كيف أعالج هذا العبث الرهيب الذي يقتلنا..
سالوني عن المهاجر..
قلت: يومٌ يحتفلون به في البلد..
سالوني اي يوم هذا
قلت : يوم المهاجر..
سالوني عن من باليوم يحتفل..
قلت : مسؤولي البلد..
ضحكوا..وقالو: و..متى كان مسؤوليي البلد صادقون !
وقبل أن تتبعثر كلماتي وتتلاشى خطواتي، بحثت عن متنفس آخر لتغيير وضعي قبل أن يتجمد تفكيري..وتتخذر أطرافي ومفاصلي.
تنهدت بعمق..كيف أعالج هذا العبث الرهيب الذي يقتلنا.؟
صدق من سألوني..
من الصعب جدا بل من المؤسف حقاً أن تبحث عن الصدق في زمن غير صادق اهله !
سمعتهم هناك.. في يومهم اياه..”اليوم الوطني للمهاجر” يخطبون و يهللون ..”شبابنا في الخارج طاقات وتحديات ورهانات المستقبل”.. “المهاجر ثروة “، “سندافع عن حقوق المهاجر ” هذا مبدئنا ولن نقبل التراجع عن مبادئنا”..الخ..الخ من كلام جميل موزون ..معسل.
لكنهم، ومن وراء ظهرنا ومن وراء مرؤوسيهم المقصرين المشغولة عقولهم بمصالح أخرى شخصية ، ومشغولة أياديهم بمتطلبات التهييص والتصفيق، يعقدون صفقات اخرى سرّية تضمن لهم الاستمرار في مناصبهم وتضمن لهم طبعا أفضل الارباح وباقل الاسعار. فهم يعلمون جيدا انهم يستطيعون الاعتماد على “مهاجر” آخر لا يشبهنا .. “مهاجر” صنعوه لهم.. مفصوم متحد حول قوانين التخلّف والجهل والخبث والتكاذب ..”مهاجر” لا يشبهنا في شيء ، صنعوه لهم وهو بغالبيته لا يفكر ..لا يحلل ولا يختار، بل ينقاد فحسب.!!
تساءلت انا الآخر حول ما سر كل هذا الحماس الزائد وهم يتحدثون حول مصالح(نا)..مصالح” الجالية المغربية المقيمة في الخارج” كما يحلوا لهم ان يسموننا..؟ وهل فعلا أن هؤلاء لم يعودوا ينظرون إلى هذه “الجالية” كالبقرة الحلوب..كمصدر للعملة الصعبة وإنما كأداة مشاركة في التنمية المحلية أم ان تفاقم الأزمة المالية وارتفاع معدلات البطالة، وتقلص الفرص المستقبلية، وتراجع تحويلات أفراد الجالية المغربية طيرالنوم من عيون هؤلاء.
بدأ نعيق الغربان .. وبدأت الأرانب تحفر جحورها..
فبالله عليكم عن اي مهاجر تتكلمون ؟
نهبتم خيراته بل وخيرات كل البلاد والعباد .. دمرتموه .. شردتموه.. وفاقمتم من إفقاره .
أما آن لكم أن تتعقلون وبادمغتكم الصدئه ان تفكرون بما انتم بهذه السنوات من الشعارات كنتم فاعلون ؟
فبالله عليكم عن اي مهاجر تتكلمون ؟ .
مهاجر مهجّر رغما عنه .. كالملايين الاخرى المشتتة فى اقاصى الدنيا…”مهاجرون مغاربة” منتشرون في كل قارات العالم،حتى في أصغر الجمهوريات التي لا وجود لها على اي خارطة.
والحقيقة واضحة كوضوح الشمس ولا لبس فيها…مهجرون لكنهم وطنيون احرار اكثر منكم انتم الذين تتحدثون باسمهم..يحبون البلد حتى النخاع وملتصقون بالأرض .. يرفضون كل مستغل واجندته ..لا يصطفون مع العملاء ويرفضون برامجهم.. اضطروا لمغادرة البلد .. لم يتحملوا الظلم والاستبداد لمسؤولين مقيتين ومتسلطين على رقاب الناس.
