قالت لصحيفة الناس: لا خوف من الاسلاميين في ظل الدستور الجديد
و الدعم المسرحي اهدار للمال العام
يظهر لكل متصفح لصفحتك عبر “الفيسبوك” أنك تضعين على غلافها صورة لوزير الثقافة محمد الصبيحي وقد كتبت عليها عبارة “ارحل”، هل مازال الخلاف قائما بينكم وبين الوزير؟
ليس لدينا أي خلاف شخصي مع وزير الثقافة أو أي شخص آخر، ربما هناك من لديهم اعتراض أو امتعاض من وجودنا في الساحة الفنية والثقافية الوطنية، بصوت ينتقد أدائهم، فحينما مارسنا حقنا المشروع في التعبير عن رأينا كمثقفين وفنانين محترفين من تولي حقيبة وزارة الثقافة من طرف وزير غريب عن الوسط الفني والثقافي في المغرب، شكل الأمر له أزمة في التعامل مع رموز الثقافة الوطنية التي يجهل تاريخها، وفي إدارة الشأن الثقافي المغربي بصفة عامة. وقد جاء طرد وزير الثقافة لعميد المسرح المغربي كرد فعل من الوزير وفريقه تجاه رأينا، الرد بدأ بالإقصاء الممنهج لمسرح البدوي من الساحة الثقافية ووصل إلى حد الإهانة الشخصية لعميد المسرح، بطرد الوزير له من مكتبه بالوزارة في مشهد يؤكد مصداقية اعتراضنا على وجوده وفريقه على رأس هذا القطاع. اهانة لرجل مسرح غير عادي، رجل أسس لمسرح المقاومة وحشد بمسرحه للقضية الوطنية.
ماذا نتج عن ذلك الطرد وكل الضجة التي تلته؟
الطرد نتجت عنه حالة صحية متردية لعميد المسرح المغربي ساءت إلى أن أدخلته إلى غرفة الإنعاش بالمستشفى العسكري بالرباط. صراحة لم نكن نتصور أن تعبيرنا على رأينا في أداء وزارة الثقافة الحالية سيواجه بهذا الكم من الإقصاء..إقصاء مسرح البدوي من جميع التظاهرات الثقافية بالمغرب وخارجه، ومن كل الاجتماعات واللقاءات التي تخص المسرح و التي تنجم عنها قرارات تفرض علينا نحن الفنانين المحترفين و لم نشارك في صنعها في حين هذه الاجتماعات يحضرها الموظفين المحسوبين على المسرح الاحترافي ليصوتوا ب”نعم” ، وكذا إلغاء الدورة 40 و41 من مهرجان مسرح البدوي بمدينة إفران، وتوقف تعامل وزارة الثقافة مع مسرح البدوي وإنتاجاته المسرحية في إطار قانون الترويج، بحكم أننا فرقة تنتج أعمالها سنويا. وهذا تصرف غير مسؤول من السيد الوزير في حق مسرح له تاريخ، وإذا كان الوزير وفريقه لا يستسيغ فكرعبد القادر البدوي المسرحي فليس من حقه حرمان مريديه من حضور عروضه والاستفادة من ورشاته ومحاضراته في المسرح.
