قاعات للأطفال يمكنهم اللعب فيها ومشاهدة الرسوم المتحركة ريتما يتفرغ آباؤهم وأمهاتهم من الصلاة، وقاعة أخرى من أجل الاهتمام الأمهات بأطفالهم الرضع دون التشويش على المصلين.
بمجرد أخذ الأدراج المؤدية إلى الطابق الأول في اتجاه قاعة الصلاة الكبرى حتى تثير انتباهك الزخرفة المغربية على الحديد، وما هي إلا البداية قبل دخول قاعة الصلاة التي لا تختلف في شيء عن مساجد المدن المغربية؛ زليج تقليدي مرتبة قطعه الملونة الصغيرة على امتداد قاعة الصلاة، وزخرفات في الجبص تزين أعمدة المسجد وصولا إلى المحراب الذي احتفظ بطابع أندلسي تميزه آيات كريمة منقوشة بعناية ومزينة بلون ذهبي.
كما أن أصالة المسجد المغربية تبسط آثارها على الزرابي الخضراء المؤطرة التي تؤثت أرضية الطابقين المخصصين للصلاة، وهي نفسها الموجودة في المساجد المغربية. مشهد مغربي متكامل زاد من دقته لباس إمام المسجد السيد الميلود لحسيني، وهو ببساطة الزي التقليدي المغربي بجلبابه الأبيض الناصح وطربوشه الأحمر، وقد صادف تواجدنا في المسجد صلاة جنازة لمهاجر يمني أمها الخطيب ميلود لحسيني بعد صلاة المغرب وحضرها عدد من أفراد الجالية اليمنية في فرانكفورت، إضافة الى المصلين المعتادين على ارتياد المسجد من مختلف الجنسيات، وهو دليل آخر على انفتاح النموذج الديني المغربي وقدرته على استيعاب كافة المسلمين بغض النظر عن انتمائهم الجغرافية.
مساواة بين الرجال والنساء:
قبل أن نغادر الطابقين المخصصين للصلاة، لا بد من الإشارة إلى أن الطابق الثاني هو مخصص بالكامل للنساء، وهو يشبه في كل شيء الطابق المخصص للرجال بل وحتى فيما يتعلق بالتهوية فقد سهر القائمون على تصميم البناية على أن تكون مماثلة لتهوية الطابق الأول وهو ما جعل الفضاء المخصص للنساء منفتحا من جوانبه الثلاثة على قاعة الصلاة الرئيسية في الطابق الأول.
يشرح احمد أياو أثناء الجولة في مسجد التقوى، وهو يشير إلى جهاز تلفاز، أن الهدف من وضع شاشات هنا هو أساسا تمكين جميع النساء المصليات من مشاهدة خطبة الجمعة، حتى لا يقتصر الأمر على المصليات المتواجدات في الصف الأول المطل مباشرة على منبر الخطيب.
هذا النوع من المساواة بين الرجال والنساء، امتد من قاعة الصلاة إلى حجرات محاربة الأمية في الطابق الثالث من البناية، حيث يتلقى الرجال والنساء دروس محو الأمية، وقد تمكن عدد منهم من تعلم القراءة والكتابة وحفظ القرآن بفضل هذه الدروس.
ولا يقتصر الأمر على حصص محو الأمية بل يتكون الطابق الثالث من مدرسة متكاملة الأرجاء تضم سبع حجرات للدرس ومكتبة مجهزة تنتظر فقط نقل الكتب إليها، إضافة إلى قاعة حاسوب.