بعد الانفجارات التي وقعت بمدينة الاضواء – باريس – مؤخرا . سقطت أوراق كثيرة على أرض الواقع . والمقال يمكن أن يتسع لبحث كبير , خاصة وأن الحدث يحرك أشياء كثيرة , البعض منها ظاهر والاخر مبيت , والباقي يفضي الى تغير صور نمطية في المجتمات بشكل عام , وهو أمر خطير للغاية .
كما سبق الذكر الحدث كبير جدا وتداعياته لها أبعاد كونية , والاشكالية الكبيرة أن هذه الانفجارات تتداخل فيها كثير من الاشياء , لكن هذا لا يمنع من تطويق الموضوع ولو بشكل أولي .
هذه لائحة المؤثرات في الموضوع بشكل مباشر وغير مباشر .
1 – من يقف وراء هذه الانفجارات بشكل مباشر ومسؤول ؟
2 – ما هية مدى نجاعة الامن والاستخبارات الفرنسية تجاه هذه الاحداث ؟
3 – ما هي الاكراهات التي تواجهها الجاليات المسلمة انطلاقا من تداعيات الانفجارات ؟
4 – ماهو دور العالم الاسلامي في مثل هذه الوقائع ؟
5 – ماهي مسؤولية المنظمات الدولية ومنظمات حقوق الانسان خاصة حماية الاقليات ؟
6 – ماهو دور الاعلام العربي تجاه هذا الحدث ؟
7 – ما هي علاقة الدولة الاسلامية – داعش – بالاسلام , ومدى تشويهها لصورة الاسلام والمسلمين خاصة الجاليات المسلمة باروبا ؟
8 – ماهي السبل البديلة للتبرء من عمل أتباع الدولة الاسلامية وسرعة التعجيل لحماية الاقليات المسلمة منها ؟
9- من المسؤول عن صيانة صورة الاسلام في العالم ؟
10 –ما هي قدرة الاعلام الغربي على التفريق بين ما هو اسلامي, وبين من يدعي الاسلام ؟
بادء ذي بدء وجب التذكير أن الانفجارات كيفما كان نوعها ومكانها فهي محرمة وغير مقبولة بتاتا , هذه الانفجارات يعتمد عليها الاشخاص العاديون المنتمون لجماعة , أو حزب , أو طائفة , كما تعتمد عليها في بعض الحالات مؤسسات الدولة أحيانا ضد دولة أخرى بهدف فرض سياسة مخالفة .
الموضوع الذي نطرحة اليوم هو موضوع شمولي, بالطبع سوف لن نتطرق فيه الى مكان الانفجار, أو وقت الانفجار, أو طريقة الانفجار , لكن الموضوع يعالج تصور شامل لمسالة الارهاب والطريقة التي دأب عليها الاعلام الدولي والمجتمعات بحكم الثقافة السائدة ,وقوة القوى العظمى التي تفرض تصوراتها على العالم .
حتى يستوعب القارئ الرسالة كاملة , نحن ضد العنف والارهاب والاضطهاد والتهميش وجميع أنواع الاحتقانات الاجتماعية , لكن وجب الاقرار أن الاعلام الغربي يتابع عن كثب الارهاب حينما يقع في ارويا ويتغاضى عنه في مناطق أخرى من العالم .
الارهاب مثلا عندما يقع في افريقيا السوداء , أو آسيا – بورما – أو الشرق الاوسط – فلسطين وأفغانستان وسوريا والعراق ولبنان – فان التضامن يبقى ضعيفا على جميع المستويات , رغم أن الارهاب اٍرهاب أينما وقع , وهو الامر الذي يشرح أن الارواح في أروبا تساوي كثيرا , بينما رخيصة في باقي بقاع العالم الاخرى .
الامر المحير هو أن قادة معظم الدول يتسارعون للتضامن كلما حل بأروبا اٍرهاب , أو حادثة, أو كارثة طبيعية ,أو وباء قاتل ,علاوة على أن كثيرا من المواطنين في العالم ينساقون وراء هذا المعطى , وذالك لاسباب عدة منها انتشار مبادء الثقافة والحضارة و مستوى العيش الذي وصلت اليه اروبا والذي يرغب فيه كل انسان .
مؤخرا رحبت أروبا باستقبال اللاجئيين الهاربين من ويلات الحرب والدمار والارهاب الجماعي المنظم , وتم توزيعهم في مخيمات احتياطية في انتظار ايجاد مئوى فردي لكل واحد , وموازاتا مع ذالك تعالت أصوات حركات مناهضة لسياسة الهجرة واللجوء وأسلمة أروبا , وقد تعرضت بعض المخيمات الى حرائق من طرف متطرفيين , لكن الاعلام لم يلق الضوء الكافي على هذه الاحداث . هذه الحركات لها أتباع في أروبا وهي تجاهر بعدائها للاجانب والاسلام بدون حرج وبدون خوف .
نحن الان أمام مفترق الطرق كجالية مسلمة في أروبا , حيث لا توجد هيئة اسلامية في مستوى الدفاع والمرافعة عن الاقليات المسلمة التي تعيش باروبا . ولا توجد بلدان عربية مسلمة ترقى الى خلق مجالس للتباحث والتنسيق والتواصل مع المسؤولين في الاتحاد الاروبي لطرح البداءل بصورة جدية . لان هذه الانفجارات الاخيرة سوف تكون تداعياتها بشكل مباشر على الجاليات المسلمة باروبا , وسوف تكون بمثابة ترويج لثقافة العداوة عوض التعايش في جميع المجتمعات .
اٍذن اشعاع الكراهية ضد الاجانب باروبا خاصة المسلمين رغم أن أتباع- داعش – نصفهم أجانب ,ورغم أنهم يتحايلون على الدين بطرق ملتوية , لكن الحركات الاروبية سوف تزكي مبادئها انطلاقا من هذه الاحداث وانطلاقا من ديانة من قام بالانفجارات .
الحق يقال , ليست الدول العربية والاسلامية وحدها هي التي يقع على كاتفها مسؤولية حماية الاقليات, لكن المنظمات الدولية بما فيها هيئة الامم المتحدة كان عليها ان تتحرك لتوعية العالم بان الدولة الاسلامية أو ما يطلق عليه- داعش – لا تمث باي صلة بالاسلام والمسلمين , اٍنما هي عصابة مدججة بالسلاح والعتاد شعارها زرع الفتنة والرعب في صفوف الناس , والخطير في الامر أنها تحاول استقطاب الشباب المتذبذبين في حياتهم بافكار خاطئة من جميع بقاع العالم .
محمد بونوار