ألقى العاهل المغربي الملك محمد السادس خطابا  بمناسبة عيد العرش , والذي يصادف 30 يوليو من كل سنة , تناقلته وساءل الاعلام بكل ألوانها .

وكما جرت العادة كان المواطنون المغاربة يترقبون هذا الخطاب الذي دأب الملك على اٍلقائه , لانه يحمل في طياته الجديد في السياسة, ويقوم بجرد لحصيلة  المشاريع الكبرى, ويعطي توجيهات جديدة  في السياسة العامة المغربية .

لكن هذه المرة فاجئ الخطاب المغاربة قاطبة , حيث انتقل الملك الى تعرية الواقع في العالم القروي والتعليم والصحة , وخصص حيزا كبيرا  لمغاربة العالم , وندد بعمل بعض القناصلة والموظفين الذين لا يحترمون أفراد الجالية المغربية, وركز على تطبيق مقتضيات الدستور لتفعيل الحياة السياسية  , وأشار الى اٍعادة مجلس الجالية بصفته المؤسسة الرسمية التي تمثل مغاربة الخارج , كما حث على اٍيجاد استراتيجية مندمجة لخدمة الجالية  المغربية .

الاستنباط الاول من الخطاب الملكي هو أنه لم يتظمن أي اشارة , الى القوى السياسية من أحزاب أو نقابات أو هيئات او مؤسسات والتي من المفروض أنها قوة اقتراحية فيما يخص البرامج والتصورات والدراسات , أو ما شابه ذالك , وهو ما يعني أن هناك فراغ سياسي كبير في وسط الاحزاب المغربية , ويظهر ذالك جليا من تقلص ما يسمى بالمعارضة التي تراجعت كثيرا في العطاءات , وذالك بسبب الفقر السياسي لبعض الامناء .

الاستنباط الثاني , ربما يكون هذا الخطاب هو الاول من نوعه حيث تطرق الى معاناة المواطنين المغاربة في العالم القروي , والاحياء الهامشية , والتعليم والصحة ومشاكل الجالية المغربية .

الاستنباط الثالث , هو أن هذه المعاناة توصل اليها الملك من خلال زياراته المتتالية الى الخارج , أو من داخل المغرب , وهو ما يعني أن الموظفين الذين من المفروظ أن يبلغوا بهذه التصرفات الغير المهنية لبعض القناصلة والدبلوماسين والقياد ورؤساء الجماعات  , لم يرفعوا  أي تقرير عن هذه المشاكل  .

الاستنباط الرابع , الرقابة بالمغرب لا ترحب بالاعمال التي تعري عن المأسات والمعانات كيفما كانت , بقدر ما ترحب بأصحاب الثناء والاعمال البسيطة , وبهذا يكون الملك قد خرج عن المعهود وتجاوز الحدود  في الخطاب السياسي الذي كان متعارف عليه سابقا .

الاستنباط الخامس , بهذا الخطاب يكون العاهل المغربي قد رسم حدودا جديدة للخطاب السياسي, والذي ظل لسنوات عديدة يميل الى ماهو ايجابي , دون الوقوف , او الاشارة الى الخصاص والحرمان من بعض البنيات التحتية الضرورية في بعض المناطق و الجهات, من جهة ثانية , جميع الاعمال التي كانت تنقل الواقع , كان ينظر الى أصحابها كمشاكسين ومحرضين على الفتنة . لكن مع هذه المبادرة الملكية في النقد البناء , ربما سوف تتغير السياسات المتبنية في مسألة الخطوط التحريرية .

 

من خلال هذا الخطاب الملكي يظهر أن العزم قد أستقر على الاصلاح الحقيقي , حيث يعتبر هو المخرج الوحيد للنهوض بالبلد مع ارصاء المساوات على مستوى البنيات التحتية حتى يستفيد جميع المواطنين المغاربة من التنمية .

بدون شك , رفع خطاب الملك حواجز الحدود في ابداء الرأي ونقل الواقع المعاش وما يحمله من مشاكل واكراهات اجتماعية واقتصادية وسياسية وثقافية , ومن غير المستبعد أن هذه الخطوة سوف تفتح المجال لكثير من المثقفين لترجمة ما يخالجهم من تصورات وارتسامات في قطاعات مختلفة .

حسب ما صرح به العاهل المغربي  في خطاب العرش لهذه السنة , هناك برامج كثيرة تنتظر الحكومة المقبلة , خاصة وأن المغرب مقبل على انتخابات تشريعية  قبل متم السنة الحالية .

محمد بونوار