لم يكن اسم فرقتكم في لائحة الدعم المسرحي الأخيرة ولا أي من اللوائح السابقة، ما السبب في ذلك؟
موقف مسرح البدوي واضح من سياسة الدعم المسرحي التي أثبتت فشلها فنيا وثقافيا، ونجاحها في نسف المسرح المغربي الاحترافي، وفي إهدار المال العام دون رقيب ولا حسيب منذ حكومة التناوب الي الآن، وقريبا سينزل كتاب لعميد المسرح المغربي يوثق لهذا الموضوع تحت عنوان “ملحمة الدعم المسرحي”. فالمسرح مات مع سياسة الدعم، الذي يكرس لمفهوم الرقابة على الإبداع وحرية التعبير، إذ يعتمد على موافقة “لجنة ما” لتقرر في مصير إنتاج العرض المسرحي. فإذا كان العرض يحمل فكرا مناقضا للانتماءات الإيديولوجية للوزير وفريقه ولجنته، يرفض العرض! الدعم خصص لمحترفي المسرح أي الفنانين الذين لا يمتهنون أيه مهنة أخرى غير المسرح، والفاعلين في الحقل المسرحي والثقافي، هؤلاء عارض، معظمهم، فكرة الرقابة أو الوقوف أمام لجنة من الموظفين لا تاريخ لهم. إذ كيف يعقل أن مسرح بحجم مسرح البدوي وتاريخه ومؤسسه عبد القادر البدوي أن يقف أمام لجنة تقرر مصيره..هذا منتهى الجهل !! مسرح بهذا التاريخ في الدول الديمقراطية تتبناه المؤسسات الثقافية الوطنية لأن له شرعية تاريخية، و أصبح يشكل جزءا من الذاكرة الوطنية و الحضارية لتلك الشعوب، حتى يبقى رمزا ونموذجا ملهما للأجيال المتعاقبة. بعد انسحاب المحترفين المعارضين للرقابة على الإبداع وحرية التعبيرشغل الساحة الموظفين و الهواة، سؤالي هو، أين هي هذه الفرق”المحترفة” المستمرة بانتاجاتها المسرحية منذ حكومة التناوب إلى الآن؟ وما المدارس الفنية الجديدة التي أضافوها للمسرح المغربي؟ لم يضيفوا غير الإسفاف وضرب الهوية وإهانة الرموز الوطنية والدينية، والتغريد للفرنكوفونية لا من منطلق الانفتاح وإنما من منطلق التبعية، وأريد هنا أن أميز بين الفرنكوفونية كاتجاه سياسي والانفتاح على الثقافة الفرنسية، فالانفتاح لا يعني ضرب القيم والهوية والتعالي على ثقافتنا وإهدار مكتسباتنا التاريخية وتحجيم اللغة العربية.
وكيف تقترحون إذن أن يتم الدعم؟
نحن نقترح أن يتوقف الدعم كي يتوقف إهدار المال العام، ولا مانع لدينا أن يتم التعامل بقانون الترويج، إلى أن يتحقق حلم أن تكون لكل فرقة مسرحها الخاص الذي تعرض فيه يوميا. فعلى الفرق المحترفة أن تكون لديها القدرة على إنتاج أعمالها وإجراء التداريب للعمل ثم تسويق العمل لوزارة الثقافة وغيرها. فالفرقة المحترفة هي التي تتوفر على مقر وعلى فرقة وعلى برنامج سنوي، هذا هو معنى الاحتراف. واذا تحقق هذا أتحدى من يدعون الآن أنهم فرق محترفة أن يستمروا في الساحة المسرحية الاحترافية بعد ذلك
ألا ترين أن هذا الدعم يساهم في الحركة الثقافية ويحرك ركودها؟
على العكس، نحن الآن نجلس بجوار المسرح البلدي بشارع الجيش الملكي بمدينة الدار البيضاء، الذي أغلق منذ التسعينات، سقط من اسمه حرف الميم وبقيت “سرح..وها حنا سارحين”، المسارح مغلقة بأكبر مدن المملكة فما بالك بباقي الأقاليم ؟ والفنانين المحترفين معطلين يموتون في صمت. و حتى بعض دور الثقافة التي بنيت مؤخرا أغلقت أبوابها مثل دار الثقافة بخميس الزمامرة التي افتتحت في 2008 وأغلقت في 2011 كما أن مجموعة من دور الثقافة في عدد من المدن المغربية يسيرها أطر تابعة لوزارة الثقافة، بعضهم يلبس قناع الفنان بينما تسيير المركب يأتي في آخر أولوياتهم، فمسؤولية مدير المركب الثقافي أن يؤمن بأهمية الوظيفة التي يشغلها فهي تكليف وطني يحتم عليه التواجد بالمركب المسؤول عنه بشكل يومي ، فالتحول الاجتماعي لا يمكن أن يتم دون تعليم و ثقافة و إعلام، هذا التحول يبدأ بتأطير الموظفين الذين يشتغلون بهذه المؤسسات على جذب الجمهور من مختلف الفئات لحضور الأنشطة التي تقدم في المؤسسة الثقافية و التي من المفروض أن يكون هدفها الأساسي تعليمي و تثقيفي لتشكيل وعي ووجدان المواطن حتى تتحقق التنمية البشرية و الاجتماعية.
