وفي كلمة له خلال هذا اللقاء قدم الّامين العام للمجلس نبذة عن المجلس الجالية المغربية بالخارج كمؤسسة استشارية واستشرافية تعنى بتقييم السياسات العمومية الموجهة إلى أفراد الجالية المغربية بالخارج، مبرزا أهمية دراسة الجانب الثقافي والديني للجاليات المغربية في الخارج.
وقال عبد الله بوصوف في هذا الإطار إن مشروع بناء مركز ثقافي في مدينة سان إتيان الفرنسية الذي يندرج في برنامج هذه الزيارة، سيشكل فضاء للحوار والتبادل بين كافة مكونات المجتمع الفرنسي، وتشجيع الحوار بين الأديان وتقديم صورة مشرقة عن الدين الإسلامي والثقافة المغربية مما سيساهم في تصحيح بعض المفاهيم الخاطئة المنتشرة في أوروبا.
كما تطرق الأمين العام لمجلس الجالية المغربية بالخارج إلى بعض الصعوبات التي تواجه تدبير الشأن الديني في فرنسا والتي ترجع في جزء كبير منها إلى السياسات الفرنسية الموجهة إلى المسلمين والتي يمكن تطويرها وتمكين المواطنين الفرنسيين المسلمين من ممارسة شعائرهم الدينية في احترام تام للقوانين الفرنسية ولمبدأ العلمانية الذي يضمن حق الممارسة الدينية لجميع الديانات، داعيا المغاربة والمسلمين بشكل عام ليلعبوا دور الجسر الرابط بين دول الأصل ودول الإقامة من اجل تعزيز الروابط الثقافية والإنسانية وأيضا الاقتصادية بفضل انتماءاتهم المزدوجة.
وعن العلاقات المغربية الفرنسية اعتبر بوصوف بأن البلدين تجمعهما علاقات استثنائية، ومؤكدا على انخراط المغرب في مساعدة الجالية لمغربية والمسلمة عموما في فرنسا لضمان ممارسة دينية في ظروف جيدة، في احترام للقوانين زمن دون أي تدخل في الشؤون الداخلية لبلد الإقامة، لأن الرهان الحقيقي يضيف بوصوف هو إبعاد المسلمين والإسلام عن التدخلات السياسية داخلية كانت أم خارجية.
وقدم بوصوف في هذا الصدد، النموذج الديني المغربي وقدرته على تدبير الاختلاف انطلاقا من تجربة التعدد الديني في المغرب وتعايش المسلمين واليهود تاريخيا في احترام تام وضمان لحرية الممارسة الدينية، وأيضا انطلاقا من العناصر المكونة للنموذج الديني المغربي، وهي المذهب المالكي الذي يتميز بالوسطية والاعتدال والليونة، والعقيدة الأشعرية التي تمنع التكفير والتصوف السني الذي يزكي على العمق الروحي كيفما كانت العقيدة، واستدل بوصوف بعقلانية ابن رشد والمعرفة النقدية لابن خلدون وروحانية ابن عربي، كعناصر تجعل النموذج الديني المغربي قابلا للتأقلم مع الواقع الغربي.
من جانبه نوه عمدة مدينة سانت إتيان، غايل بيردريون، بانخراط الجالية المغربية في الحياة المجتمعية في المدينة، وكذا بالحضور القديم للمسلمين في سان إتيان الذين جاؤوا مع موجات الهجرة وساهموا في الازدهار الصناعي للمدينة، كما أشاد العمدة الفرنسي بأهمية مسجد محمد السادس الذي تحتضنه المديمة في التعريف بالدين الإسلامي وبشعائر المسلمين وأيضا كصرح معماري يؤثث الطابع العمراني للمدينة.
وشدد المسؤول السياسي أن الدفاع عن مشروع بناء مركز ثقافي مسلم بالمدينة ليس فقط باعتباره مشروعا لمسلمي سانت إتيان ولكنه مشروع موجه لجميع سكان المدينة الذين هم في أمس الحاجة إليه من أجل فهم أفضل للدين الإسلامي والثقافة المغربية وتقوية حضورها في الفضاء الثقافي، وتقريبها من الفرنسيين وأيضا من الأجيال الجديدة للهجرة المغربية.
وأضاف المسؤول الفرنسي أن العريف بالثقافة المغربية وتقوفير المعرفة العلمية عن الإسلام سيمكن من مواجهة الأفكار المتطرفة ومحاصرة النماذج المتشددة، مضيفا بأن المغرب طور نموذجا دينيا معتدلا ومنفتحا، سيمكن الشباب المسلم من المساهمة الإيجابية في المجتمع الفرنسي.