»
الاخبار المهمة »
خطاب جلالة الملك محمد السادس بمناسبة الذكرى ال 63 لثورة الملك والشعب:: المغرب اعتمد سياسية تضامنية لاستقبال المهاجرين (الأقاليم الجنوبية نموذجا).
العيون – خاص –
“يعد المغرب من بين أول دول الجنوب التي اعتمدت سياسة تضامنية حقيقية لاستقبال المهاجرين، من جنوب الصحراء وفق مقاربة إنسانية مندمجة تصون حقوقهم وتحفظ كرامتهم”.
من خطاب جلالة الملك محمد السادس بمناسبة الذكرى ال 63 لثورة الملك والشعب.
تصديــــــــر:
شكلت المقاربة الحقوقية الإنسانية والتضامنية، البعد الأساسي الذي اعتمدته اللجنة الجهوية لحقوق الإنسان في معالجة قضايا الهجرة واللجوء بالجهة، ومن بين أهم ما شغل اللجنة هو ضمان الحقوق الإنسانية الأساسية للمهاجرين واللاجئين في تجسيد لمبادئ وقيم حقوق الإنسان لاسيما عدم التمييز وصون كرامة الإنسان وتمتيعه بحقوقه بغض النظر عن انتمائه أو عرقه أو وضعيته.
ولعلها مناسبة نستعرض فيها تجربة اللجنة الجهوية لحقوق الإنسان بالعيون-السمارة في حماية وتعزيز حقوق المهاجرين وطالبي اللجوء، باعتبارها تجربة عملية وإنسانية ذات توجه تقدمي.
هذا العمل المتعلق بحماية وتعزيز حقوق المهاجرين في شقه القانوني، يأتي إعمالا للمقتضيات الدستورية في مجال حقوق الإنسان وحقوق الأجانب، وكذا الالتزامات الدولية للمغرب التي تكرسها مصادقته على مجموع الصكوك الدولية الخاصة بحماية حقوق الإنسان لاسيما العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية والعهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية واتفاقية مناهضة التعذيب واتفاقية حقوق الطفل واتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة والاتفاقية الدولية لحماية العمال المهاجرين وأفراد أسرهم والاتفاقية المتعلقة باللاجئين.
وانبنت هذه التجربة في سياق السياسة الجديدة للمغرب في مجال الهجرة، ففي شتنبر 2013 أصدر المجلس الوطني لحقوق الإنسان تقريرا حول الهجرة بالمغرب يحمل عنوان “الأجانب وحقوق الإنسان بالمغرب: من أجل سياسة جديدة في مجال اللجوء والهجرة”، وهو التقرير الذي تفاعلت معه الحكومة وقامت بوضع سياسية جديدة في مجال الهجرة تعتمد، وفقا للتوجيهات الملكية، على مقاربة شمولية وإنسانية تلتزم بمقتضيات القانون الدولي وتتبنى التعاون المتعدد الأطراف. وقد شكلت أولى مراحل هذه السياسة الإعلان عن انطلاق عملية تسوية استثنائية لوضعية فئات من المهاجرين الموجودين في وضعية غير قانونية بناء على جملة من المعايير بالإضافة إلى تنصيب اللجنة الوطنية لتتبع ملفات التسوية ودراسة الطعون.
وقد باتت الجهات الجنوبية، تشهد حركة، بل واستقرارا ملحوظا للأجانب القادمين من جنوب الصحراء، الذين دفعتهم الظروف الصعبة لمغادرة بلادهم، مما دفع اللجنة الجهوية لحقوق الإنسان بالعيون-السمارة، لإيلاء الأهمية الخاصة لهذه الفئة الهشة المندمجة بشكل عرضاني في برامج اللجنة وعملها اليومي.
وسعت اللجنة لضمان الحقوق الأساسية لهذه الفئة كالحق في الحصول على العلاج والولوج إلى العدالة ومناهضة التمييز وسوء المعاملة بتنسيق مع السلطات والمؤسسات العمومية المعنية، ومن جانب آخر عملت اللجنة على النهوض بثقافة قبول الاختلاف والتسامح والتعايش، من خلال جملة من التظاهرات الاجتماعية والإنسانية والأيام الدراسية…
المهاجرون في حالة توقيف مشمولون بضمانات دستورية كباقي المواطنين
إن هؤلاء الأجانب مشمولون بمجموع الضمانات الدستورية المناهضة للتمييز وسوء المعاملة والمحاكمات غير العادلة… إلخ، وكذا بالحقوق المخولة لهم المنصوص عليها في القانون الدولي.
