محمد بوتخريط/ هولاندا
المتابع لما جرى ضمن فعاليات ملتقى جهة الشرق ومغاربة العالم، الذي نظمته وكالة تنمية أقاليم الجهة الشرقية ومجلس الجهة الشرقية بمدينة دوزلدورف الألمانية.، ولتعاقدات الاستثمار فيه، وحتى لمذكرات التفاهم والنوايا المبدئية، المتابع منَّا يلحظ شيئا مهما في ما أعتقد، فقد ازدحم المؤتمر بجماعات ممن يسمونهم بالمسؤولين والرؤساء وبرجال الأعمال وطبعا دون أن ننسى “رجال” الصحافة ،أخذو صورا عديدة وسيلفيات كثيرة ..أقاموا الأفراح والليالي الملاح المتغنية بكرم “الرؤساء” والضيافة ، ولكن بدون أن يدخلوا طرفا في التعاقدات الاستثمارية ..اللهم إلا باستثناءات لا تكاد تذكر.
فهل حضروا المؤتمر وفقط كمناسبة علاقات عامة، يقيمون فيها روابط وصلات مع وزراء ومسؤولين .. يقدمون الأليات الجديدة و يعبؤون مغاربة العالم من أجل مشاريع تنمية في البلاد وتقديم ضمانات..؟
وكيف سيتم تنزيل التوصيات التي تم الخروج بها من هذا الملتقى بين الجهة الشرقية ومغاربة العالم. كيف يتم تنزيلها من توصيات مدونة على أوراق إلى عمل على أرض الواقع من أجل تجاوز الإشكاليات و النهوض بالجهة وبأقاليم الدريوش والناظور على الخصوص..
خاصة ونحن نعرف جيدا حقيقة العلاقة الرابطة بين الدولة المغربية و مغاربة العالم ،حقيقة الأمور..لنذكر منها مثلا مسألة تغييب مغاربة الخارج وفي ميادين كثيرة جدا..نذكر عدم إدماجهم في المسلسل الديمقراطي للبلاد.
وإن كان المغاربة المقيمون بالخارج يشكلون مثلا أكثر من عشرة بالمائة من مجموع ساكنة المغرب ، فإن وزنهم الاقتصادي أعلى بكثير ،
فكيف يٌعقل إذن إقصاؤهم مثلا من أعلى هيئة تمثيلية للمغاربة ؟.
أم أننا فقط مغاربة اقتصاديا..ووطنيتنا اقتصادية فقط ..وهم من يؤكدون أن الإقامة خارج أرض الوطن لا تعني الانسحاب من المواطنة بل تعززها غالبا، ولكن يجب الإعتراف أيضا أن ..المشاركة السياسية أثمن تعبير عن ذلك…وليس فقط الاقتصادية…
أم أن على هؤلاء أن يكونوا بقر حلوب حتى يكونوا مواطنين صالحين ؟
الحقيقة المرة أنه عادة ما تنظر حكومتنا “الوطنية” الى مغاربة العالم على أنهم مجرد بقرة حلوب بضرع كبير، لا يصلحون إلا لاستجلاب العملة الصعبة، ولذلك فغالباً، ما تعتبر تحويلات هؤلاء الكادحين في بلاد الاغتراب واجباً لا بد منه.
هل لنا أن نسأل حكومتنا الموقرة و وكالة تنمية أقاليم الجهة الشرقية ومعها كل المسؤولين ماذا أعدّوا لهؤلاء الكادحين الذين يدعونهم للعودة لبدء مشاريعهم في الوطن؟
ماذا أعدّوا لهؤلاء غير تنظيمات وهمية وجمعيات صفراء شكلية، والكثير من الخطابات الفارغة الجوفاء ، تتبخر مضامين برامجها بمجرد اصطدامها بالواقع..
كفاءات كثيرة من مختلف التخصصات، دكاترة ومهندسون ورجال أعمال و رياضيون،وأطباء نساء ورجال، أقدموا على مغامرة العودة لخلق مشاريع في البلد ، وكانت النتيجة، إخفاقات بل وصدمات موجعة من واقع لم يتغيّر فيه شيء منذ زمن ، عماده الذي يكاد يكون رئيسا ، الزبونية والمحسوبية والفساد الإداري بل وشراك الاحتيال و النصب .
هناك من نجا بنفسه، وحزم حقائبه وعاد من حيث أتى. وهناك آخرون من من استُدرجوا إلى شراك السماسرة بعد اصطدامهم بالمسالك الإدارية الصعبة المعقدة ، وكان أن انتهت مشاريعهم بل وحياتهم كلها إلى الإفلاس .
لذلك فمهما كانت الضمانات التي تقدم اليوم لكفاءات الخارج كتلك التي سمعناها ضمن فعاليات ملتقى جهة الشرق ومغاربة العالم، الذي نظمته وكالة تنمية أقاليم الجهة الشرقية ومجلس الجهة الشرقية بمدينة دوزلدورف الألمانية، فإنها تظل غير واقعية ومحفوفة بالمخاطر، لأن لوبي الفساد المستشري يفوت على البلاد فرص النمو.. والازدهار.
وواقع الحال يرسم صورة قاتمة عن واقع المسالك الاقتصادية والإدارية ، ويبعث الخوف من الإقدام على مجازفة الاستثمار في مناخ لا يتيح الفرص للجميع، ويسلك اتجاه تكريس صورة سوداء، بل وتدفع المستثمر الأجنبي إلى الهروب لبلده ، وابن البلد ليعود إلى مغتربه،وسؤال كبير يملأ النفس الحائرة : لماذا يفعلون بك هكذا أيها الوطن المكسور،الجميل المستوطن في القلوب.