الدكتور عبدالله بوصوف : الأمين العام لمجلس الجالية المغربية في الخارج.
” إيفـان مـاواريري” شـاب اقـتـرب من عـقـده الـرابع يـلتحـف علـم بــلاده زيمبـابـوي ، ويـنشـد قصيـدتـه “هـــذا الـعلــم “، يـشـدك بطـريقـة إلـقائــه و أدائــه و تتـعاطـف مع مضمـون قصيـدة ” الألـــم ” رغم ضُعْـف مستـواك فـي اللـغـة الانجليزيــة ، لأن إحسـاس ” الـقس إيفــان” بـالقصيـدة و صدق أداءه يـصل الى الـوجـدان مباشــرة…خاصة و أنهـا تـحكي عــن واقـع زمبــابـوي و ضيـاع مستقـبل و هـويـة شبـابــه..
وقــد اعتُـقـل إيـفـان في يـوليـوز 2016 ، بعـد نجاح الـقصيدة في المواقــع الاجتماعيــة و حققـت نـسب مشاهــدات عـاليــة ، سيتــم إطــلاق سـراحـه بـعـد 48 سـاعـة مـن الإعتقـال خــوفا من تفـاقـم الأوضاع الأمـنيـة ، رغم أن صك الإتهــام تضمن عقوبـات قـد تصـل ل 20 سنـة سجـنــا…!!
و فــور خـروجه من السجـن سيُطالـب إيفـان بمواصلـة الاحتجاج الـمدني ، ضد أوضاع جعلـت من زمبـابـوي مـوغابي أســوء منطقـة في العالــم…!!
روبيــر مـوغابي أو ” الـرفيـق بُـوبْ ” كما يـلقبـه أصدقـاؤه ، حـوًل ” رُوديسْـيـا ” مـن بـلـد كان يُـعتبر مخـزن افـريقيـا للحبـوب و قـبلــة للسيـاح و نخبـة غنـيـة و تـعليــم جيـــد…إلى حُطـام دولــة أعْـيتْـهـا الحـرب الاهليـة الـتي ذهـب ضحيتهـا حــوالي 30 ألف ضحية , و تحـولـتْ الى دولـة زمبـابـوي كعنــوان للمصالحـة الـوطنيـة في دجنبـر 1979 ، و سيُـعـيـن رُوبيـر مـوغابـي رئيـسا للــوزراء سنة 1980 ثــم رئيـسا لــزيمبابـوي الى اليــــوم…!!
وهـو بــدايـة كتــابـة تـاريـخ صراع مـريـر حـول الـسلطة ، بــرر التـنكيـل و إغتيـال المعارضيــن ، إنتخـابـات مـــزورة و إستفتـاءات مغشـوشـة و مفصلـة على مقــاس الـدكتاتـور الـمفترس لإطالــة عـمره الـسياسـي…
الــدكتاتـور العجـوز ذو 92 سـنـة ، سيـتـفـنـن في تعـذيب معـارضيه و أتبـاعهـم على مـــدى ستـة ولايــات مـتتابعــة ، حيث لا صوت يعلــو على صـوت الـرصاص و آهــات الـتعذيـب…!
“مورغـان تسفـانجيراي” الـمعارض التـاريخي الأشهــر لمـوغابـي ، و زعيـم “حـركة الـتغييـر الـديمقراطـي” سينسـحـب في الــدور الـثاني لــرآسيـات 2008 بعــد اغتيــال حــوالي 80 من رفقــائـه و ستـعرف هــذه الانتخابــات تــزويـرا و تعنيـفــا غيــر مسبــوق…مما سينـتـج عنـه فــوضى عـارمة و اضرابـات شعـبيـة ستنـتهي بتـدخل منظمة الـوحدة الافـريقيـة في يــونيــو 2008 “بشــرم الـشيخ ” وإقـتـراح حكومـة وطنيـة ، أما مـورغـان فـقـد كـان يــرغـب في حكـومة انتقـاليـة تُـحضر لـدستـور جـديــد و انتخـابات نــزيهــة…
فـي فـبرايــر 2009 سيتــم تعيـيـن مــورغان رئيـسا للحكومـة ، و رغم ذلك لـم تـستطع هـذه الحكومــة تغييــر واقـع الـشعب الـزمبـابـوي ، مع مـلاحظة أن الـمنظمة الافـريقيـة لــم تـطلـع بــدور كبـيـر في حـل “الـمسألـة الــزمبابـويـة ” نظـرا لـقـوة الـعلاقـات الـفرديـة داخل الـمنطمة الافريقيـة و أيضا مجموعـة تـنميـة الجنــوب الافـريقي ، الـمسألـة الـزمبابـويـة تــداولتهــا أيضا الأمــم الـمتحدة وإجتماعـات روسيـا و الــولايـات الـمتحدة…!
” مـاغابـا ” بـلغـة قبـائـل الـشُـونـا الـزمبـابويـة ، تعنـي ” الـرجل الـمفترس ” و هــو لـقـب مـوغابي في بــلاده ، وهــو ليــس لــقب مجاني بـالمقارنـة مع الـحصيلة الكـارثيـة لأزيــد مـن 37 سنة من الحكــم بالـحديد و الــنار ، و حوَل بــلاده الى قطعـة يـصعب الــعيش فيهــا حيــث %83 من الشعب تـعيـش في حالــة فـقـر بـأقـل مـن دولاريْـن إثنيْـن في الـيوم ، و رُبْـع الــبلاد تـعيش أزمـة غــداء حـاذة ، كما أن مـوجـة الجـفاف ستـقضي على عشـرة آلاف رأس من الـبقـر و عـلى %75 من المحصول الزراعي ، أما خـزانـات الـمياه فـقـد فـقـدت أكثــر من %50 من سعتهــا ، مما سيـدفـع مـوغابي لإعــلان ” حـالـة الكـوارث الـطبيعية ” و يُـطالب المجتمع الــدولي بــالمساعـدة في فبـرايــر 2016 …!
