وعرف هذا اللقاء مشاركة الدكتور مصطفى المرابط، ممثلا مجلس الجالية المغربية المقيمة بالخارج، في ندوة حول موضوع: “موقع وأدوار الشباب في الوقاية من التطرف العنيف”، حيث تطرقت مداخلته موضوع: “الهجرة، الانتماء المزدوج والتطرف”.
وفي هذا الإطار افتتح الدكتور المرابط مداخلته بإشكالية القدرة التفسيرية لمصطلحات التطرف والإرهاب والعنف والأصولية وغيرها في الكشف عن حقيقة الظواهر المتعلقة بالتطرف وبالعنف، متسائلا إن لم تكن هذه المفردات تحجب فهم الظواهر أكثر من الكشف عنها، ومبينا أن فهم هذه الظواهر يستلزم الذهاب إلى ما وراءها، وتساءل هل التطرف والإرهاب مرتبطان بثقافة معينة؟ وما هي أسباب وجذور هذه الظاهرة؟
وقبل أن يجيب عن هذه الإشكالات، حذر ممثل مجلس الجالية المغربية في الخارج من السقوط في فخ المقاربات التبسيطية التي تحمل مسؤولية العنف والتطرف للدين الإسلامي وتجريم الشباب من ذوي الأصول العربية والإسلامية، معتبرا أن أن الإحصائيات الصادرة من أعرق المؤسسات العالمية تبين بما لا مجال للشك فيه، أن النسبة الغالبة في عمليات العنف والتطرف منذ 1972 تقف وراءها جهات (أفرادا أو جماعات) لا علاقة لها بالإسلام أو الهجرة (73% من مرتكبي أعمال العنف هم من مواطني دول أمريكا وأوروبا).
ثم سلط الدكتور مصطفى المرابط بعد ذلك الضوء على تجربة مجلس الجالية المغربية بالخارج، في معالجة هذه الظاهرة ببيان علاقة الهجرة بالتعدد الثقافي، مبرزا حصول التماس لدى كثير من أبناء الجالية بين الثقافة الأصلية والثقافة المهاجر إليها؛ ومن ثمّ بيّن المرابط أن الانتماء المزدوج قد يؤدي إلى حصول توتر وتشنج وصدام إذا لم يحسن تدبيره.
كما أشار الدكتور المرابط في مداخلته إلى أن كلا من المقاربة الجماعاتية communautariste والمقاربة الاندماجية الاستيعابية assimilatrice لم تنجحا في حل هذا الإشكال “إذ ما زال الصدام الثقافي مستمرا، بل هو في استفحال، ويأخذ أشكالا مختلفة تضافرت عليه العوامل الاجتماعية والسياسية والاقتصادية وغيرها، وعليه؛ فعدم إيجاد حل لازدواجية الانتماء والتعدد الثقافي جعل من الثقافات حصونا يبعد بعضها عن بعض عوض أن تكون معابر، مما نشأ عنه فراغ تمدد فيه الخوف والجهل، وهذه المساحات؛ أي الخوف والجهل، هي التي تولد العنف و يظهر فيها التطرف بمختلف تجلياته” يضيف.