وفي كلمته الافتتاحية خلال هذا اللقاء ذكّر الأمين العام لمجلس الجالية المغربية بالخارج، عبد الله بوصوف، بدور المجلس في تشبيك الشبكات وكصلة وصل بين الجامعات المغربية والباحثين المغاربة عبر العالم، وهو ما جعل المجلس منذ البداية يرتبط بشراكات علمية مع مجموعة من الجامعات المغربية.
وبعد أن سلط الضوء على مجموعة من الاختلالات في مجال الشأن الديني في أوروبا التي سجلها مختلف المشاركين في اللقاءات السابقة، خصوصا فيما يتعلق بغياب الإنتاجات العلمية الداعمة للنموذج الديني المغربي في أوروبا، دعا بوصوف الأساتذة والباحثين في مختلف الجامعات المغربية إلى العمل الى ملء هذا الفراغ وإنشاء محتوى حول النموذج المغربي في التدين للاستجابة لمتطلبات الجالية المغربية في هذا المجال، مبرزا استعداد المجلس لدعم ومرافقة إنجاز هذه الأعمال العلمية التي تفرضها الوضعية الحالية.
وجدد الأمين العام لمجلس الجالية المغربية بالخارج الدعوة إلى إبراز مكونات الشخصية المغربية وعرض الجوانب المهمة منها لتعميم المعرفة وإنتاج أدوات معرفية تستهدف جميع الفئات، خاصة الشباب المغربي المتواجد في أوروبا؛ مشددا على أن التنافسية في عالم معولم “تفرض علينا تقديم منتوجنا الفكري والمعرفي وطرحه في السوق الثقافية العالمية باعتباره نموذجا صالحا في ظل النزاعات التي نعيشها الآن، وبالنظر إلى حاجة الإنسانية إلى نموذج مبني على الوسطية والاعتدال واحترام الآخر”.
من جهة أخرى تحدث عبد الله بوصوف عن أهمية تقديم الأعلام المغاربة الذين كان لهم دورا بارزا في تاريخ الإنسانية ويجسدون ثوابث الشخصية المغربية في مختلف سيروراتها عبر التاريخ، وكذا قراءة المواد المتواجدة في التراث المغربي من الناحية الدينية والثقافية لنستطيع أن نقدمها الى الآخر بوسائل وتقنيات حديثة تستجيب لمتطلبات العصر، باعتبارها تجربة من تجارب الإنسانية المتعددة والمتنوعة.
وفي نفس الإطار اعتبر الأمين العام لمجلس الجالية المغربية بالخارج، أن الفقه المالكي يتميز بمرونة تسمح باستنباط أحكام تستجيب للمتطلبات المتغيرة وقد يكون هذا المذهب جسرا للمصالحة بين الغرب والعالم الإسلامي إذا ما تم الاشتغال على أعلامه والمادة العلمية المتوفرة فيه.
من جانبه قدم جواد الشقوري، مكلف بمهمة بمجلس الجالية المغربية بالخارج، خلال هذه الجلسة التي سيرها الدكتور مصطفى المرابط، عرضا للتذكير بالإتفاقيات التي أبرمها المجلس مع الجامعات المغربية بهدف إشراك الجامعة والمؤسسات العلمية المغربية في التفكير والبحث بخصوص القضايا المتعلقة بالإسلام في أوروبا، وتكوين الأطر الدينية وإشكاليات الهوية والاندماج في بلدان الاستقبال.
ونوه الشقوري بتوجه بعض الجامعات المغربية الى احداث ماسترات ووحدات دكتوراه خاصة بقضايا الاسلام في أوروبا والحوار الديني والحضاري، مبرزا أن نتائج هذا التوجه لن تكون في مستوى التحديات المعرفية القائمة دون الاستعانة بأهل الخبرة في هذا المجال، وتسلح الباحثين بالأدوات المعرفية العلمية القادرة على الإحاطة بموضوع البحث، والإدراك العميق للحاجيات الحقيقية للجالية المغربية وكذا لطبيعة التحولات التي تعرفها هذه الجالية والظواهر المرتبطة بها.
وعرفت الجلسة الافتتاحية لهذا اللقاء التشاوري مداخلات لكل من مدير مؤسسة دار الحديث الحسنية، وعميد كلية أصول الدين بتطوان، وعميد كلية الآداب والعلوم الإنسانية بتطوان، وعميد كلية الآداب والعلوم الإنسانية بمراكش، وعميد كلية الآداب والعلوم الإنسانية ببني ملال.
ويندرج هذه اللقاء الذي يشارك فيه جامعيون وأكاديميون ينتمون إلى عدد من الجامعات المغربية، وعدد من الفاعلين والباحثين في قضايا الإسلام في أوروبا، في إطار رغبة المجلس في الانفتاح والتعاون مع الجامعات المغربية من أجل التفكير المشترك بخصوص الأسئلة المرتبطة بالدين والهوية التي تواجه الجالية المغربية في أوروبا.