متابعة : عبدالإلاه المهدبة
الفن التشكيلي ليس فقط مجرد أداة للتعبير عن نوازع داخلية للفنان سيما و أن الإبداع بمختلف مجالاته هو تجسيد لها بحيث تكون عملية التفريغ عملية سيكولوجية بحثة لدى الفنان تنتقل به من عالم اللاوعي الى سطح الوعي الفني فيكون بذلك منفذا لعملية التطهير النفسية التي تستتبع التخلص من شحنة العواطف الداخلية ، و قد تستخدم نفس الشحنة لتحريك العواطف الخارجية لدى المتلقي أيضا فيتحقق الهدف المرجو من الفن المتمثل في التعبير عن كل ما هو هادئ و مدهش و جميل .
عبر هذا المدخل التعريفي لرؤية الفن التشكيلي كمجال للتعبير و الإبداع و التصوير تمكنت الفنانة التشكيلية الصاعدة لينا السباعي إبنة مدينة فاس العاصمة العلمية و الروحية للمملكة من التأسيس لبداية فنية لها عمق جمالي عبر لوحاتها التشكيلية التي تحاول من خلالها التعبير عن روحها التلقائية في تحويل الحلم و الخيال إلى واقع تعبيري ذو أبعاد من الدلالات و الإيحاءات ذات النضج و الوعي و الحس الفني المرهف .
صدفة لقائنا بالفنانة لينا و السفر معها عبر لوحاتها المتنوعة إكتشفنا من خلاله كونها موهبة تشكيلية صاعدة بلغة إبداعية في التشكيل عبر الألوان إذ تراهن على واقعية التعبير عن ما يخوص في عمق ذاكرتها و خيالها من تأملات ذو بعد شاعري متفرد يجعل المتلقي لإبداعاتها تتولد لدية رغبة النفاذ إلى جوهر التجربة الإنسانية في آنيتها وتزامنيتها، ويستجيب لروح اللحظة الإبداعية التي تفوقت في تأثيثها بصريا بإخلاص كبير وحدس عميق. ان عمل هذه الفنانة يحررنا من الأوهام السائدة حول الجمال بمنطقه المعياري الصارم، لأنه يتجاوز بكثير الحدود المغلقة لمشهدية الزمان والمكان .
لينا السباعي كشفت لنا من خلال حوارنا معها كونها تعشق كثيرا المدرسة السريالية – التصويرية للفنان التشكيلي الإسباني سالفادور دالي أحد الرواد المعاصرين لهذا الفن إذ تتميز جل أعماله بكونها باهرة وصادمة لمشاهديها نظرا لغرابتها وأشكالها الفريدة التي تتجاوز حدود المعقول والواقع، على غرار شخصيته الصادمة التي كانت تجمع بين العبقرية والجنون.
فنانتنا الصاعدة لينا السباعي إبداع لوحاتها الفنية يكشف في تجلياته تفاصيل الوحدة و التنوع في ذات اللحظة عبر تموجات هندسية راقية تحاول عبرها التعبير عن إمكانية الواقع في ذات الموضوع الموحد من خلال ضبطها للمقامات اللونية، و تركيب البناء الجمالي، إضافة إلى طريقتها وأسلوبها في معالجة التيمات التشكيلية التي تحاول من خلالها إبداع الحلم المتخيل و تركيبه على شكل واقع حي أكثر تعبيرا و دلالة ، هذا فضلا عن رؤيتها الخاصة للحياة والإنسان والوجود عبر سفر ذاتي يجمع بين الشحنة النفسية و اللمسة الإبداعية لتعكس لنا في الأخير فضاء لوحة فنية يتحدث فيها الفنان التشكيلي عن ذاته بكل حرية وإبداع وجمال .
المبدعة لينا السباعي تعتبر الفن التشكيلي رسالة سامية تعبر عن ما يراود الفنان من أفكار و رؤى في عالم الأحلام و الخيال ليحاول ترجمتها نحو المتلقي ظاهريا و باطنيا بأشكال و ألوان و زخرفات مختلفة ، و هو ما يجعل من هذا المجال إكتشاف لعمق الواقع الممزوج بالخيال المعبر عن رؤية فنية خاصة تثير التأمل و التساؤل و تثري بل و تغري إحساس المتمعن في إبداع اللوحة التشكيلية التي تكشف الكثير من الجوانب الخفية واقعيا .