واضطلاعا بدورها تقوم اللجنة الجهوية لحقوق الإنسان بالعيون-السمارة، فور علمها بإيقاف مهاجرين في وضعية غير نظامية ووضعهم بمراكز الاستقبال المخصصة لهم، بزيارة المهاجرين واصطحاب طبيب للاطلاع على أحوالهم ومراقبة معاملتهم، وتعمل بتنسيق مع السلطات العمومية والجمعيات العاملة في مجال الهجرة بتقديم كافة الخدمات والحاجيات (المرافقة بالمستشفيات، الحصول على العلاج والأدوية والمأكل والملبس والنظافة، الاتصال بعائلاتهم، والترفيه أيضا) خلال فترة إقامتهم بالمركز، خاصة وأن هؤلاء المهاجرون قد قضوا أياما معدودة بعرض البحر، وأصيبوا بأمراض كالتعفنات الجلدية وأمراض الأسنان وحالات أكثر تعقيدا كأمراض القلب والإجهاض.
وتدعو اللجنة مسؤولي السلطات العمومية (ولاية الجهة، الأمن والدرك الملكي) والمستشفيات الذين أبانوا عن تفاعلهم الإيجابي والفعال، إلى حظر كل شكل من أشكال العنف أو الذي قد يمارس عل المهاجرين في وضعية غير نظامية خلال عمليات التوقيف أو وضعهم رهن الاعتقال الاحتياطي، كما وتثير الانتباه إلى الحاجة لتحسين ظروف الإقامة بالمراكز المخصصة لاستقبال المهاجرين، وتتطلع اللجنة في هذا الصدد إلى إعادة ترميم وبناء مركز يستجيب لمعايير الجودة.
التعايش لم يكن صعب المنال عند المهاجرين المقيمين بالمنطقة.
كان لابد من إعطاء ظاهرة الهجرة ما تستحق من التفكير والبحث عن الحلول المنصفة والإنسانية لتحسين أوضاع المهاجرين والتحسيس بضرورة تغيير الصور النمطية والتمثلات تجاه المهاجرين. نذكر هنا أن العنصرية لم يكن لها مجال للوجود نظرا لروح الترحاب التي يتمتع بها ساكنة المنطقة.
واستنادا إلى الروح القائمة على الانفتاح والإشراك لدى اللجنة الجهوية لحقوق الإنسان، أقام رئيس وأعضاء وأطر اللجنة علاقات مع جاليات المهاجرين المقيمين بالمنطقة أساسها الاحترام والثقة والمتبادلين. وشاركوهم الاحتفال بمناسباتهم وأعيادهم الدينية والوطنية والعائلية، وخصصوا لهم تظاهرات رياضية وفنية أبرزوا فيها مواهبهم وباتوا يشاركون في التظاهرات الفنية التي تعرفها المدينة.
وقد تواصلت اللجنة بشكل مستمر مع فئة المهاجرين من خلال لقاءات عملية وودية داخل وخارج مقر اللجنة، وعلى موائد إفطار رمضانية لفائدتهم واستجابت لطلبات المساعدة والتدخل لدى المؤسسات العمومية، كل ذلك بهدف ترسيخ ثقافة التعايش وقبول الآخر. وساعدت هذه اللقاءات في الاستماع لهم والاطلاع عن قرب على أوضاعهم و تشخيص حاجياتهم.
التحسيس وإغناء النقاش العمومي من أجل النهوض بحقوق المهاجرين.
لعل السبيل الأمثل للتحسيس بقضايا المهاجرين هو عن طريق التشاور والإشراك الفعال للجمعيات النشيطة في دعم المهاجرين، لذلك ساهمت اللجنة من خلال كل أشكال التعاون الممكنة بين اللجنة والجمعيات العاملة في مجال حقوق المهاجرين، في دعم هذه الجمعيات في مواكبة أوضاع المهاجرين والترافع عن حقوقهم إلى تشجيع المبادرات والأنشطة الرامية إلى إدماج هؤلاء المهاجرين وتشجيع انخراطهم فيها.
