ودعت مراكش ضيوف مهرجانها الدولي للفيلم الذي اختتمت فعاليات دورته 13، بقصر المؤتمرات، بتسليم الجوائز، بعد تسعة أيام من الفعاليات السينمائية.
وقد فاز الفيلم الكوري الجنوبي “هان كونك جو” للمخرج لي سو جين بالنجمة الذهبية (الجائزة الكبرى) للمهرجان الدولي للفيلم بمراكش، الذي اختتمت فعاليات دورته الثالثة عشرة وانتزع الفيلم الجائزة الكبرى للمهرجان في مسابقة عرفت مشاركة 15 فيلما، مثلت جغرافيات سينمائية مختلفة.
ويتناول الفيلم المتوج قضايا متعددة كالاغتصاب وإهمال الوالدين لأبنائهم والخوف. ويجمع المخرج الكوري الجنوبي لي سو جين الذي كتب بنفسه سيناريو هذا الفيلم، بين هذه الموضوعات في قصة هذا الشريط بأسلوب سردي متناسق، عزز جماله قوة أداء الممثلين والتصوير الرائع والإيقاع المتوازن للشريط.
وتدور أحداث هذا الفيلم، حول “هان كونج جو” وهي فتاة مراهقة اضطرت إلى تغيير مدرستها لأن والديها أصبحا غير قادرين على رعايتها، لينتهي بها المطاف بالعيش مع والدة أحد أساتذتها التي سترفض في البداية استقبالها، لكنها ستغير رأيها فيما بعد عندما تكتشف أن الفتاة ضحية إهمال والديها. وفي إطار هذا الظرف الجديد الذي فرض نفسه عليها، ستقرر “هان كونج جو” الاعتماد على نفسها لمواجهة حياتها الجديدة ، والتألقم مع وضعها، وستجعل من السباحة هوايتها المفضلة ومتنفسا لها.
وتتوالى أحداث الفيلم ليكتشف المشاهد بعد ذلك أن “هان كونج جو” ضحية عملية اغتصاب جماعي وضحية ظروف وأخطاء والديها اللذين أهملاها وانشغلا عنها ، حتى تورطت في هذه القضية التي ستتعقد أكثر عندما تقدم صديقتها على الانتحار.
يذكر أن لجنة تحكيم الأفلام الطويلة للدورة ال13 للمهرجان الدولي للفيلم بمراكش، التي ترأسها السينمائي الأمريكي مارتن سكورسيزي، ضمت المخرجة المغربية نرجس النجار والممثلات الأمريكية باتريشيا كلاركسون، والفرنسية ماريون كوتيار والإيرانية غولشيفتيح فرحاني، والمخرجين الألماني -التركي فاتح أكين، والمكسيكي أمات اسكلانت، والهندي أنوراغ كاشياب، والكوري الجنوبي بارك تشان-ووك، والإيطالي باولو سورينتينو.
وقد فاز فيلم “باد” لأيوب الهنود وعلاء أكعبون (المدرسة العليا للفنون البصرية بمراكش) بجائزة أحسن فيلم خلال مسابقة الأفلام القصيرة لطلبة مدارس السينما بالمغرب، وذلك في إطار الدورة 13 للمهرجان الدولي للفيلم بمراكش.
ويحكي فيلم “باد” الذي مدته 22 دقيقة قصة شاب أبكم وأصم يعاني من أجل تجاوز إعاقته في عالم عنيف وغير متسامح، في حي هامشي عشية الانتخابات، صمايكة، شاب أصم وأبكم، يجد نفسه بين هواجسه واحتياجاته الخاصة وصعوبات التواصل مع محيطه، ويغوص شيئا فشيئا في عالم من العنف وعدم التسامح .
وعرفت هذه المسابقة، التي تنظم للمرة الرابعة، مشاركة عشرة أفلام تمثل مؤسسات مختلفة للتكوين في المهن السينمائية، هي بالإضافة إلى الفيلم الفائز، “إخوة في النظام”، و”خروج”، و”صباح غريب”، و”الفائز”، و”غول”، و”حرية محجوزة”، و”سلالة”، و”نيكوتين”، و”أوروبوروس، “. وأعرب أعضاء لجنة تحكيم المسابقة عن انبهارهم بإبداعية ونضج الأعمال المشاركة والتي تبشر بمستقبل واعد للسينما المغربية. وفي التفاتة فريدة، أدى أعضاء اللجنة الرقصة الشهيرة لأغنية “باد” للمغني الراحل مايكل جاكسون.
وتعتبر الجائزة الكبرى لأفضل فيلم قصير “سينما المدارس” هبة خاصة، يمنحها صاحب السمو الملكي الأمير مولاي رشيد، رئيس مؤسسة المهرجان الدولي للفيلم بمراكش، وتبلغ قيمتها 300 ألف درهم، يتم رصدها لمخرج الفيلم الفائز من أجل إنجاز شريطه القصير الثاني.