نعم هم المهجرون..كل هذه الشرائح التي غادرت الوطن على مضض وتشتتت فى ارجاء المعمورة .
فبالله عليكم عن اي مهاجر تتكلمون ؟ .
فهل منكم فعلا من وقف ولو وقفة خاطفة على جانب من مشاكل هؤلاء الذين تسمونهم قسرا “مهاجرون” ووقفتم على معاناتهم اليومية. وهل من كل جمعياتكم ولجانكم ومجالسكم من فسر لكم يوما ان هذه المشاكل تعكس وجود هوة عميقة بين الطموح المعبرعليه في مشاريعكم و برامجكم وبين واقع الحال على أرض الواقع ، وهو ما ينمي الشعور لدى هؤلاء بأنكم وكل الحكومات المتعاقبة لا تهتمون إلا بعائداتهم المالية ولا تكلفو نفسكم حتى عناء الغوص في معيشهم اليومي والإحساس العميق بمعاناتهم اليومية.بل انكم اخترتم أن تنحون منحى مخالفا لخطاب ملك البلاد..وطبعا لن تجنون سوى هذا الاستياء العارم الكبيرالذي تعايشونه لدى “الجالية”، بل أن بعض أفرادها قرروا مقاطعة البلاد نتيجة لهذا الإقصاء الذي يمارس عليهم من طرف المسؤولين وكل هذه الحكومات المتعاقبة.. والبعض قرر الإمتناع عن الإستثمار في إطار حكومة وحكومات تمارس عليه الحيف في إنقاص حقوقه السياسية وحرياته العامة.
مشاكل الجالية يا سادة يا كرام ليست وليدة اليوم،سببها يرجع أساسا إلى مجموعة تراكمات، بين الجيل الأول والثاني والثالث والرابع وكل الأجيال الجديدة التي هي في الطريق .
صحيح أن هناك انفتاح ما وتقدم نلامسه، إذ استطاع “المغاربة” أن يربحوا رهان الاندماج في المجتمعات الأوربية وأن يحصلوا على اماكن مهمة للتمثيل في المؤسسات، بل هناك من وصل إلى درجة الاستوزار، إذ هناك تطور لا يمكن تجاهله …لكنه لازال أمرا ضعيفا الى حد ما.
هناك يا سادة يا كرام…مشاكل بالجملة.. اجتماعية، سياسية،اقتصادية، إدارية و..و… وغير ذلك.
صحيح لا ننكر ولا احد ينكر ان جهود ما تُبذل..لكن ايضا لا ننكر انها جهود كلها قائمة على مبادرات ذاتية تطوعية وهو ما يستدعي ضرورة الانتقال من العمل التطوعي إلى العمل المؤسساتي المدعوم ولما لا من طرف الدولة .
فلهذا المهاجر كل الحق في التمتع بحقوقه كاملة..مكمولة..في تمتيعه بالحق في المشاركة السياسية وتمكينه من اختيار من يمثله في مؤسسات الدولة ومراعاة تمثيليته في مختلف المجالس الاستشارية الأخرى.
هنا ياسادة يا كرام..نماذج متعددة منا، هنا الاطفال هنا الشباب، وهنا الكبار بالسن، هنا العمال، هنا التجار هنا الفلاحين وهنا من جاء للجوء السياسي ..هنا المتخصصين وذوي المؤهلات العالية والكفاءات، وهنا من جاء للدراسة ثم لم يعد،
هذه النماذج المختلفة ياسادة يا كرام تكاد – فعلا- تمثل نموذج “للبلد” بشكل مصغر بكل اختلافاته وتناقضاته.
وانتم…بالله عليكم عن اي مهاجر تتكلمون ؟ .