وفي هذا الصدد، نظمت اللجنة بشراكة مع الجمعيات والمهاجرين المعنيين، لقاءات تحسيسية وأيام دراسية حول أهمية الانخراط الإيجابي في عملية التسوية الاستثنائية لوضعية المهاجرين في وضعية إدارية غير نظامية، وحق المهاجرين في تأسيس الجمعيات، وحول واقع حقوق المرأة المهاجرة، وأتاحت اللجنة للمهاجرين في المشاركة في المنتدى العالمي لحقوق الإنسان (نونبر 2014-مراكش).
وقد سعت اللجنة في إطار مواكبتها للمجهودات المبذولة من طرف المجتمع المدني من أجل إثراء النقاش العمومي حول مقاربات إعمال السياسة الجديدة للمغرب في مجال الهجرة واللجوء بالمغرب، إلى ترسيخ المقاربة الحقوقية كأساس للتعاطي مع إشكالية الهجرة.
مسؤولية الجميع.. خلق آلية جهوية لتتبع أوضاع المهاجرين.
أخذا بالواقع والمستجدات وبتحول المنطقة من بلد عبور إلى استقرار للمهاجرين، يفرض توفير بنيات استقبال اجتماعية لتسهيل اندماج المهاجرين في النسيج الاجتماعي والاقتصادي والثقافي المغربي. وهو الأمر الذي يتطلب مشاركة كل الفاعلين، لذلك بادرت اللجنة الجهوية لحقوق الإنسان بالعيون-السمارة، إلى إحداث آلية جهوية لحماية حقوق المهاجرين والنهوض بها، من أجل العمل بشكل مشترك لبلورة مخطط عمل ضامن للحقوق وقائم على إدماج جميع المتدخلين من سلطات ومؤسسات عمومية والمجتمع المدني.
وتهدف هذه الآلية الجهوية إلى توطيد التنسيق بين مختلف الفاعلين، ووضع سياسة لإدماج هؤلاء المهاجرين وأفراد أسرهم في مجال السكن والصحة وتمدرس الأطفال والتكوين والشغل.
ويتم حاليا، استعدادا للدخول المدرسي، التحسيس بأهمية تسجيل أبناء المهاجرين في المدرسة العمومية، وتعمل اللجنة بالتعاون مع جمعيات المهاجرين المقيمين بالمنطقة على جرد الإحصائيات من أجل تسهيل عملية تمدرس أطفال الأجانب، ورصد الصعوبات والإكراهات التي تحول دون ذلك.
ولا يمكن إغفال دور المنتظم الدولي في التعاون من أجل إرساء سياسة فعلية لإدماج المهاجرين المستوفين لشروط تسوية الوضعية، ومن جانبها تتعاون اللجنة الجهوية لحقوق الإنسان مع المنظمات الدولية المهتمة بالهجرة، أبرزها مجموعة مناهضة العنصرية والدفاع ومواكبة الأجانب والمهاجرين (GADEM)التي تستشهد بآراء اللجنة في تقاريرها حول وضعية المهاجرين بالمنطقة، كما تحيل المجموعة طلبات التدخل والمساعدة لفائدة المهاجرين من أجل إجراء اللازم.
ماذا بعد؟
تتطلع اللجنة الجهوية لحقوق الإنسان، تفعيلا لتوصيات المجلس الوطني لحقوق الإنسان بخصوص الهجرة واللجوء في المغرب، إلى بلورة برامج تكوين وتحسيس موجهة لموظفي الإدارات المكلفة بمسألة الهجرة (قوات الأمن، شرطة الحدود، موظفو السجون، القضاة، الأطر الصحية… إلخ).
يدعو المجلس الوطني لحقوق الإنسان وسائل الإعلام والصحافيين المغاربة إلى الامتناع عن نشر أي خطاب يحث على عدم التسامح والعنف والحقد وكراهية الأجانب والعنصرية ومعاداة السامية والتمييز إزاء الأجانب ومحاربة الصور النمطية والخطابات السلبية حول الهجرة، والمساهمة بشكل فعال في تحسيس الساكنة حول العنصرية وكراهية الأجانب.