ويجري تدبير مبلغ الجائزة من قبل مؤسسة المهرجان الدولي للفيلم بمراكش، التي ترافق عملية إخراج الفيلم في غضون ثلاث سنوات، من خلال متابعة مختلف أطواره، بدءا من كتابة السيناريو وصولا إلى مرحلة التوضيب.
وقد ضمت لجنة تحكيم الأفلام القصيرة، التي ترأسها المخرج المغربي نور الدين لخماري، الممثلة الفرنسية استريد بيرغيس فريزبي، والمخرجة الإيطالية وكاتبة السيناريو كريستينا كومانشيني، والكاتب والمخرج الأفغاني عتيق رحيمي، والممثلة والمخرجة الفرنسية سيلفي تيستود.
إجمالا يمكن القول أن الدورة حققت نجاحا باهرا من حيث التنظيم وجودة الأفلام المشاركة وكانت منافسة عالية المستوى في إطار المسابقة الرسمية للأفلام الطويلة، تجارب ومسارات سينمائية في إطار دروس السينما (الماستر كلاس)، فقرات تكريم لنجوم وصناع سينما بارزين، والتفاتة تشجيع للمواهب الشابة في إطار مسابقة الأفلام القصيرة لطلبة المدارس. تسعة أيام حافلة من عرس الفن السابع في عاصمة النخيل.
وإن كانت الدورة 13 قد كرست رهان الاستمرارية ورسخت هوية مهرجان يحتفي بالتنوع واكتشاف مدارات إبداعية جديدة، فإن التحضيرات للدورة المقبلة تبدأ مباشرة بعد إسدال الستار، ضمانا لإشعاع مستديم لهذا الحدث الفني الذي يضع المغرب على خريطة الفن السابع في العالم.
وسجلت الدورة بداية قوية بتكريم نجمة هوليود الأمريكية “شارون ستون” التي حظيت بشهادة قوية من لدن المخرج الأمريكي مارتن سكورسيزي، الذي ترأس لجنة تحكيم المسابقة الرسمية.
كما احتفى مهرجان مراكش بالممثلة الفرنسية “جولييت بينوش” والمخرج والسيناريست الياباني كوري “إيدا هيروكازو” والمخرج والمنتج الأرجنتيني “فيرناندو سولاناس”، إضافة إلى الفنان المغربي “محمد خيي”.
وعلى درب انفتاحه المتواصل على أقصى تخوم الإنتاج السينمائي، وقعت الدورة 13 لحظة تكريم للسينما الاسكندنافية، تميزت بحضور وفد رفيع المستوى يمثل صناعة السينما في الدنمارك والسويد وفنلندا والنرويج. وعرفت المسابقة الرسمية للدورة مشاركة 15 فيلما مثلت تجارب ومدارس سينمائية مختلفة. وكانت جل الأفلام المنتقاة للمشاركة في المسابقة عبارة عن أعمال أولى أو ثانية، الأمر الذي ينسجم مع رهان إدارة المهرجان على اكتشاف أساليب وتجارب إبداعية جديدة في الفن السابع.
وسجلت السينما المغربية حضورها في المسابقة من خلال عملين في إطار الإنتاج المشترك. ويتعلق الأمر بفيلم “حمى” (فييفر) وهو إنتاج مغربي فرنسي من إخراج هشام عيوش. أما الفيلم الثاني فهو “خونة” (ترايترز)، من إنتاج مغربي أمريكي، وإخراج شين غوليت. وحضرت السينما المغربية في قائمة التتويج من خلال فوز الفرنسي سليمان دازي بجائزة أحسن ممثل للدورة عن دوره في فيلم “الحمى” للمخرج المغربي الفرنسي هشام عيوش.
وشملت باقي قائمة أفلام المسابقة الرسمية أفلام “أكان” (مرة أخرى) من اليابان و”باد هير” من فينزويلا و”بلو روين” من الولايات المتحدة و”هانغ جونغ جو” من كوريا الجنوبية و”فندق (هوتيل)” من السويد و”الآن، هذه حياتي” من بريطانيا و”إيدا” من بولندا و”المسيرة” (لامارش) من فرنسا و”ميدياس” من الولايات المتحدة وايطاليا والمكسيك و”ذيغامبلر” من ليتوانيا وليتونيا و”المسبح” من كوبا وفينزويلا و”ذوويشفولثينكرز” من اسبانيا و”عاشت الحرية” من إيطاليا.
كما اقترح مهرجان مراكش مجموعة من الأفلام خارج المسابقة الرسمية، عكست تنوع التجارب والرؤى في الإبداع السينمائي العالمي، ووطدت انفتاح المهرجان على مختلف فضاءات المدينة.