شاركت مؤخرا في حدث ثقافي كبير في الولايات المتحدة الأمريكية، في أي إطار تمت هذه المشاركة وبأي صفة تم استدعائك؟
شاركت في هذا المؤتمر بصفتي المديرة الفنية لمسرح البدوي ضمن فعاليات الدورة 66 لمؤتمر المنظمة الدولية لفنون العرض بنيويورك و التي انعقدت هذه السنة في الفترة ما بين 13 و16 يناير تحت شعار “تصور اقتصاد جديد للفنون” و ذلك تماشيا مع المتغيرات السياسية و الاقتصادية التي يشهدها العالم. عرف المؤتمر مشاركة دولية كبيرة أبرزها الصين ضيفة شرف هذه الدورة, بالإضافة الى بريطانيا, الولايات المتحدة الأمريكية, روسيا, ألمانيا, أستراليا, تركيا, الهند, اسبانيا, مصر, الأردن, الإمارات و حظيت بشرف تمثيل المملكة المغربية للمرة الثالثة في هذا المؤتمر حيث ألقيت كلمة شرحت من خلالها الحالة الثقافية و الفنية في المغرب وظروف الدعم الثقافي بالإضافة الى وضعية الفنان و المثقف المحترف كما أشرت الى مدى تهديد المد الفرنكوفوني للثقافة و الهوية المغربية و وضحت وجهة نظري كفنانة و مثقفة مغربية في التعاون الثقافي الدولي و الانفتاح على الاخر الذي اشترطت أن يكون مقرونا باحترام الهوية و المرجعية المغربية. وقد أبدى المؤتمرون استعدادهم وحماسهم لخلق شراكات ثقافية مع المغرب من خلال مسرح البدوي وطبعا من خلال وزارة الثقافة المغربية التي مع الأسف في ظل الوزير الحالي أصبحت تعتبر مسرح البدوي مسرحا “محظورا”.
قلت أنكم فرقة محظورة بالرغم من أن حال مسرحكم أخف من حال بعض الأصوات الأخرى كمحمد السنوسي ورشيد غلام، ما رأيك في الحظر الذي يمارس على الفنانين؟
أنا ضد الرقابة والمنع بشكل عام لأنها مناقضة للديمقراطية التي أساسها حرية التعبير و احترام الاختلاف، فحتى الأصوات التي لا نتفق معها، نحن ضد اخراسها، نحن نعتبر مسرحنا محظورا لأننا لا نشارك كفنانين محترفين برأينا و منظورنا للمسرح و الثقافة في صياغة القوانين التي تخص الفن و الثقافة في وطننا هذا من جهة كما أننا مقصيين من حضور أو تمثيل المغرب في جميع التظاهرات الثقافية الوطنية و الدولية بالإضافة إلى تعتيم إعلامي مقصود من بعض المنابر الإعلامية لانتاجاتنا الفنية ولرأينا في مختلف القضايا الوطنية.
بعد كل هذا التهميش الذي تتعرض له فرقة البدوي كما قلت، وعدم الاستفادة من مال الدعم، ألا ترين أن التلفزيون أعطاكم فرصة التواصل مع الجمهور بتقديم أعمالكم على الشاشة الصغيرة؟
– بعد غياب طويل لانتاجاتنا التلفزيونية لأسباب نجهلها عدنا الى الشاشة من خلال سلسلة “أحوال الناس”وهي سلسلة اجتماعية دينية عن المعاملات في الاسلام عرضت في شهر رمضان 2011 وتفاعل معها الجمهور المغربي بشكل كبير لأنها كانت مختلفة شكلا و مضمونا عما كان يعرض في التلفزة. نجاح هذه السلسلة دفعنا الى تحضير الجزء الثاني بطلب من ادارة القناة الأولى لنصطدم بعد ذلك بدفاتر التحملات التي أنجزتها وزارة الاتصال والتي لم نشارك أيضا كفنانين محترفين و عاملين في هذا القطاع في صياغة بنوذها و التي جاءت ترسخ لفكرة الرقابة على الابداع و حرية التعبير و لا تحترم الرموز. بل زادت من اقصائنا بينما تدعي تكافؤ الفرص و لم تنجح هذه الدفاتر في الرفع من مستوى الدراما التلفزيونية و لا البرامج و بالتالي أتساءل ما فائدة هذه الدفاتر غيرترسيخ البيروقراطية العقيمة؟ وهكذا كانت النهاية المؤسفة لعمل ناجح و مؤثر كسلسلة أحوال الناس. في ظل هذه الظروف الغير مشجعة على الابداع فضلنا التعامل المباشر مع ادارة القناة الأولى من خلال المسرحيات المصورة بمعدل مسرحية في السنة لأنها لا تدخل ضمن دفاتر التحملات و هذه بادرة محمودة لأنها تثري خزانة التلفزيون بربرتوار المسرح المغربي و تساهم في نشر ثقافة مسرحية خصوصا في المناطق التي تفتقر الى قاعات العرض و أيضا مع جاليتنا المغربية خارج الوطن. هذا فيما يخص تعاملنا مع القناة الأولى أما القناة الثانية فقد رفضوا كل مشاريعنا التلفزيونية من سلسلات ومسلسلات و أفلام تلفزيونية لأسباب غير مقنعة بينما يفضلون انتاج أعمال تنال كما من الانتقادات من الرأي العام و الاعلام و الغريب أنهم مصممين عليها ناهيك عن توجههم الفرنكوفوني الصارخ.
