الجالية24/ محمد بحسي
وزير آخر يتحدث تحت قبة البرلمان المغربي بلغة الإنشاء والكلمات العائمة، دون أي معطى واقعي مبنى على دراسات ميدانية تتكلم عن الأرقام.
السيد أحمد التوفيق وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية لم يوفق في نقل واقع الحقل الديني لمغاربة العالم في جلسة الأسئلة الشفوية بمجلس النواب يومه الإثنين. المعطيات الوحيدة التي وردت في تدخله هي المبالغ الخيالية التي تنفق على أنشطة فارغة لا يستفيد منها مغاربة العالم ومنها أنشطة المجلس الأوروبي لعلماء المغرب الذي يرأسه شيخ طيب ذو أخلاق عالية ولكنه لايتقن أي لغة أوروبية ولا يعلم من الواقع الأوروبي إلا النزر الذي يكتب له على ورقة ويلقيه في اللقاءات القليلة التي ينظمها المجلس في الفنادق الفخمة أو في مقره بأحد الأحياء الراقية ببروكسل ويستدعي إليه نخبة النخبة ولا تعلم عنها الجالية أي شيء.
السيد الوزير تحدث أيضاً عن قنوات التواصل مع الهيئات الرسمية التي تمثل المساجد، من أجل مواجهة كل ما يستهدف الجالية المغربية الموجودة في الخارج في عقيدتها.
المشكل أن الهيئات الرسمية التي تمثل المساجد في أوروبا تدعي أنها لا علاقة لها بالخارج وانها تعمل لبلورة إسلام أوروبي يستجيب للمطالب المحلية إنطلاقاً من واقع كل بلد وهذا التصريح سيضع هذه المؤسسات في حرج خاصة وان بعضها يمول من الدول الأوروبية كما هو حال الهيئة التنفيذية لمسلمي بلجيكا.
الوزير قال إن وزارته خصصت اعتمادات مالية قدرها 131 مليون درهم برسم سنة 2019 لمساعدة بعض الجمعيات المهتمة بالتأطير الديني. كنت أود أن يسمي السيد الوزير هذه الجمعيات وأن يخبرنا بالنتائج التي حققتها في هذا المجال، هل حدَّت مثلاً من موجة تشيُّع الشباب المغربي بالأحياء الشعبية ببروكسل والمدن الكبرى؟ هل نافست القنوات ومواقع شرقية تبث التطرف بين شباب المغاربة؟ هل كونت أئمة ينافسون خريجي الجامعات والجوامع السعودية؟ هل استطاعت أن تنقذ بعض الشباب من الإنحراف والسرقة والمخدرات والهدر المدرسي؟ ومسلسل من الأسئلة من هذا القبيل لا يستطيع السيد الوزير أن يوجد لها جواباً يبرر هذه الملايين من أموال دافعي الضرائب التي تصرف هدراً دون حسيب أو رقيب.
الوزير التوفيق تحدث أيضاً عن تخصيص 14 مليون درهم لصرف منحة الأئمة والمرشدين المتوجهين للخارج في رمضان، وإيفاد بعثات من العلماء والواعظين والقراء عند الطلب، وتعيين عدد من الأئمة في البلدان المتفق على ذلك معها، وبالأخص فرنسا.
أمام هذه المبالغ لا يمكن للإنسان إلا أن يحوقل خاصة حين ينظر إلى نوعية هؤلاء الوعاظ الذين يتم إيفادهم إلى الخارج والذين لا تتوفر في أغلبهم أي من مواصفات الخطيب الواعظ فضلاً عن كون أغلبهم لا يتكلم لغة البلد ومن يتحدث بها يفعل ذلك بشكل مثير لسخرية الشباب، ثم إن أغلبهم بعيد كل البعد عن عقلية الشباب واهتماماته وانتظاراته في المغرب وبالأحرى أن يعرف انتظارات وعقلية شباب أوروبا والخارج عموماً.
مرة أخرى تبرهن الحكومة المغربية عن بعدها الكبير عن جاليتها في الخارج واكتفائها بالتقارير التي ترفعها جهات بعيدة عن واقع الحقل الديني والتي تُغلب المقاربة الأمنية أو جهات من داخل هذا الحقل ترفع تقارير بمعطيات تمكنها من مزيد من الدعم الريعي ويبقى الشباب المغربي بين مطرقة التطرف والمد الشيعي وسندان الإنحراف والضياع ثم يستغرب الوزير التوفيق من استهداف الجالية في عقيدتها وثوابتها.