و مــوغابي نـفسـه ، جعـل مــن العقوبـات الـدوليـة ضد نظـامـه سببــا في عــدم تنـظيـم وتقـويـة الـمجال الفـلاحي الذي خضـع لـخطة اصلاحية للمجال سنة 2000 حيث سيُـنـزع حـوالي 2900 ضيعـة فـلاحيـة مـن “الـفلاحيـن الـبيـض ” لتـوزيعهـا على الـفقـراء الـسـود..!
زمبابــوي موغابي، تحـل عليهـا الـكـوارث و الأوبـئـة مـن كـل حـذب و صـوب، فـفـي سنـتـيْ 2008 و2009 كـانت حصيلـة الأوبـئـة و الــكوليــرا ثقـيلــة وصلـت لحــوالـي 4000 قتـيـل زمبابــوي…أضف الى هــذا حــوالـي 2 مليـون مصاب بـــداء الـسيــدا…
مــوغابـي زبـون ثـقيــل عنـد كـل منظمـات حقـوق الانسـان الـدولية سـواء بخـرقـه لحقــوق الانسـان أو تـمسكـه الـغير الــديمقراطي بكـرسي الـرآسـة ، فـمنظمة الـعفو الـدوليـة ( أمنيستي ) مثــلا ، أصـدرت تقـريـرا حـول عمليـة الـتهجيـر أو الإفـراغ الـقسري لحـوالي 700 ألــف زمبـابـوي بتـاريخ مـــاي 2005… تـرتب عنهــا حرمـان الأطفـال من حــق الـتمـدرس…بـالاظـافة الى تقـاريـر حـول الـعنف ضد الـنساء و الاغتصاب والإغتيـالات الـسياسيـة…..!!
كـل هـــذا ، عجـل بالـهجرة الى الـبلـد الجـار الـغني، بُـوتْسـوانــا حيـث معـادن الـدهـب و الألـماس (تنتج حوالي %30 من الألماس في العالم ) ، و لأن قــطيع زمبـابـوي كثيــرا مـا يُصاب بــأمـراض معـديـة ، فـقـد عمـدت بــوتـسـوانـا سنة 2003 الـى بنــاء حـاجـز حـديــدي بطـول 500 كلم و بعلــو 2،5 متـــر، للحفــاظ على ســلامة قـطيــع بــوتـسوانــا من الأمــراض ، لكـن الـسبب الآخــر هــو منـع تـسلل المهاجريــن من زمبابــوي….
لكــل هـــذا ، فـاستقبـال موغـابي ( ماغامبا ) بمراكش بمناسبة كوب 22 ( نوفمبر 2016 ) من طرف جلالـة الملك محمد السادس كان غـايـة في النُـبـل و الـكـرم بـمده لـيـده للسـلام عليـه… لأن الـديكتاتـور مُـوغابي لا يستحـق الاحتـرام ، كما يُـمكننا اعتباره إحتجاجـا علنيـا لـيس لأن مـوغابي نـصير البـوليساريـو ، لأن المغـرب أكبـر مـن مـوغابي و حقـه في الـصحراء تـابـث بـالتاريـخ و الجغرافيـا ، بـل انطلاقـا مـن رسائـل جلالـة الـملك الانسانيـة نحو الـشعوب الافـريقيـة و عملـه الــذؤوب على تـنميتهـا… فقـد كانـت طريقـة الاستقبـال تـلك ، إحتجـاجـا علنـيـا و تضامنـا مـع الـشعب الـزيمبـابوي أمـام عــدسات العالــم ، ضد الـدكتاتـور موغـابي كآلــة للـقمع و الاغتيـال و الـتهجير ، جعلتـه فـاقــدا لكـل مصداقيـة دوليــة، لأن الـوقائـع أبانـت أنـه لا يُـمكنه الــدفاع أو تـبـريـر أفعـالـه الشنيـعـة ضد المعـارضة السياسية أو الاحتجاجـات الـمدنيـة بــزيمبابـــوي…
نكــاد نسمع صوت ” أيفـان ماواريري ” و نتفاعـل مع أداءه الصادق في قصيـدة ” هــذا الـعلــم ” و بـأن زيمبابـوي تحتـاج الآن الى الـتغييـر، فاللــون الأخضر لا يــرمـز فقـط للنبـاتـات ، بــل القـوة و الـقـدرة على الـدفع الى الأمـام من تحـت الأرض و تُــعانـق السمـاء لـتُـزهــر و تنمـو..هــذا أنــا.. هـذا علمي..
مــازال ” القس إيفـان ” مُـستمـرا في نضالـه الـمدني من أجل مستقبل أفضل ، و كثيـرا مـا شُـبـه بـأنـه لــوثـر كينــغ افـريقيــا ، فكـان يُـجيب أن لــوثـر ” لـديـه حُلـم” ، أمـا أنــا فـلــدي أفكـــار….