نظمت مجموعة عبدالكريم الخطابي يوم السبت فاتح مارس 2014 ندوة دولية بأمستردام تطرقت لموضوع استعمال المواد الكميائية خلال حرب التحرير الشعبية بقيادة الزعيم محمد بن عبد الكريم الخطابي من سنة 1922 حتى 1927.
أطر الندوة مجموعة من الباحثين المتخصصين وذلك بهدف تسليط الضوء على هذه الجريمة التي ارتكبت ضد الإنسانية، وبهدف جمع المعطيات العلمية حتى يتسنى للمجموعة المنظمة الاشتغال على تكوين ملف مطلبي معزز بأدلة وحجج وبراهين سيمهد الطريق نحو العدالة الدولية.
افتتح محمد الرباع عضو برلماني سابق بالبرلمان الهولندي وعضو مجموعة عبدالكريم الخطابي الندوة مرحبا بالجمهور الحاضر وموضحا لأهداف الندوة وحيثياتها ذات الصلة بحرب التحرير الشعبية بقيادة الزعيم محمد بن عبد الكريم الخطابي، حيث خلال فترة المقاومة الريفية أمطرت القوى الاستعمارية الإسبانية والفرنسية مداشر الريف وأسواقه وحقوله بآلاف الأطنان من المواد السامة والحارقة والمدمرة، فكان القتل الجماعي للساكنة العزل وتلويث المياه وتدمير البيئة وارتكاب جريمة ضد الإنسانية زيادة على إجهاض المشروع النهضوي العظيم في المهد الذي أسسه الزعيم محمد بن عبد الكريم الخطابي في خضم حرب التحرير الشعبية.
هذه الجريمة ضد الإنسانية التي تمثلت في استعمال الغازات السامة المحرمة دوليا لا زالت إلى حد الآن تعتبر جريمة مسكوتا عنها تتستر عنها الجهات الرسمية، في حين أن المرض الخبيث (السرطان) أصبح يحصد يوما بعد يوم أرواح ساكنة الريف بمختلف الأعمار مع الغياب التام لمراكز الإشفاء والمعالجة لهذا المرض.
مداخلة روديبرت كونز: الباحث والناشر وأحد المؤلفين لمؤلف: ” استعمال الغازات السامة ضد عبدالكريم الخطابي ما بين 1922-1927″، كشفت بشكل موثق ومدقق عن التعاون الألماني الإسباني بهذا الصدد وعن كيفية مد ألمانيا لإسبانيا بهذه المواد الكميائية بعد قبول الملك ألفونصو الثالث عشر تغيير الخطة الحربية التي جعلته يخسر الحرب بواسطة الأسلحة التقليدية ورغبته في اللجوء إلى استعمال الحرب الكميائية، موضحا أماكن المعامل التي أسست لهذا الغرض والمداشر التي قوصفت بهذه المواد المحرمة دوليا.
في حين ركز الدكتور ميمون أشرقي: أستاذ جامعي وعضو بمجموعة العمل حول الحرب الكمياوبة بالريف من خلال مداخلته القانونية على الدور المنوط بالمجتمع المدني قصد تحريك القضية والضغط على الدول المتآمرة على الريف الذي كان يدافع عن أرضه ضد المحتل، مؤكدا على مواصلة العمل بشكل عقلاني سيعتمد أولا على خلق صندوق مادي لكون سيرورة المتابعة تقتضي تكاليف مادية وثانيا على الاعتماد على وثائق ودراسات علمية ثم الاستعانة برجال القانون ذوي خيرة دولية قصد البحث عن المسالك الممكنة لتحريك ملف قضية الأسلحة الكيماوية بالريف.
أما البروفسور سبستيان بالفور: أستاذ جامعي بلندن، خبير دولي ومؤلف كتاب: ” العناق القاتل” ، أشار من خلال مداخلته إلى اثيوبيا التي تعرضت قبل حرب التحريرية للقصف بالمواد الكماوية من طرف المستعمر وكذا استعمال مواد السانيد الكمياوبة بحلبجة خلال الحرب العراقي الإيرانية. حيث أن تصور المستعمر الغربي كان يبرر أعماله الوحشية بذريعة محاربة السكان الذين كان ينعتهم بـ”الحيوانات الوحشية”. ليركز أخيرا عن الدور الفرنسي وطلعاته التي كان يمطر بها أماكن الريف بالغازات الكمائية قصد وضع حد لمقاومة عبدالكريم الخطابي.
لتلي أخيرا مداخلة الدكتور مصطفى بن شريف: محام وباحث في مجال الجرائم الدولية والحق في التعويض، التي ركزت على حالات وأمثلة تم من خلالها تقديم طلبات لدى المحاكم الدولية قصد الحصول على تعويض عن جرائم الدولة وجرائم ضد الإنسانية مع الإشارة للقوانين المختلفة لكل دولة حيث فرنسا على سبيل المثال تعتبر هذا النوع من الجرائم متقادمة حين تمر عليها 25 سنة. أما بالنسبة لألمانيا فإن شركة شنايدر التي كانت تنتج هذه المواد الكميائية فإنها لا زالت قائمة باسم جديد هو: شنايدر إليكترونيك. لذا فالإمكانية لا زالت ممكنة قصد مسائلتها قانونيا. لذا تبقى قضية ضرب الريف بالمواد الكميائية والطرق نحو العدالة الدولية مسالك ليست بالهينة ولكنها في نفس الآن ليست بالمستحيلة.
ركزت أغلب مداخلات الجمهور الحاضر عن نوع الاعتذار الموجب تقديمه وعن نوع التعويض المطلوب: هل هو تعويض مادي أو معنوي؟ كانت الإجابة هي وجوب تقديم كل الأطراف المساهمة بشكل مباشر أو غير مباشر في قنبلة الريف بالمواد الكميائية المحرمة دوليا لاعتذار صريح ومباشر للريف وبالتالي تعويضه على تلك الأضرار بشكل مادي يمكن في خلق مشاريع صحية واقتصادية ذات صبغة تنموية مستدامة واسترجاع أرشيف الريف المسروق الذي يعد بذاكرة الريف الجماعية على أن تمنح الدولة المغربية بلاد الريف حكما ذاتيا ذو شرعية تاريخية قصد تمكينه من تدبير شأنه المحلي وفقا لخصوصيته الاجتماعية تمكن بلاد الريف من الإقلاع الاقتصادي والثقافي المأمول.
بعد ختام الندوة تمت جلسة دراسية بين الفريق المنظم للندوة وبين الخبراء المدعوين قصد دراسة إمكانية مواصلة العمل وإمكانية العمل المشترك في هذا الصدد.