– في كل سنة يكون عرض بعقد جديد، هل تضمن العقد مقابلا ماديا مرضيا؟
– على الاطلاق فأقل ميزانية مرصودة في التلفزيون هي للمسرح فالرقم لا يتعدى سعر شنطة يد سينيي تحملها فنانة أجنبية تغني “بلاي باك” على منصة مهرجان دولي ببلدنا و تتقاضى ملايين الدولارات…هذا قدر الفنان المغربي في وطنه.
لم يكن أحد من فرقتكم بين الفنانين الذين استقبلهم رئيس الحكومة بعد مرور فترة وجيزة على توليه لمنصبه، ما السبب، ألم تبذلوا جهدا كافيا لإيصال صوتكم للجهات المسؤولة؟
– نعم استقبلهم ولم يستقبل مسرح البدوي، استقبلهم ليطمئنهم على الاستمرار في تقديم أعمالهم التي معظم الجمهور المغربي مستاء من مضمونها، وأنا أرى أن ادعاء من استقبلهم رئيس الحكومة بأنهم يخشون على حرية التعبير في ظل حكومة يرأسها حزب إسلامي هي قضية مفتعلة، لأنهم مدللون يستفيدون من الدعم ويستدعون للمهرجانات ويقدمون عروضهم في المسارح، و يمثلون المغرب في التظاهرات الدولية و يساهمون في صنع القرارات التي تخص الفن والثقافة ببلدنا وهم متواجدون في الساحة الفنية والمنابر الإعلامية برأيهم في مختلف القضايا الوطنية بشكل مكثف، ولم يضايقهم أحد عكس ما يدعون، فإذا كان السيد رئيس الحكومة عبد الإله بنكيران قد استقبل هؤلاء ليطمئنهم ويعلي من شأنهم أمام الرأي العام المغربي، فلماذا لم يستقبل عبد القادر البدوي الذي يعرف تاريخه ومواقفه النضالية الوطنية بعد أن ألغى وزير الثقافة الدورة 40 و 41 من مهرجان وإفران بل أوقف التعامل مع مسرح البدوي بشكل عام و طرده من مكتبه لأنه عبر عن رأيه ليتسبب له في أزمة صحية مزمنة؟ أليس هذا تناقضا؟
ما دمت تتحدثين عن حرية التعبير، ألم يكن لديك تخوف من المساس بهذه الحرية بعد اعتلاء الحزب الإسلامي للحكم؟
أبدا، لم يراودنا في مسرح البدوي هذا التخوف، فالحكومة الإسلامية جاءت في ظل دستور يضمن حرية التعبير. بل المفارقة أن من يضطهدنا هو وزير من حزب “التقدم والاشتراكية”. نحن شعب مسلم قبل الحزب الإسلامي وبعده أيضا و ننتمي إلى دولة يحكمها أمير المؤمنين، وبالتالي فنحن مسلمون ونقدم فننا في هذا الإطار.</p>
عودة إلى الفن، ألا تفكرون في إعادة اللحمة بينكم وبين عبد الرزاق البدوي؟
لا مشكل لدينا في أن نجتمع مع عبد الرزاق البدوي في أي عمل، لأنه فنان كبير و مخرج مسرحي متميز و ابن مسرح البدوي، الذي تخرج منه مجموعة من الفنانين المقتدرين من أجيال مختلفة كمحمد مجد و مصطفى التومي ومحمد مفتاح ومحمد الخياري..الخ لكن يبدو أن عبد الرزاق البدوي يختلف مع فكر و مواقف مسرح عبد القادر البدوي بخصوص ما يدور في الساحة الآن، فهو لم يآزر مسرح البدوي في معركته منذ وزيرثقافة حكومة التناوب إلى يومنا هذا، كان موقفه سلبيا، وبالتالي فهو لا يرى نفسه في مسرح البدوي. وفضل الاصطفاف في الجانب الآخر ونحن نحترم اختياره ورأيه.
لماذا تقتصر فرقة مسرح البدوي بشكل كبير على أفراد العائلة؟
مسرح البدوي يضم أكثر من 20 فنان يشتغلون به، ولم يسبق للفرقة أن اقتصرت على عائلة البدوي. ووجودنا نحن كعائلة فيه هو شيء إيجابي، فنحن لسنا دخلاء على الميدان، بالعكس فقد ولجنا عالم الفن من بوابات شرعية ومن جامعات معترف بها دوليا، وسيرنا الذاتية عالمية. فنجاحنا حتى خارج المغرب يمنحنا الأولوية في الاشتغال بمسرح البدوي فهذا مسرحنا وتاريخنا، وهذه التجارب معمول بها في المسارح العالمية، إذ أن هناك أسر فنية عبر العالم في المسرح و السينما و الموسيقى ، لكن هذا لا يعني أن مسرح البدوي هو حكر على أبنائه فقط بل هو ملك لكل المغاربة، لأنه بعد هذه المسيرة التاريخية بات جزءا من الذاكرة التاريخية و الثقافية الوطنية خصوصا انه مسرح له ربرتوار كبير وأرشيف مهم بالاضافة الى الدراسات و الأبحاث الأكاديمية التي انجزت ولازالت حول هذه التجربة الفريدة في المسرح المغربي.
لماذا لم تختاري دخول عالم التمثيل في الخارج أو أن تعملي هنا وبأمريكا التي درست ومارست الفن بها؟
فيما يخص العالم العربي لم تتح لي فرصة، لكني لا أرفض المبدأ، من الممكن أن ظروفي لم تساعدني على ذلك، فبعد عودتي من أمريكا دخلت في دوامة النضال لتغيير واقع ثقافي بالمغرب. لكني بالرغم من هذا منفتحة على أعمال عربية ويشرفني أن أشارك في عمل عربي، أو أن ننتج عملا يشارك معنا فيه نجوم عرب. أما بالنسبة لأمريكا، فقد اشتغلت في المسرح بها على صعيد الجامعة، و تخصصت أكثر في الإخراج فقد كنت حريصة على الاستفادة من أساتذتي الأمريكيين في فن إدارة الممثل. ثم تخصصت في مجال آخر وهو الدراما ثرابي أي استعمال أدوات المسرح في العلاج النفسي، الذي اكتشفت فيه جانبا آخر من الفن المسرحي الذي يمكننا توظيفه لعلاج حالات مستعصية، واشتغلت بهذا المجال لمدة 4 سنوات بأحد مستشفيات نيويورك مع حالات السرطان والإيدز وأطروحتي كانت حول “استعمال السوسيودراما مع مرضى الإيدز” والذي كان أول بحث من نوعه ولحد الآن لي الشرف أن أكون أول مغربية في هذا التخصص.
عدت إلى المغرب وقررت الاستقرار فيه بالرغم من أنك تألقت في مجالك بأمريكا التي أعطيت لك فيها فرص عدة، ما سبب ذلك؟
توصلت بدعوة من سفارة المملكة المغربية لحضور احتفالات عيد العرش لسنة 2004 ضمن وفد الأطر المغربية المقيمة بالولايات المتحدة الأمريكية ، كنت وقتها لم أزر المغرب لأربع سنوات وجدت ملكا شابا يريد أن يبني الوطن وأن يغير، والجميل أنه وضع برنامجا لاستقطاب الأطر المغربية المهاجرة لتتعاون معه في مسيرة البناء. حينها قررت العودة الى الوطن و الانخراط في هذه المسيرة الحافلة بالتحديات.
لماذا لم تلجي عالم السينما، وما رأيك بما يقدم فيها الآن؟
لا يوجد فنان في العالم ليست لديه أمنية أن يشتغل في السينما ولكن بالشكل و المضمون الذي تقدم به في المغرب أكيد أنا مقاطعة لهذا النوع الهابط من الأفلام التي يدعمها للأسف المركز السينمائي المغربي والذي من المفروض أن يكون مؤسسة وطنية و التي أعترض على سياسة إدارتها الفرنكوفونية. و بما أننا ليست لدينا صناعة سينمائية تعتمد على شركات انتاج سينمائية مستقلة عن الدولة فإنني مع الأسف أحرم كفنانة من ممارسة حقي في التواجد على شاشة السينما في أفلام تقدم مضمونا يتفق مع قناعاتي وذوقي الفني واختياراتي الفنية التي أحرص أن تكون دائما عند حسن ظن الجمهور المغربي الذي معظمه يقاطع الأفلام التي ينتجها و يدعمها المركز السينمائي المغربي.